ما بين مؤيد ومعارض جاءت ردود الأفعال المختلفة حول الحكم الصادر من مجلس الدولة ـ السبت ـ بأحقية مسيحيين اعتنقوا الإسلام فى العودة إلى ديانتهم الأصلية.
وقد أثار الحكم جدلاً واسعًا بين الأوساط الدينية والإسلامية حيث أيده البعض باعتبار أن المحكمة استندت إلى أن إسلام هؤلاء غير حقيقى، ويهدف إلى الهروب من مشكلاتهم الاجتماعية المرتبطة ببعض قوانين الكنيسة، فى الوقت الذى عارضه البعض الآخر باعتباره يساعد على الارتداد عن الدين الإسلامى، وهو ما يخالف الشرع (من وجهة نظرهم)، مؤكدين أن الحكم يأتى تأكيدًا للضغوط الدولية على الدول الإسلامية.
جدل فى الأوساط الإسلامية
فقد رأى دكتور عبد المعطى بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن "حكم القاضى اعتبر أن إسلام هؤلاء مزيف.. ويبدو أنهم اتجهوا إلى الإسلام كحيلة للهروب من بعض المشكلات الاجتماعية التي كانت تواجههم في إطار الكنيسة كالزواج والطلاق، وبالتالى لا يعتد شرعًا بهذا الإسلام".
مشيرًا إلى "أن من يسلم يجب أن يكون إسلامه عن اقتناع كامل واختيار حر وإرادة حقيقية، أما الذى يسلم في ظاهره دون قلبه فهذا لا يعد مسلماً، ولا يعد مرتداً أيضا"، معتبرًا فى ذات الوقت أن "مثل هؤلاء يتلاعبون بالأديان، مشدداً على أن هذا الأمر يحتاج إلى معاقبة؛ لأنه قد يترتب عليه أمور أخرى".
أما عضو مجمع البحوث الإسلامية محمد مختار المهدى فقد اعتبر الحكم القضائى "غير مستغرب فى ضوء الضغوط الدولية من الأمم المتحدة بشأن قضية حرية العقيدة التى يريدون من ورائها التسوية بين الأديان والخروج أساساً من الإسلام".
مشددًا على "أن هؤلاء الذين سعوا للعودة إلى ديانتهم الأولى يدخلون فى باب الصد عن دين الله، إذ إن الذى دخل الإسلام يفترض أنه لم يدخله مجبراً ولا مكرهاً، وإنما بعد أن بحث وفكر كثيرًا قبل الدخول فى الإسلام واقتنع بأنه العقيدة الصحيحة".
ويرى المهدى "أن هؤلاء يقصدون إثارة البلبلة فى نفوس المسلمين، على أساس أنهم بعد أن دخلوا الإسلام وجدوا أنه غير جدير بالاعتقاد، ومن هنا كان حكم الإسلام عليهم بالردة".
وتشير بعض التقارير إلى أن لجنة الفتوى بالأزهر قد أصدرت فتوى تقضي بأنه "من يرتد عن الدين يستوجب تنفيذ العقوبة المقررة عليه شرعاً وفقاً للضوابط التى أقرها جمهور الفقهاء، وبعد عرض الاستتابة عليه ورفضه لها". ولكن اعتبر بعض من علماء الأزهر هذه الفتوى تتعارض مع مبدأ حرية العقيدة فى الإسلام.
علمانية القانون المصرى
وقبل صدور هذا الحكم كانت المحاكم المصرية تتمسك بمبدأ عام في مثل هذه القضايا يحظر التحول من الدين الإسلامي إلى أى دين آخر، بغض النظر عن الديانة الأصلية لمن اعتنق الإسلام، وذلك بالرغم من أن القانون المصرى لا يتضمن أى نص يتحدث عن الردة أو يجرمها.
فالقانون المصرى مدنى فى مجمله شأن نظام القضاء الفرنسى، ما عدا قضايا الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق التى تخضع فى جانب منها للأحكام الدينية لكل طائفة بعينها.
وقد صرح ممدوح نخلة محامى حقوق الإنسان "بأن هذا الحكم يفتح باب الأمل أمام مئات الأقباط الذين اعتنقوا الإسلام ولم يتمكنوا من العودة إلى المسيحية" مشيرًا إلى "أنه توجد نحو 450 قضية مماثلة ينظرها القضاء حالياً وأن التقديرات لعدد الذين يرغبون في العودة إلى المسيحية من الإسلام يصل إلى عدة آلاف".
من جانبه قال المحامى رمسيس النجار: "إنه حكم تاريخى ينتصر لحرية العقيدة فى مصر ويطبق المادة 46 من الدستور التى تنص على حرية العقيدة"، واعتبر أن "هذا الحكم يعد بمثابة إرساء مبدأ حيث ينطبق على كل الحالات المماثلة".
(مسيحي ـ مسلم سابقًا) مخاوف من الاضطهاد
ولكن يثير هذا الحكم أيضًا مخاوف من التمييز ضد العائدين إلى المسيحية، حيث أكدت المحكمة الإدارية العليا ضرورة توضيح أن حامل هذه الهوية كان مسلمًا ثم أصبح مسيحيًا و بإعادة كتابة بيانات الديانة الخاصة باثنى عشر قبطياً وتغييرها من مسلم إلى مسيحى فى بطاقات الهوية الحكومية.
وهو ما أكده جمال عيد رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، من أن هذا الحكم ربما يحل بعض القضايا الإجرائية لكنه سيفتح الباب أمام التمييز ضد أولئك المواطنين من جانب ضباط أو موظفى حكومة متطرفين عندما يرون في البيانات أنهم تركوا الإسلام.
أخيرًا ستظل هذه القضية وما شابهها من قضاياً محل جدال بين شرائح وطوائف المجتمع المختلفة، ربما لفترات طويلة دون الوصول إلى إجماع بشأنها، بل قد تؤدى إلى مزيد من المشكلات الداخلية، ومن الممكن أن تفتح المجال لتدخلات أجنبية فى المستقبل..
أثار جدلاً دينيًا وسياسيًا
حق العودة إلى المسيحية ..بحكم المحكمة
الأحد، 10 فبراير 2008 11:21 ص
محامى الدعوى يعتبر الحكم تاريخياً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة