من حيث لا تدرى ولا ترغب أوقفت إسرائيل حرباً أهلية كان يمكن أن تبدأ الخميس فى لبنان باغتيالها عماد مغنية القائد العسكرى لحزب الله - هذا بالطبع إن كانت بالفعل وراء اغتياله - والذى أعلن حزب الله أنه سيشيعه غداً والمتابع للتوتر الحاد والتصريح المباشر بالاستعداد لخوض حرب أهلية لم يكن يستبعد على الإطلاق أن يكون الحشد الهائل الذى تعمل عليه الموالاة فى لبنان فى ذكرى اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى شرارة أن يكون هذا الحشد مقدمة تنطلق خلالها بداية لحرب أهلية جديدة تأتى على "الأخضر واليابس" كما قال وليد جنبلاط أحد قيادات الموالاة منذ أيام.
لكن عندما أعلن عن اغتيال عماد مغنية - أحد أبرز رجال حزب الله ومهندس حرب يوليو مع إسرائيل - أصبح من غير الممكن أن تتحول ذكرى الحريرى إلى بداية حرب بل على العكس تماماً فقد تكون بداية لوحدة الصف اللبنانى خاصة مع إعلان قيادات الموالاة أنهم لن يؤجلوا تجمعهم بل وذهبوا إلى الدعوة إلى أن يكون التجمع فرصة للتلاقى مع المعارضة.
وهكذا يأتى المخرج لأزمة لبنان بعد أن وصلت لحافة الهاوية بدماء مغنية الذى لم يذكر اسمه الحقيقى سوى بعد اغتياله وكان اسمه الحركى هو الحاج رضوان ولم يكن مغنية مطلوباً فقط من قبل إسرائيل لكنه كان على رأس قائمة المطلوبين من الولايات المتحدة التى تتهمه بتفجير سفارتها و مقر المارينز عام 1983 وهو التفجير ألذى اجبرها على الانسحاب من الصراع فى لبنان بعد مقتل 250 من جنودها فيه.
والغريب فى حادث اغتيال مغنية أن يقع فى سوريا – حسب مصادر فى حزب الله من دمشق – خاصة أن الرجل كان حافظ أمن قيادات حزب الله طوال فترة الحرب والذى تذهل عقليته العسكرية والأمنية من تابع عمليات حزب الله ضد إسرائيل، فالرجل كان له بالتأكيد إجراءات أمنية معقدة واغتياله فى سوريا يعيد التشكيك فى قدرات سوريا الأمنية والتى بدت واضحة فى قصف إسرائيل لموقع مبنى عسكرى داخل سوريا وبشكل دقيق.
وإذا ما تأكد اغتيال إسرائيل للقائد العسكرى لحزب الله داخل سوريا فستبرز أيضاً عدة تساؤلات لعل أهمها لماذا لم تقدم على اغتيال قيادات حماس هناك وعلى رأسهم خالد مشعل وهو الذى يتحرك بحرية هناك وعلى الأقل فهو أقل قدرة على اتخاذ إجراءات أمنية إلا إن كانت إسرائيل لا تعتبره عدواً على رأس قائمتها.
ويدفع الحادث أيضاً بسؤال مهم إلى الواجهة وهو لماذا هذا الصمت المطبق الذى تتخذه القيادات السورية أمام كل اختراق أمنى إسرائيلى لحدودها بينما تعلو أصواتهم بالتهديد بالويل والثبور لإسرائيل أمام الشعوب العربية وهو الخطاب الذى يدغدغ عواطف الناس أحياناً وينسيهم أن بنادق سوريا لم تخرج منها طلقة واحدة فى اتجاه إسرائيل منذ حرب أكتوبر 73، وعلى أى حال فبركان المنطقة أصبح أكثر سخونة مما ينذر بانفجار قد يبدأ برد حزب الله الموعود على اغتيال قائدها العسكرى.
فى يوم واحد تشيع المعارضة والموالاة شهدائها
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة