فاز الروائي إدوار الخراط بجائزة ملتقى الرواية العربية في دورته الرابعة، والتي انتهت فعالياتها مساء الأربعاء الماضي، بعدما شهدت قاعات المجلس الأعلى للثقافة 34 جلسة نقاشية بين موائد مستديرة وندوات وشهادات كلها تدور حول موضوع "الرواية الآن".
حين أعلن فاروق حسني، وزير الثقافة، عن منح الخراط الجائزة "لعطائه المتميز ورحلته الممتدة في عالم الرواية" لم يشعر الجمهور أن هناك جديداً قد أضافه الوزير، ولا عن تشكيل لجنة التحكيم التي عرفها الجميع قبل يوم من الإعلان عن الجائزة، وهم: د. أحمد مجاهد، أمين سر اللجنة، والناقد المصري إبراهيم فتحي، والروائي الأردني إلياس فركوح والناقد السوري د. بطرس الحلاق، والناقد المغربي د. سعيد يقطين والروائية العراقية فاطمة المحسن والناقد د. عبد المنعم تليمة، وبرئاسة الناقدة اللبنانية د. يمنى العيد.
لم يكن جديداً أيضاً أن يتهامس جيل الكتاب الجدد قبل وأثناء وبعد جلسة الختام ـ التي عقدت في المسرح الصغير بدار الأوبرا ـ عن الفائز بالجائزة، وكونه تعدى الثمانين، وأن الجائزة لن تمنح إلا لكاتب راسخ "مكافأة نهاية الخدمة"، مثلما يؤكد الروائي الشاب طارق إمام.
منذ إعلان فاروق حسني اسم الفائز، وصعود الخراط إلى الساحة ليلقي كلمة "امتنان" للحضور والوزير ولجنة التحكيم، سرت أحاديث هامسة بين الجمهور تدعو الأخير بأن يختصر كلمته التي تألفت من ثلاث ورقات وضع لها عنوان "عن الرواية والسؤال والمعرفة".. بدأ الخراط كلمته قائلاً: أتساءل أحيانا كيف أحدد تجربتي الروائية وما هو الهاجس الأهم في هذا الشأن، أجد في نهاية الأمر من المداخل التقليدية للإجابة على هذا السؤال أنه يصعب جداً ـ إن لم يكن مستحيلاً ـ أن يتحدث الروائي عن ملامح تجربته الروائية، بهذا الأسلوب التقريري، وإلا ما كان هناك من الأصل ضرورة للكتابة الروائية، ومع ذلك، ولأنني أحياناً أداعب أو أعابث النقد الأدبي، فربما "ناوشت" هذا السؤال أو طفت حواليه دون أن أمل على أية حال أن أجيب إجابة قاطعة.
ثم أفضى في الحديث عن تجربته الذاتية مع الرواية حتى وصل إلى القول إن الكتابة هي عملية بحث عن المعرفة، هل هذه المعرفة مطلقة في جميع مجالات الفكر: روحياً، ومعنويا.. ما أقصده هو البحث عن معرفة.
وحين بلغ هذه الجملة كان جمهور القاعة قد صفق مرتين بصوت عالٍ، مما زاد من حماس الخراط، الذي ظن أن التصفيق إطراء وترحيب زائد من الجمهور.. لم يلحظ الخراط فاروق حسني وقد بدأ يهمس للناقد إبراهيم فتحي، المجاور له، ومحاولات الجمهور المستحيلة لإسكاته من خلال التصفيق بين الحين والآخر.
على هذا النحو مضى الخراط في "التنظير" لفلسفة المعرفة فقال إن هناك معرفة وهناك المعرفة بأل التعريف والسعي نحو حقيقة ما وليس الحقيقة وحدها. وقتها علا صوت التصفيق فاضطر الخراط للسكوت وشكر الجمهور.
إلا أن صفحة ونصف كانت بانتظار الجمهور والتي حصلت "اليوم السابع" على نسخة منها، والتي جاء في آخر فقرة منها: "أعتقد أننا لسنا سادة هذه اللغة كما أننا لسنا خدامها، إنما هناك علاقة تفاعل بين الكاتب ولغته بمعنى عام، أي لغة ثقافته التي لا شك سوف تثري في التعابير العامية، بالمحكي وبالموسيقى، كما فعل القدامي الذين لم يترددوا لحظة واحدة في النحت والاشتقاق والتعريف العربية فيها مجال واسع لهذا".
وكان على أبو شادي، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، قد ذكر في كلمته أن الدورة الرابعة ناقشت وضع الرواية الآن من خلال حوار ديمقراطي يتسم بالحرية ويؤكد على احترام الآخر، يسمح بالاتفاق والاختلاف. وأن الاتفاق لم يكن هدفاً للملتقى وإنما التعددية، بحيث يتسع لكل وجهات النظر. واستعرض أبو شادي في كلمته عدد المحاور والضيوف (90 ضيفاً) وكذا عدد الموائد المستديرة والندوات والشهادات.. إلخ. وأثني على لجنة التحكيم التي "التزمت السرية والحيدة".
بعد انتهاء حفل الختام التزم الروائيان بهاء طاهر وخيري شلبي الصمت، ولم يصرحا بأي تصريحات للصحف والفضائيات حول الفائز بالجائزة، رغم تعرضهما للضغوط من قبل الإعلاميين والصحفيين، إلا أن خيري شلبي لم يخف شعوره بالحزن والإحباط تجاه مصير الجائزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة