نظمت جامعة الزيتونة بتونس ندوة علمية دولية حول مسألة ترجمة النصوص الدينية ودورها فى إثراء الثقافات ودعم حوار الحضارات شارك فيها مجموعة كبيرة من المستشرقين والأساتذة، جاءت الندوة فى إطار احتفال الجامعة بالسنة الوطنية للترجمة بالاشتراك مع وزارة الشئون الدينية التونسية.
تشعبت محاور المداخلات فى الندوة بين الحضارى والفكرى والدينى
ترجمة القرآن والإنجيل
بدأ الأستاذ محمد الحداد ـ مسئول قسم الدراسات المقارنة للأديان بمنظمة اليونسكو ـ مداخلته بإبراز ما تميز به عصر النهضة العربية الحديثة من اهتمام بالأديان وانفتاح على المفاهيم الدينية غير الإسلامية مبيناً أن الانفتاح المشار إليه قد تجسد فى قيام حركة تعريب وتأليف وتعريف شملت نصوصاً تأسيسية ومرجعية تاريخية، وهى حركة تضمنت أربعة محاور أولها صياغة نص عربى جديد وعصرى للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وثانياً التعريف بالبروتستانتية وإعادة قراءة التاريخ الدينى على ضوء ما اقتحمه من أفكار جديدة، بالإضافة إلى تعريب نصوص من الأديان والحكمة الهندية.
و أضاف: أن هذه الحركة توقفت بعد بضعة عقود بسبب سيطرة الهواجس السياسية وتقلص الفضول المعرفى واستئثار رجال الدين المحافظين بالقيادة الروحية للمجتمعات.
أما المستشرق الإيطالى موريس بورمنس فقد آثر تقديم ملاحظات حول ترجمة القرآن إلى الفرنسية والإنجليزية موضحاً أن تعدد تراجم القرآن تسهل الاستيعاب المطلوب لمعانى الدلالات المراد نقلها مشدداً على أهمية التجارب الأولى التى بدأت فى القرن السابع عشر والتى تتوفر فيها الدقة والأمانة العلمية.
إشكاليات نظرية وشرعية
بينما لاحظ الأستاذ شحادة الخورى عضو مجمع اللغة العربية بدمشق أن هناك قصوراً فى اختيار ما يترجم وضعفاً فى التخطيط والتنسيق وقصوراً كيفياً وكمياً فى الترجمة إلى العربية ومنها، ولذلك شدد على أهمية بلورة خطة شاملة وقابلة للتطبيق.
وذكر الأستاذ حسن القراوشى أن ترجمة الوحى تطرح إشكاليات منها النظرى المتعلق بشرعية الترجمة معرفياً ومنها الإجرائى المتعلق بسداد نقل الحقيقة وبدور الأيديولوجيا فى التوظيف والتشويه، مبرزاً أن ما يرصده الدارس ويبرهن عليه رياضياً هو أن كل ترجمات معانى القرآن من القرن الثانى عشر إلى اليوم قد نزعت عن القرآن الأصالة الروحية والتميز اللسانى وجعلته نسخه مشوهة للكتاب المقدس وهذا يجعل ترجمة معانى القرآن فى النهاية ومسألة علاقتها بالأيديولوجيا والجدل والأصولية أقوى من علاقتها بالمعرفة والروحانيات ومجرد فضاء معرفى يسعى فيه المترجمون الغربيون إلى تأكيده دون نجاح غيرهم.
الإسلام بلا مؤسسات
وأشار القراوشى إلى أن المفارقة الصارخة هى أنه لا يوجد فى الفكر الإسلامى ماض وحاضر ومؤسسات من شأنها أن تجعل المسلمين يتعاملون مباشرة مع الكتب السماوية الأخرى مثلما يتعامل الغربيون مع القرآن مباشرة ولا توجد إرادة صريحة للانكباب على هذا المجال العلمى الذى سيظل مستقبل الإسلام والمسلمين مرتبطاً به.
وأضاف القراوشى: "لقد وقفنا عند الأفكار أثناء تقييمنا للترجمات ورصدنا الموجود فيها نسقياً وانتهينا إلى الإقرار بهشاشة السند العلمى الذى تستند إليه وبعدم خضوعها بصفة نظامية لمنهج صارم وفقدانها بالتالى كل مشروعية علمية، وإذا كان مصير هذه الترجمات هو الخروج من دائرة العلم فأين يمكن أن نضعها، وما الفائدة منها؟ وهل مسألة ترجمة معانى القرآن مسألة علمية خالصة بريئة من الصراعات الجيوسياسية ولا علاقة لها بالرهنات الاقتصادية؟.
وجاءت مداخلة محمد المنصورى مؤكداً فيها على مزايا النص القرآنى المترجم إلى الإنجليزية بالنسبة للقارئ العربى العادى والتى يمكن إجمالها فيما يلى:
1-البعد التيسرى: تقريب مفهوم بعض الألفاظ والعبارات غير المألوفة إلى ذهن القارئ العادى.
2-المقارنة والمراجعة: ينحو القارئ العادى إلى القراءة الفردية بما يكفى لتلبية حاجاته التعبدية لكن المترجم مجبر على أن ينظر فى التفاسير المختلفة فيسلك سبيل الإجماع أو السبيل الوسطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة