محكمة أمريكية تأمر بتجميد ممتلكات بندر بن سلطان

الثلاثاء، 12 فبراير 2008 10:52 م
محكمة أمريكية تأمر بتجميد ممتلكات بندر بن سلطان الأمير بندر بن سلطان
كتب ـ محمود جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قامت محكمة فيدرالية أمريكية فى بداية الأسبوع الجارى، بتجميد جزء من ممتلكات الأمير بندر بن سلطان، سفير السعودية السابق لدى واشنطن، والمستشار الحالى للأمن القومى فى بلاده. وذلك على خلفية تهم فساد وتلقى رشاوى فى صفقة سلاح بين بريطانيا والسعودية، عرفت باسم صفقة "اليمامة".
وتزامن قرار المحكمة الأمريكية مع اقتراب بندر من إبرام صفقة بيع منزله فى الولايات المتحدة، المعروض للبيع منذ عدة أعوام، والذى جرى تقييمه بـ135مليون دولار ليكون أغلى منزل فى تاريخ الولايات المتحدة. وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن المحكمة الأمريكية منعت الأمير السعودى من تحويل أية أموال يحصل عليها من جراء بيع أى من ممتلكاته، خارج الولايات المتحدة.
وقد أحاطت بصفقة "اليمامة" التى كانت شركة BEA)) البريطانية للصناعات العسكرية ستزود بموجبها السعودية بمقاتلات ومعدات عسكرية، شكوك عديدة. وكانت القضية قد أثارت ضجة، حيث بلغت قيمتها عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية.
وكانت القضية قد بدأت فى عام 1986 بتوقيع وزير الدفاع البريطانى حينذاك، مايكل هيزلتاين، أوراق المرحلة الأولى من الصفقة مع السعودية. حينها، تولت بريطانيا التحقيق فى القضية، إلا أن التحقيقات علّقت عام 2006، ما دفع أصحاب أسهم أمريكيين فى الشركة البريطانية إلى التقدم بشكوى ضد بندر. وبعدما أخبر أصحاب الأسهم الأمريكيون بأن الأمير السعودي قد يبيع بعض ممتلكاته فى الولايات المتحدة، طلبوا من السلطات منع تحويل أية أموال إلى الخارج.
ووافقت القاضية روزمارى كوليير، التى تبت فى القضية بالمحكمة الفيدرالية بواشنطن، على طلب المشتكين، قائلة إن الأمير باستطاعته أن يبيع ممتلكاته كما يريد، لكن الأموال التى يجنيها من تلك المعاملات ستبقى فى حساب بنكى باسمه فى الولايات المتحدة.
بلير وصفقة "اليمامة":
نصت صفقة اليمامة على إرسال نحو 120 مليون جنيه إسترلينى سنويا من الشركة البريطانية إلى حسابين مصرفيين تابعين للسفارة السعودية فى واشنطن، لأكثر من عشر سنوات.
حولت الشركة البريطانية سلسلة من الدفعات المالية إلى مصرف أمريكى فى واشنطن، فى حساب يديره بندر بن سلطان، الذى يعتبر أحد أكثر أعضاء العائلة المالكة السعودية نفوذاً. وأكدت المصادر أن الأمير بندر تلقى ١٦٣.٣٠ مليار جنيه إسترلينى على أربع دفعات وعلى مدى ١٠ سنوات على الأقل، ذهب منها لجعبته عمولات تجاوزت نسبتها مليارى جنيه إسترلينى.
أكدت مصادر قضائية بريطانية على علم بالصفقة، أن المال تم دفعه للأمير السعودى بعلم من مسئولى وزارة الدفاع فى عهد حكومة رئيس الوزراء تونى بلير، والحكومات السابقة عليه. لكن الوزراء نفوا علمهم بالدفعات السرية التى كشف أمرها فى بريطانيا فى العام ٢٠٠٢. وقد نفى كل من بندر والشركة آنذاك أن يكونا قد أساءا التصرف فى صفقة اليمامة.
وكانت صفقة اليمامة بمثابة أزمة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير، الذى تعرض لاستجواب نواب البرلمان بشأن موقفه الذى أثار غضب الكثيرين منهم، عندما تدخل لدى لجنة التحقيقات المستقلة ونصحها بإغلاق التحقيق فى ملابسات صفقة "اليمامة"، بدعوى الحرص على الأمن القومى. وكان رأى بلير يتلخص فى أن الكشف عن أمور تمس العائلة المالكة السعودية قد يؤدى إلى تدهور العلاقات بين الدولتين على نحو خطير، وسيجعل السعودية توقف أى تعاون مع الغرب فى "مجال مكافحة الإرهاب".
وحينها قالت صحيفة صنداى تايمز إن الحكومة السعودية هددت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا فى حالة مواصلة التحقيقات فى القضية وإن دبلوماسيا سعوديا بارزا قام بتسليم مكتب الحكومة إنذاراً نهائياً، حذر فيه من مواصلة التحقيق، وأنه إذا لم يتوقف فإن الحكومة السعودية ستقطع علاقاتها مع بريطانيا وتوقف كل أشكال التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب.
وقالت الصحيفة إن السعوديين كرروا تهديداتهم بإيقاف كل الأموال التى لها علاقة بصفقات الدفاع، والتى تصل إلى 40 مليار جنيه إسترلينى، مما سيهدد قطاع التسلح العسكرى البريطانى، حيث يعمل فى مشاريع الصفقات السعودية أكثر من 10 آلاف موظف وخبير بريطانى.
وكانت السعودية وبريطانيا قد وقعتا صفقة اليمامة عام 1985، لبيع 72 مقاتلة من طراز "تورنيدو" و30 مقاتلة من طراز "هوك" وجرى تجديدها عام 1993، حين طلب السعوديون بيعهم 48 مقاتلة أخرى من طراز "تورنيدو"، كما اتفق البلدان فى المرحلة الثالثة من الصفقة على قيام بريطانياً ببيع السعودية 72 مقاتلة أخرى من طراز "يوروفايتر."
بندر والجمهوريون:
واكتسب بندر بن سلطان ـ الذى عمل سفيرا لبلاده فى الولايات المتحدة على مدار أكثر من عقدين ـ شهرة واسعة بين الأوساط السياسية والدبلوماسية فى واشنطن، وتربطه علاقات قوية بمسئولى الإدارة الأمريكية المتعاقبة، والجمهوريون منها على وجه التحديد، خاصة دارتى بوش الأب والابن. وبندر قريب جدا من عائلة بوش، حتى أنهم يعتبرونه فردا من العائلة ويطلقون عليه اسم "بندر بوش" من باب التدليل. وكانت علاقته بعائلة بوش أحد أبرز المواضيع التى تطرق لها الصحفى الأمريكى المخضرم بوب وودوارد فى صحيفة واشنطن بوست، فى كتابه الذى تعلق بالفترة التى سبقت غزو العراق، والذى أطلق عليه اسم "خطة الهجوم".
ويقول وودوارد فى "خطة الهجوم" إن الأمير بندر اطلع على تفاصيل حيوية بشأن خطة الحرب ضد صدام حسين، حتى قبل أن يعلم بها وزير الخارجية الأمريكى كولين باول نفسه. ويضيف وودوارد أن الأمير السعودى ذكر بشكل عابر أن الحكومة السعودية بمقدورها زيادة إنتاج النفط للحفاظ على انخفاض أسعار الوقود، وأشار إلى أن بندر طلب لقاء بوش شخصياً فى وقت لاحق، وهو الطلب الذى تم الاستجابة له.
وخارج الأوساط الدبلوماسية، اشتهر بندر بعد أن ظهر فى فيلم المخرج الأمريكى مايكل مور "فهرنهايت 9/11" الحائز على السعفة الذهبية فى مهرجان كان عام 2004، والذى ركز فيه على الصلات التى ربطت بين عائلتى بوش وبن لادن. وفى الفيلم قال مايكل مور إن الرئيس الأمريكى جورج بوش دعا بندر بن سلطان لعشاء خاص فى البيت الأبيض، بعد يومين فقط من هجمات سبتمبر.
ويعد ريتشارد فيربانكس، الذى شغل منصب سفير الولايات المتحدة فى عدة دول خلال إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريجان، بالإضافة لمنصب المبعوث الأمريكى للسلام فى الشرق الأوسط، أحد الذين عرفوا الأمير بندر على المستويين الدبلوماسى والاجتماعى.
وقال فيربانكس عن بندر،"إنه ذكى وذو شخصية ساحرة ودبلوماسى نشط للغاية". ويضيف "لقد بدأ كملحق خاص فى واشنطن، ثم أصبح سفيرا بعد ذلك، حيث لعب دورا محوريا للغاية فى العلاقات بين واشنطن والرياض.
ويستطرد قائلا، إن الفترة التى قضاها بندر كسفير للسعودية فى واشنطن تعد الأطول إذا ما قورن بكل من سبقوه فى هذا المنصب، وإنه لعب دورا كبيرا فى المرحلة الحساسة التى تلت هجمات الحادى عشر من سبتمبر، والتى كان معظم منفذيها من السعودية.
لم تخل حياة بندر الرئيس الحالى لمجلس الأمن القومى السعودى من إحباطات، كان أبرزها ما تضمنه لقاء أجرته معه عام 2003 مجلة النيويوركر، حيث أشار إلى أنه لم يتعاف قط من الفشل الذى منيت به محادثات السلام بشأن الشرق الأوسط. وكان بندر يتحدث تحديدا عن الدور غير المعلن الذى لعبه فى مفاوضات الأسابيع الأخيرة من رئاسة بيل كلينتون فى عام 2000.
يعد بندر(58 عاما) من أبرز أمراء الأسرة المالكة السعودية، وصانعاً مهماً لسياستها الخارجية، بالإضافة إلى كونه أهم مهندسى صفقات التسلح التى عقدتها بلاده خلال العقدين الأخيرين.
وهو ابن الأمير سلطان بن عبد العزيز ولى العهد ووزير الدفاع السعودى، وحفيد مؤسس المملكة السعودية عبد العزيز آل سعود. وهو من خريجى الكلية الملكية للقوات الجوية فى كرانويل بإنجلترا، وانضم بعدها لسلاح الجو السعودى فى عام 1968 كطيار مقاتل لمدة 17 عاما.
أفخم المنازل الأمريكية:
يضم منزل بندر، الذى أعاد بصفقة اليمامة للأنظار، ويقع فى أسبين بولاية كولورادو، 15غرفة نوم و16 حماما، ومساحته الإجمالية 56 ألف قدم مربع، أى أكبر من البيت الأبيض. كما يضم المنزل أيضا صالون حلاقة وتزيين خاصاً به، وحوضاً داخليا للسباحة، وغرفة بخار، وأخرى للرياضة، وإسطبلات مكيفة للخيول. ذلك فضلا عن وحدة خاصة به لتنقية المياه، ومعدات وتجهيزات خاصة بالسيارات، منها محطة وقود ومغسل للسيارات ومعدات أمنية باهظة الثمن. ويقع المنزل فى منتجع شهير للتزلج على الجليد، ويعتبر موطناًَ للعديد من المشاهير والنجوم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة