بعد قرار الرئيس مبارك بتحديد يوم الثامن من أبريل القادم لإجراء الانتخابات المحلية حسم الجدل حول مصير الانتخابات وكيفية إجرائها ومدى صلاحيات المجالس الشعبية المنتخبة، كان الإعلان عن تعديل قانون الإدارة المحلية سبباً فى تأجيل الانتخابات لمدة عامين فى أعقاب انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، بدعوى إعطاء فرصة لتغيير قانون المحليات لمنحها صلاحيات أكبر، وبدأت تصريحات قادة الحزب تبشرنا بعصر "اللامركزية"، وطبيعى أن نستمع لوصلة إدانة للمركزية وسوءاتها على الحياة العامة فى بلادنا.
وطوال العامين لم نر أى تغيير فى القانون حتى وجد قادة الحزب أن الوقت مر كالعادة، فتقرر إجراء الانتخابات طبقاً للقانون القديم، والمشكلة لا تكمن فقط فى التراجع عن تنفيذ الوعود بتغيير القانون وإنما تشمل بقاء الحال كما هو عليه فى المحليات التى وصف الفساد فيها بأنه "للركب" فى تصريح للدكتور زكريا عزمى منذ سنوات.
القانون الحالى للإدارة المحلية فى مصر يؤكد أنها امتداد للسلطة المركزية، فالصلاحيات المتاحة للمجالس الشعبية المنتخبة تكاد تكون معدومة بعد سحب حق الاستجواب من هذه المجالس أو المساهمة فى تحديد أو توزيع الميزانيات المتاحة، لذا فإن الحديث حول الانتخابات المحلية والاستعدادات الجارية لها والمنافسة بالمطاوى بين راغبى الترشيح فى الوطنى، وإعلان الإخوان عن خوضهم هذه الانتخابات لا تمثل فى الواقع سوى إعادة إنتاج للواقع السيئ للمحليات فى مصر وللحياة السياسية بشكل عام.
ولا ينبغى تجاهل أن الانتخابات ستجرى فى ظل قانون الطوارئ الذى يتناقض مع أى ممارسة انتخابية أو ديمقراطية، كما ستجرى فى ظل الإشراف الكامل لوزارة الداخلية على العملية الانتخابية، بعد تعديل المادة 88 من الدستور التى ألغت الإشراف القضائى على الانتخابات، وستكون محصلة الانتخابات، فوز ساحق ماحق لمرشحى الحزب الحاكم ولن يكون ذلك سوى حلقة جديدة من مسلسل هزلية الانتخابات فى بلادنا، وتكريساً للحكم المركزى.
يبدو أن الإصلاح الحقيقى مازال مؤجلاً حتى يمكن تغيير المناخ السياسى والاقتصادى بما يسمح بمشاركة شعبية حقيقية وانتخابات حرة ونزيهة كما يحدث فى بقية دول العالم التى تحترم إرادة مواطنيها ولا تستمتع بتزويرها وتزييفها فى خمس أو سبع سنوات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة