فى الوقت الذى اكتفت فيه السلطات المغربية بالإشارة إلى أن الاعتقالات التى نفذتها وشملت 32 شخصاً من ضمنهم قياديون فى حزبين، تنامى الجدل فى أوساط المتابعين بشأن ما إذا كان الأمر يتعلق بمكافحة المد الشيعى فى المغرب ومدى العلاقة مع حزب الله اللبنانى.
وأعلنت السلطات المغربية حلّ حزب البديل الحضارى، ذى التوجه الإسلامى، بعد اعتقال أمينه العام مصطفى المعتصم، ونائبه محمد الأمين الركالة. وأورد بيان لرئاسة الوزراء فى المغرب أن هناك قرائن على تورط قادة الحزب الرئيسيين، ضمن شبكة وصفت بـ"الإرهابية الخطيرة " اعتقل أفرادها حديثاً.
وأوضح المصدر أن قرار حلّ الحزب اتخذ "بالنظر إلى الصلات التى ظهرت بين هذه الشبكة ونشوء حزب البديل الحضارى، إضافة إلى مؤشرات خطيرة إلى ضلوع قادته الأساسيين فى القضية.
وحزب البديل الحضارى مرخص منذ عام 2005، وشارك فى الانتخابات التشريعية الأخيرة التى جرت فى سبتمبر 2007، كما أشار وزير الداخلية المغربى شكيب بن موسى فى مؤتمر صحفى إلى أن زعيم الخلية عبد القادر بلعيرج، التى تم تفكيكها، له سوابق فى اغتيالات لا تقل عن ستة.
وأظهرت نتائج التحقيق، بحسب البيان، أن الأشخاص المتورطين فى شبكة بلعيرج لهم روابط مؤكدة مع الشبيبة الإسلامية، والحركة الثورية الإسلامية المغربية، وحركة المجاهدين فى المغرب، والحركة من أجل الأمة، وهذه كلها تنظيمات غير معترف بها، إضافة إلى البديل الحضارى.
تطرف شيعى بغطاء سنى:
ورغم أن محللين يستغربون من "خلط التلميحات" التى أثارها بن موسى، من حيث التطرق لعلاقة الموقوفين "بتنظيمات سلفية معروف أنها متشددة سنياً، وأخرى تشير إلى كونها شيعية"، إلا أن المصادر المغربية تتحدث عن سابقة خطيرة فيما يتعلق بما يمكن تسميته بالتدخل الشيعى فى العمليات الإرهابية فى المغرب، تحت قبة أو غطاء الأصولية السلفية.
ومما أعاد الحديث حول "بُعد شيعى" فى الملف، اعتقال مراسل قناة المنار اللبنانية ـ التابعة لحزب الله ـ فى المغرب، عبد الحفيظ السريتى، وكذلك رئيس حزب البديل الحضارى، الذى سبق له أن زار إيران عدة مرات، فضلاً عن تساؤلات كثيرة طرحها مراقبون للشأن السياسى بشأن وجود أجندة إيرانية فى حزبه.
وأكدت صحف مغربية وفرنسية انعقاد الكثير من اللقاءات التى جمعت شخصيات حزبية من حزب البديل الحضارى، ومن حزب الحركة من أجل الأمة" بشخصيات من حزب الله الشيعى اللبنانى، وشخصيات إيرانية بين عامى 2004 و2007.
وفى تطورات لاحقة، ألقت السلطات المغربية القبض على أشخاص آخرين فى إطار التحقيق مع عناصر شبكة تم تفكيكها مطلع الأسبوع الجارى بتهم تتعلق بالإرهاب، وذلك فى تحرك أثار جدلاً واسعاً فى المملكة بعد أن طالت الاعتقالات الأمين العام لحزب إسلامى يوصف بالمعتدل.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أفاد مصدر أمنى مغربى فى وقت سابق أنه تم إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص آخرين فى إطار التحقيق مع "خلية إرهابية" أعلن عن تفكيكها بداية الأسبوع، مما يرفع عدد المعتقلين فى هذة القضية إلى 35 ولا تزال السلطات الأمنية المغربية تواصل التحقيق فى القضية بعد أن أوقفت فى الأسبوع الماضى32 شخصاً فى عدة مدن بتهمة الانتماء أو التواطؤ مع "شبكة إرهابية ذات صلة بالفكر الجهادى" يقودها البلجيكى المغربى عبد القادر بلعيرج، المتهم بارتكاب عدة جرائم فى بلجيكا فى ثمانينيات القرن الماضى.
وقد نددت عدة أطراف بحل الحزب الذى سمح به رسمياً عام 2005، وقال محللون سياسيون:" إنه يمكن الحديث عن منعطف مهم فى سياسة الانفتاح حيال التنظيمات الإسلامية المعتدلة". والبعض يرى أنه لا مصلحة إطلاقاً للسلطات فى توريط الإسلاميين المعتدلين فى شبكة إرهابية خصوصاً أنهم أشخاص لايملكون وزناً سياسياً كبيراً.
صدام مبكر:
كل هذه التطورات تفتح ملف تاريخ الجماعات الإرهابية المتشددة فى المغرب، حيث تختلف تجربة المغرب مع الحركات الإسلامية من حيث "العمق التاريخى" و"قانونية أنشطتها" عن بقية دول المغرب العربى.
فقد كان المغرب سباقاً فى مجال الصدام مع هذه الجماعات، حيث شهد صداماً بين الشبيبة الإسلامية والنظام الملكى منذ الستينيات، قبل أن يتم تأسيس حركتين هما "حركة العدل والإحسان"، و"حركة الإصلاح والتجديد"، على أنقاض الشبيبة الإسلامية فى بداية الثمانينيات.
ومع إجراء تعديلات دستورية فتحت الباب أمام التعددية الحزبية، كان للحركتين الإسلاميتين حضور واضح فى الحياة العامة حيث يرى محللون أن كون طبيعة النظام فى المغرب غير جمهورى، جعل من "الطموح نحو كرسى السلطة" أمراً ممكناً للجميع، على خلاف الأنظمة الجمهورية فى الدول العربية، التى تتميز بشدة قبضة الأحزاب فيها على مقاليد الحكم.
ونجح الإسلاميون فى الفوز بانتخابات بلدية، غير أن الفشل كان نصيبها فى الانتخابات العامة، وهو ما فسره المراقبون على أنها كانت خطة "ذكية" من العاهل المغربى الراحل الملك الحسن، بحيث وضعهم فى فوهة بركان من حيث التعاطى مع تفاصيل الحياة اليومية التى لا يدركون كيفية التعاطى معها.
وأوضح المحلل السياسى المغربى محمد زيتونى، "أنه فى الظاهر يمكن الفصل بين الحركات الإسلامية فى المغرب من حيث اعتدالها وتشددها، ولكن لا يمكن فعلياً التغاضى عن أفكار ما يعد معتدلاً منها".
فى أجواء الاعتقالات
الجماعات المتشددة فى المغرب.. من الحوار إلى الصدام
الأحد، 24 فبراير 2008 09:49 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة