"طلبات إحاطة للرئيس"، هى أحدث الصيحات البديلة التى يفاجئنا بها النواب فى مجلس الشعب كمصطلحات تضاف لقاموس الأدوات البرلمانية الاثنتى عشرة التى نصت عليها اللائحة الداخلية للمجلس، والتى تبدأ من البيان العاجل مروراً بتوجيه الأسئلة والاقتراحات ونهاية بالاستجوابات. تلك الصيحة لم تأت بين يوم وليلة، ولكنها جاءت بعد ثلاثة أدوار من الفصل التشريعى التاسع لـ"المجلس الموقر".
دور الانعقاد الأخير شهد 143 جلسة، ومالا يقل عن 800 اجتماع للجان المجلس المختلفة، عجزت فيها الوسائل البرلمانية المتاحة - وسط كل الكوارث والمصائب التى تحل بالبلاد - عن سحب الثقة من الحكومة أو اتهامها بالتقصير أو على الأقل محاسبة وزير أو توجيه اللوم له.
"سبق أن شكونا عدة مرات من عدم رد السيد رئيس مجلس الوزراء على أسئلتنا وطلبات الإحاطة التى نتقدم بها لسيادته.. ولكن دون فائدة ودون نتيجة"، هذه الجملة كانت مستهل مذكرة تقدم به النائب حمدى حسن يشكو فيه "تطنيش" الحكومة لطلبات الإحاطة التى يتقدم بها النواب.
الدكتور حمدى حسن، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، وجه اللوم للحكومة لـ"عدم حضورها بعض جلسات المجلس العامة، وكذا عدم اهتمام السادة الوزراء ورئيسهم بالرد على هذه الطلبات". رسالة شديدة اللهجة وتحذير لا يقل حدة كان أبرز ما حملته مذكرة النائب الإخوانى "فى إمهال الحكومة إسبوعا واحدا فقط من بداية تقديم أسئلته للرد عليها وإلا سيتوجه بها مباشرة للسيد رئيس الجمهورية ".
النائب محمد العمدة هو الآخر كان حادا فى توجيه اللوم لرئيس مجلس الوزراء، قائلا إنه لا يضع أى اعتبار أو وزن للمجلس فى تجاهله لأسئلة وطلبات النواب، ورغم أن اللائحة الداخلية لمجلس الشعب تنص على أن يتم الرد على أسئلة النواب خلال شهر من تاريخه، إلا أنها تبقى سنوات ولا نجد من يجيب عنها . اللجوء لرئيس الجمهورية من قبل حسن كان بسبب "المسئولية الدستورية للرئيس، فهو من اختار وعين هؤلاء المفرطين غير الجديرين بالمسئولية وهو مسئول أيضاً عن محاسبتهم". ومن جانب آخر، أكد النائب صبحى صالح دستورية توجيه طلبات الإحاطة والأسئلة إلى رئيس الجمهورية استنادا على المادة 137 من الدستور، والتى تنص على أن "رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية ".
طلبات الإحاطة وأسئلة الاستجواب التى "يتعالى" الوزراء عليها بلغت أكثر من خمسة آلاف على مدار الأدوار التشريعية الثلاث الماضية، منها 834 طلب إحاطة تقدم بها النائب محسن راضى وحدة ليحتل أكبر معدل عالمى من الطلبات التى قدمت بالمجالس التشريعية بالعالم، ولم يناقش منها سوى 80 طلبا فقط. فجمال مبارك وزياراته والصفة التى يتحدث بها وملف تخصيص الأراضى لكبار رجال الدولة دون وجه حق أو النظر لإسرئيل "كعدو صهيونى" وفتح ملف الأسرى الذين قتلوا في56 و67 والتفتيش وراء القرار رقم 100 من اتفاقية تصدير الغاز الطبيعى بأبخس الأثمان، وهو ما اعتبرها النائب جمال زهران "خطوط حمراء لا يجوز الاقتراب منها"، مضيفاً أن "المسار الذى حددته اللائحة الداخلية للمجلس بخصوص طلب الإحاطة الذى يقدمه العضو فى موضوع بعينه هو أن يتم تسليمه لرئيس المجلس الذى يحوله للجنة المختصة ويدرجه فى جدول الأعمال ويتحدد له ميعاد إلا أن المسار على أرض الواقع غير ذلك ويأخذ أشكالا عديدة.
