كان الحمار يغط فى نوم عميق، يحلم بأنه صار ملكاً للغابة، بينما سرت شائعة قوية بين سائر الحيوانات عن قرب رحيل الأسد، الذى يعكف حالياً مع مجموعة من مستشاريه على اختيار من يخلفه.
وهنا، حرّض المستشارون الأسد على اختيار "الحمار"، وقبل أن يستغرب ويستنكر ذلك الاختيار، كان أحدهم بدأ إقناعه بأن الحمار هو الأنسب، لأن القدر لن ينجب مثله، وأن حيوانات هذه الغابة لا ينفع معها سوى "حمال أسية"، يستطيع التعايش مع مشكلات "الحيوانات"، التى لا تنتهى.
وبدا على الأسد اقتناعاً بوجهة النظر هذه، فما لبث بقية المستشارين، أن أخذوا فى التحريض على نفس الاتجاه، وهم يضمرون فى أنفسهم شيئاً واحداً، هو أن التحكم فى الحمار، ومن بعده الغابة، سيكون سهلاً، وكم كانت الفرحة بداخلهم عندما اقتنع الأسد بوجهة نظرهم، وأصدر قراراً بتعيين الحمار خليفة له ، وملكا للغابة.
استيقظ الحمار على صوت هاتفه المحمول، لا يظهر رقم على الشاشة، لأن الاتصال من تليفون خاص. رد الحمار مفزوعاً، فإذا به يتلقى كلمات فى صمت وذهول تامين، وبعدها نفض عن نفسه كل مظاهر النعاس دفعة واحدة، وألقى بنفسه تحت مياه المطر، وأخذ يركل بقدميه الخلفيتين، ليتأكد أن ما سمعه كان حقيقة، وليس استكمالاً لحلمه .. وأنه أصبح ـ بالفعل ـ ملكاً للغابة.
ومباشرة، بدأ الحمار فى ممارسة مهام منصبه الجديد، أخذ يقول للجميع، وفى المقدمة منهم المستشارين، إنه سيستمع إلى جميع وجهات النظر، وسينفذ كافة النصائح التى ستسدى إليه، طالما كانت فى صالح الغابة، ولكنه شيئاً فشيئاً .. ومع مرور الأشهر والسنين، لم يعد يأخذ سوى برأيه منفرداً، وشيئاً فشيئاً أيضاً أخذ "يزأر" بكل قوته قائلاً: "أنا ملك الغابة الوحيد".
إن ما حدث ليس حال الحمار وحده، وإنما حال كل حمار يتولى مسئولية مؤسسة ما فى هذا البلد، وهو لم يكن أهلاً لها من البداية، يبدأ ناعماً ومطيعاً كالحمار، وينتهى به الحال خشناً ومتهوراً مثل الأسد .. ولكن شتان بين الأسد والحمار.