كان من أهم أسباب فشل تقدم صناعة الغزل والنسيج فى مصر بالرغم من أنها الصناعة الأولى المغذية لصناعة الملابس الجاهزة الذى تمثل أكبر قطاع يستخدم أيدى عاملة كثيفة، هى مؤسسات قطاع الأعمال العام من جهة، ومصانع شبرا الخيمة والمحلية المتخلفة التى كانت تنتج أقمشة ذات جودة سيئة لا تمت إلى جودة الإنتاج العالمى الذى يصلح للتصدير للخارج بأى صلة من جهة أخرى، وقد حاولت الدولة فى سياستها للإصلاح الاقتصادى فتح باب الاستيراد للغزول الجيدة والأقمشة ذات الجودة العالية التى يمكن تصنيعها لتصدير الملابس الجاهزة، للتيسير على مصانع الملابس الجاهزة حتى تتمكن من التصدير لدول أوروبا وأمريكا، وإلغاء احتكار المصانع المصرية رديئة الجودة، لإجبارها فى ظل المنافسة الخارجية على تحديث آلاتها وطرق إنتاجها حتى تستطيع منافسة الإنتاج العالمى، وقد ارتفعت صادرات مصر بسبب ذلك خاصة بعد تطبيق اتفاقية الكويز.
ولكن بعض أصحاب المصانع المحلية ذات الجودة المنخفضة والتكنولوجيا المختلفة التى كانت تحتكر السوق المصرية بإنتاجها الردئ، قبل تحرير الصناعات النسجية، يطالبون بوقف الاستيراد، لكى يعاودوا احتكار السوق المصرية والرجوع به إلى المربع رقم «1»، هى مسلسل الإصلاح الاقتصادى، وكل همهم هو معارضة القرارات التى يمكن أن تؤثر تأثيرا إيجابيا فى تطوير والارتقاء وخدمة هذه الصناعة فى مصر، وهم معذورون فى تصرفاتهم لعدم قدرتهم على تحليل النواحى الاقتصادية والفنية الخاصة بهذه الصناعة بما يتناسب مع المرحلة الحالية من تنمية وإصلاح الاقتصاد القومى. وقد يكون من أسباب إلحاح غرفة الصناعات النسجية على تعطيل استيراد الغزول وطلب فرض رسوم إغراق عليها، هو عدم قدرتهم على منافسة الغزول المستوردة من الدول المختلفة من ناحية الجودة والسعر، وهذه التصرفات ناتجة عن أسباب عدة منها:
1 - عدم رغبة أو قدرة بعضهم على تطوير تكنولوجيا الإنتاج، والآلات الحديثة فى مصانعهم وفى مصانع قطاع الأعمال العام، إما لعدم علمهم بالتكنولوجيا الحديثة وإما توفيرا للنفقات.
2 - رغبة بعضهم وإصرارهم على تحقيق المكاسب الاحتكارية من استخدام صناعة متخلفة، لا تستطيع مواجهة المنافسة مع الغزول المستوردة والأقمشة المنسوجة المستوردة سعراً وجودة.
3 - وأعتقد أن مشكلة بعضهم كمستثمرين قدامى غير مجددين لا يستوعبون اختلاف العصر عما كان سابقا ويعتقدون أن مصر مازالت تعيش فى القرن التاسع عشر بالرغم من أن القرن الواحد والعشرين الذى نعيشه الآن يفرض على مصر كعضو فى المجتمع الدولى المنافسة وتطبيق قوانين منظمة التجارة العالمية، التى تمنع الاحتكار وتطلق حرية المنافسة.
4 - رغبتهم فى الاحتفاظ بمواقعهم التى تجعلهم يحصلون من ورائها على امتيازات أقلها تحقيق المصالح المباشرة لمصانعهم مثل طلبهم منع استيراد الغزول، تلك المواقع التى تجعلهم يعتقدون أنه من الممكن أنها تمثل تميزاً عن المساءلة فى أى مخالفات قانونية قد تحدث لهم.
ومن المخاطر التى سوف تترتب على منع أو تخفيض استيراد الأقمشة الجيدة من الخارج، والخيوط الصالحة لإنتاج التصدير، أن تعود مصر للخلف وتبدأ فى الإصلاح الاقتصادى من المربع رقم واحد، وفرض الجودة الرديئة للغزول والأقمشة المحلية سيئة الجودة والسمعة، والتى لا تصلح بأى حال لمنافسة الملابس الجاهزة المصدرة من الهند أو الصين أو أى دولة أخرى فى العالم.
وعلى هذا فإننا نحذر من عبث المطالبات بمنع استيراد الغزول والأقمشة، ويجب تطوير الإنتاج المحلى منها حتى تستطيع منافسة المستورد منها فى الجودة والسعر وعندها ستضطر مصانع الملابس المرتبطة بالتصدير من استخدام منتجات مصرية بأسعار أقل وجودة أعلى، وتستمر تلك المصانع فى التصدير وتشغيل الكم الهائل من العمالة التى تستوعبها.
ونطالب بدورات تدريبية لجميع أعضاء اتحاد الصناعات وغرفة الصناعات النسجية، فى اقتصاديات صناعة الغزول والأقمشة، وقبل ذلك فى تكنولوجيا صناعتها.