أحد هذه الأشكال الغريبة كشف عنها النائب جمال زهران ، فقد تنتهى الطلبات بمجرد تقديمها، كما تم مع طلب الإحاطة بخصوص زيارات جمال مبارك للخارج، فقال لى الدكتور فتحى سرور "هأخده وكأنى ما أخدتهوش"، وفى مرة أخرى قال لى سرور" هو أنت ليه عايز تعمل خصومات وتزعل الناس منك"، وإن تحرك الطلب وتم إدراجه فى جدول الأعمال بالمجلس فيتم تقديم طلبات أخرى أقل أهمية منه وعرضها للمناقشة قبله أو قد لا يتم مناقشة الطلبات لأن الدورة البرلمانية انتهت، والدور لم يأت عليها مثل ما حدث مع النائب على لبن والدكتور فريد إسماعيل فيما قدموه عن الفساد فى جامعة قناة السويس .
ولكن إن ازدادت الأصوات المنادية بمناقشة طلبات الإحاطة بالقضايا الساخنة فهى لا تخلو من شجار مثلما حدث بلجنة الدفاع والأمن القومى فى مناقشات جرائم الشرطة، فتبادل الشتائم بين الإخوان المتهمين بالإرهاب واللواء أحمد عبد الفتاح كما ذكر لنا النائب صبحى صالح، أحد أطراف هذه المناقشات الساخنة، وحتى إن دارت الأمور هادئة واتفق المجلس على رأى واحد مثل ما اتفقوا على عدم عبور السفينة الألمانية المحملة بشحنة نووية من قناة السويس، فيفاجأ الجميع بعد قضاء إجازة المجلس بأنها مرت بعد ذلك ويأتى الدكتور فتحى سرور ليقول إن ما خرج عن المجلس ليس قرارات إنما توصيات.
عدم حضور الوزراء لمناقشة طلبات الإحاطة والرد على الأسئلة البرلمانية فى المجلس ينتج عن تخوفهم من" الوقوع فى ورطة "كما يقول النائب محسن راضى، ضارباً المثل بما حدث للدكتور محمود أبو زيد عندما قال إن "خطة مشروع توشكى لم تحقق سوى 8%" وهو ما يعد اعترافا بالفشل، وما حدث فى واقعة أخرى من تفسير وزير الأوقاف بشأن "استبعاد 800 داعية قد اجتازوا الاختبارات بنجاح لتقارير أمنية من أمن الدولة". الجديد وما ستسببه هذه "الوسائل البديلة المستحدثة" – فى حالة تطبيقها – أننا قد نفاجأ وسط كل مشاغل رئيس الجمهورية أنه مطالب بوظيفة جديدة تضاف إلى قائمة مهامه وهى الرد على الأسئلة وطلبات الإحاطة.. ولكننا لا نعرف من ستكون الجهة الأعلى التى سيلجأ إليها النواب فى حالة امتناع رئيس الجمهورية عن الرد على هذه الطلبات والأسئلة.. هل سنلجأ إلى الاتحاد البرلمانى الدولى أم الأمم المتحدة!!
لمعلوماتك..
كتل برلمانيه بمجلس الشعب هى الحزب الوطنى الديمقراطى والوفد والغد وكتله أخرى من الإخوان المستقلين غير معترف بها.
بعد تجاهل الحكومة للنواب
طلبات الإحاطة مباشرة لرئيس الجمهورية
الجمعة، 05 ديسمبر 2008 04:09 م
النواب يوجهون طلباتهم البرلمانية للرئيس بسبب تجاهل الحكومة لهم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة