محمود عوض

دروس.. ونحن فيها

الجمعة، 05 ديسمبر 2008 08:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين عشرات التطورات الإقليمية والدولية المستجدة يجد الكاتب نفسه مشدودا غالبا إلى الحدث الأكثر إلحاحا. لكن فى أوقات الضيق والظلام والتراجع وافتقاد العزيمة ربما يجد المرء نفسه مشدودا أكثر إلى الحدث الأكثر إلهاما. حدث ليس فى الأخبار الجارية ولا هو قريب منها وإن كان فى مغزاها. حدث لا نخترعه من العدم وإنما تحقق فعلا ذات يوم وذات جيل وذات رؤية. حدث كان فيه مهزوم ومنتصر. ومع ذلك فالمنتصر انفصل عن مغزاه بينما المهزوم هو الذى يستعيده مرة بعد مرة ويقلب أوراقه ويستخرج منها العظات لنفسه ولأبنائه وكأن الخلاصة هنا هى أن المهزوم دائما ذاكرته أكثر حدة من المنتصر.

الحدث هو قيام مصر بتأميم شركة قناة السويس فى 26/7/1956 والمناسبة هى كتابات تحليلية بريطانية مستمرة وآخرها بقلم ريتشارد نورتون تايلور فى جريدة «الجارديان» البريطانية. حدث توقفت مصر الراهنة نفسها عن تذكره منذ سنوات طويلة ربما لأن سياساتها التالية ابتعدت كثيرا عن روحه ومغزاه. مع ذلك فلم يحدث أن تابعت الإعلام البريطانى مثلا المقروء والمسموع والمرئى وخلال العشرين سنة الأخيرة إلا ووجدت نفسى أمام إعادة دراسة للحدث وتحليل لمكوناته واستخلاص لعبره. أحيانا هى كتب أو وثائق جديدة. أحيانا مذكرات لم يسبق نشرها أو أسرار يجرى كشفها بأثر رجعى، أو حلقات تليفزيونية بعنوان «نهاية إمبراطورية» باعتبار أن هزيمة التدخل البريطانى المسلح فى بورسعيد - مع فرنسا - كان هو المسمار الأخير فى نعش الإمبراطورية البريطانية التى لم تكن تغرب عنها الشمس.

بالموازاة نجد فى الجانب المصرى تذبذبا متصاعدا وصل فى بعض الفترات إلى دعوات بائسة لإعادة تمثال فرديناند دى ليسبس صاحب فكرة قناة السويس إلى قاعدته السابقة فى المدخل الشمالى للقناة ببورسعيد، كرد اعتبار له بعد أن أزيل التمثال كنتيجة جانبية للغزو الثلاثى لمصر فى 1956. شهدنا أيضا دعوات أكثر بؤسا وجهلا وتبجحا فى مصر تزعم أن تأميم قناة السويس كان عملا متهورا من أساسه لأن القناة كانت ستعود إلى مصر تلقائيا مع انتهاء عقد الامتياز فى سنة 1969.. بينما التأميم انتهى بهزيمة لمصر لم ينقذها منها سوى تدخل من الولايات المتحدة أو تهديدات من الاتحاد السوفيتى.. إلخ.

فى المشهد هنا تصفية حسابات سياسية مرة وإصرار على تلويث النقاط المضيئة فى الذاكرة الوطنية مرات. فمن فى قلوبهم مرض من جمال عبد الناصر وعهده أو مجندون للترويج لثقافة الاستسلام التى أصبحت مطلوبة بشدة لترويج ما هو مستجد من مشاريع تبدأ بإسرائيل وتنتهى إلى تصفية ركائز الاقتصاد المصرى بسعر التراب وتنتهى أكثر وأكثر إلى التطلع من جديد لنهب البترول العربى وإعادته إلى بيت الطاعة بمثل ما كان قبل تأميم قناة السويس. وإعادة تشريحنا لحدث تأميم قناة السويس ليس لتهنئة الذات ولا لتمجيد أشخاص ولا حتى احتفاء بذكرى. المسألة كلها هى ألا تذهب تضحيات أجيال سابقة سدى، وأن تتراكم الخبرات الوطنية بدل انقطاعها وأن ندرس مرة بعد مرة نواحى الإيجاب والسلب فيما جرى لنخرج فى نهاية المطاف بالمغزى الحقيقى الذى يتشكل منه التاريخ الوطنى.

من حيث الشكل كانت قناة السويس «شركة مساهمة مصرية». أما فى أرض الواقع فقد أصبحت أول شركة متعددة الجنسيات عرفها العالم. وبتلك الصفة أصبحت دولة داخل الدولة. ومن البداية رفض دى ليسبس حتى وجود مدير مصرى واحد ضمن طاقم المديرين. برغم أن الشركة استخدمت عشرات الآلاف من العمال المصريين فمات فى حفرها منهم 120 ألفا، وبرغم الأراضى المجانية التى حصلت عليها من الحكومة لمسافة كيلومترين شرقا وغربا بامتداد القناة ضمن تنازلات أخرى بالغة الإجحاف. بل إن حفلات افتتاح القناة للملاحة الدولية التى أنفق عليها الخديو إسماعيل ببذخ وسفه رفضت الشركة أن تتحملها أو تساهم فيها بجنيه واحد. ومن بجاحة دى ليسبس أنه قال وقتها إنه يكفى مصر شرفا أن جاءتها الإمبراطورة يوجينى زوجة امبراطور فرنسا لتشارك فى الاحتفالات وهى مشاركة تساوى بحد ذاتها ملايين الفرنكات والجنيهات من الدعاية لمصر، وليس للقناة وشركتها.

كانت قناة السويس أيضا جرحا غائرا داميا فى التاريخ المصرى ويلخص استئساد أوروبا بقوتها الصاعدة علينا فى قاع هزيمتنا. وحينما جرى إرغام مصر على بيع ما تبقى من نصيبها من أسهم شركة قناة السويس إلى بنك بريطانى بسعر التراب لم ينتظر رئيس وزراء بريطانيا حتى الصباح وإنما أسرع بالأسهم إلى الملكة فيكتوريا ليقول لها مبشرا: «هذا من أجلك يا سيدتى».. بمعنى أنه رصيد استراتيجى واقتصادى غير مسبوق لحساب الإمبراطورية البريطانية فى ذروة هيمنتها على بحار العالم ومحيطاته. بالقناة بدأت بريطانيا.. وباحتلال مصر تطور مشروعها الإمبراطورى فى المنطقة بقفزات إلى الأمام. من تلك اللحظة، وطوال الاحتلال العسكرى البريطانى لمصر لمدة 74 سنة، استمر حلم استعادة مصر لقناة السويس فى صلب الوعى المصرى، وهو حلم يورثه كل جيل إلى الجيل التالى له حتى لا يتكيف مع الأمر الواقع. المشكلة كانت بالطبع هى أن أسباب الضعف كانت ماتزال هى السائدة فى مواجهة أسباب القوة التى جعلت بريطانيا محتلة ومسيطرة.

فى الأولويات المصرية الجديدة كان طبيعيا أن يصبح هدف إخراج الاحتلال البريطانى هو المقدمة. ولذلك فحينما أعلن جمال عبد الناصر قرار تأميم شركة قناة السويس فى 26/7/ 1956، كان هذا بعد خمسة أسابيع فقط من خروج بريطانيا عسكريا من مصر. القرار أصبح فى التو واللحظة قنبلة إقليميا ودوليا. وفى لندن كان نورى السعيد رئيس وزراء العراق ضيفا على مائدة أنتونى إيدن رئيس وزراء بريطانيا حينما ورد للأخير خبر التأميم، فحرضه نورى السعيد قائلا: لو نجحت مصر فى تأميم قناة السويس فسيخلق هذا ضغوطا هائلة على كل العرب لكى يؤمموا بترولهم.. ولذلك فهذه فرصتكم لكى تسحقوه وتجعلوه عبرة لمن يعتبر (يقصد جمال عبدالناصر).

لم تكن القصة هى عبدالناصر مع أنه كان عنوانا لها. القصة هى قناة شقها المصريون بأيدى آبائهم وأجدادهم، فأصبحت تاليا دولة داخل الدولة. لم يكن المواطن المصرى ممنوعا فقط من الاقتراب أو السير على أرصفة مبانى الشركة، ولا كان ممنوعا فقط وجود أى مصرى فى المناصب الإدارية العليا، وإنما كانت الشركة تستورد من أوربا كل احتياجاتها من المعدات إلى أقلام الرصاص، وحتى من غير رسوم جمركية. وكانت أرباح الشركة يتم تحويلها إلى الخارج بغير أن تقترب منها مصر أو حتى تتقاضى عنها ضرائب تحويل. وكل ما كانت الشركة تعطيه لمصر لم يتجاوز مليون جنيه سنويا حتى يوم التأميم.

أفتح هنا قوسا لأتوقف عند رقم واحد. ففى شهر أغسطس الماضى سجلت إيرادات القناة 504 ملايين دولار، بما يعنى أن القناة قد تحقق فى هذه السنة أكثر من ستة آلاف مليون دولار، أو ما يعادل 33 ألف مليون جنيه مصرى فى سنة واحدة مقابل المليون اليتيم الذى كانت تتقاضاه سنويا حتى التأميم. ونغلق القوس.

ولأن الأحلام الكبرى تحتاج إلى عقول كبرى فقد كان أهم سمات قرار التأميم دراسته المستفيضة سرا كما تبين فيما بعد. ليس فقط دراسة الموقف القانونى ولكن الأهم دراسة الموقف الإقليمى والدولى وجمع أكبر قدر من المعلومات والتحسب لأكبر قدر من المخاطر. فقبلها بثلاث سنوات فقط كانت بريطانيا وتحت قيادة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قد أسقطت حكومة محمد مصدق فى إيران وتم اعتقاله عقابا له على تجرؤه بالقيام بتأميم البترول الإيرانى فأصبح عبرة لمن يعتبر حول العالم. فى حينها كما الآن، كانت قناة السويس جزءا أساسيا من معادلة البترول فوق كونها ركيزة استراتيجية بحد ذاتها.

وبحسابات القوة المجردة لم يكن تأميم قناة السويس ممكنا. فمصر عسكريا ذات جيش وليد محدود يكاد يتدرب لأول مرة على أسلحة حديثة بدأت ترد مؤخرا.. بينما بريطانيا وإن كانت قواتها غادرت مصر لتوهاـ إلا أنها موجودة عسكريا فى ليبيا وفى قبرص وفى الأردن وفى العراق وكل مشيخات الخليج. فإذا أضفنا إلى ذلك أن فرنسا هى الشريك الثانى فى حيازة أسهم شركة قناة السويس تصبح خطوط المواجهة قاطعة: دولة صغيرة من دول العالم الثالث فى مواجهة امبراطوريتين ذواتا وجود مسلح منتشر فى المنطقة ومصلحة مباشرة فى استمرار تملك قناة السويس.

المعلومات التحضيرية الدقيقة كانت جهدا مصريا سابقا ولازما ومع ذلك فإنها لم تعط حصانة ضد المفاجآت غير المتوقعة. من أكبر تلك المفاجآت، مثلا كان التواطؤ السرى لإسرائيل مع بريطانيا وفرنسا فى مؤامرة لغزو مصر عسكريا لم تتكشف وثائقها إلا بعد الغزو بسنوات.المعلومات أيضا لم تكن بديلا عن التعبئة الوطنية الجادة. فحينما وقف جمال عبد الناصر يخطب فى الجامع الأزهر أثناء الغزو، وحينما جرى شحن قطارات بكاملها بالأسلحة الخفيفة إلى أهالى بورسعيد ومدن قناة السويس لم يكن المطلوب من المصريين الدفاع عن حاكم أو حزب أو نظام. المهمة كانت: الدفاع عن حق شرعى وحلم عاشه المصريون جميعا أبا عن جد. فى الإيمان بهذا الحق لم يكن الجهد وطنيا فقط، وإنما أصبح عربيا ودوليا أيضا.. لأن ساحة المواجهة يتوازى فيها المحلى والدولى. والغابة الدولية، فى لحظة فارقة نادرة، سمحت برفض أمريكى سوفيتى للغزو.. وإن يكن بدوافع مختلفة.

فى هذه العجالة لابد من التوقف عند درس جوهرى: فى الساحة الدولية لا تكفى عدالة قضية بحد ذاتها لانتصارها. بامتداد التاريخ هناك العديد من القضايا العادلة التى انتهت إلى الهزيمة وآخرها فى حينها كان قيام محمد مصدق بتأميم البترول الإيرانى. مصدق حصل على موافقة كاسحة من البرلمان. مصدق زاد على ذلك بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية شاكيا رفض بريطانيا لقرار التأميم. المحكمة قررت أن من حق إيران الكامل والقانونى تأميم بترولها. مع ذلك تحركت الغابة الدولية لكى تسحق مصدق وحكومته وتعيد إلى العرش الشاه العميل والمتآمر على مصدق من البداية.

من هنا لم يكن التحدى الأول لمصر هو فقط عدالة قضيتها فى استرداد قناة السويس .. وإنما أصبح التحدى التالى فورا والأكثر حسما فى الواقع هو حسن وكفاءة إدارة الملاحة بقناة السويس ذاتها. لو وقف العالم كله مع مصر بينما فشلت هى فى تشغيل القناة لأصبحت الهزيمة مدوية ونهائية. هذا يعنى أن الأحلام الكبرى قد يقودها رجال دول.. لكن الذى يضمن نجاحها هم رجال الخبرة.

ومن اللحظة الأولى لتأميم قناة السويس كان الفريق المختار والمكلف سياسيا بالإشراف على القناة هو بقيادة المهندس محمود يونس. لكن الأخير كان مفوضا فى موقعه بسلطات رئيس الجمهورية كاملة فى اختيار وتشغيل العناصر الأكثر كفاءة هندسيا وملاحيا.. وسواء كانوا مصريين أو أجانب. فقط حينما انسحب المرشدون البريطانيون والفرنسيون فجأة بربطة معلم كان الجهد والعلاقات السياسية هو ما سمح بالمجىء على وجه السرعة بمرشدين من اليونان ويوغوسلافيا ودول أخرى، إلى جانب ضباط البحرية المصرية الذين جرى إدخالهم فى دورات تدريبية مكثفة إسعافا للوطن فى لحظة احتياج وتحد غير مسبوقة.
ثم درس آخر. فمع أن العنوان المعلن لتأميم قناة السويس كان استخدام إيراداتها لتمويل مشروع السد العالى بأسوان جنوب مصر.. إلا أن القرار السياسى الحصيف وبعيد النظر من اللحظة الأولى كان تخصيص خمسة عشر بالمائة من إيرادات القناة سنويا من أجل تطوير القناة ذاتها وتحسين الملاحة بها. لو كانت الدولة اختارت من البداية وضع اليد على كل إيرادات القناة، فإن هذا كان سيصبح أقصر الطرق إلى الخراب.. فلا كنا بنينا السد العالى ولا كانت إيرادات القناة ستتضاعف سنة بعد سنة. وبرغم الإيرادات الضخمة المتزايدة للقناة سنة بعد أخرى فلم تسجل حالة فساد أو انحراف واحدة لأكثر من نصف قرن.

ودرس ثالث: أهمية معرفة أين تنتهى السياسة وأين تبدأ الإدارة. فبكل تلك الأهمية والحيوية لقناة السويس فى الاقتصاد المصرى كان العنوان الصارم المقرر سياسيا من البداية هو كفاءة الإدارة. لم يكن مسموحا لوزير ولا غفير، ولا حتى للحكومة كلها، أن تتدخل فى تعيين أو ترقية أى شخص أو التوصية على قريب أو بعيد. فلكى يكون الحساب عسيرا وصارما يجب أن تكون السلطة كاملة. الإدارة هى الإدارة والخبرة هى الخبرة والمشروعات الكبرى لا تديرها الأغانى ولا الخطب الحماسية أو التوجهات الحزبية. تديرها فقط عقول خبيرة ذات كفاءة كاملة بالمعيار المطلق. هذا بحد ذاته بالغ الأهمية فى عالمنا الثالث وربما فصل الخطاب، لأن الفشل يبدأ دائما من تغليب الولاء على الكفاءة.

ثم درس رابع: فإذا كانت مصر قد نجحت فى انتزاع قناة السويس من أنياب قراصنة الغابة الدولية وطردتهم من الباب، إلا أن عليها ألا تنسى للحظة واحدة أن هؤلاء القراصنة سيتلمظون دائما لأى فرصة تعيدهم من الشباك. مثلا.. حينما أعيد تشغيل قناة السويس للملاحة الدولية فى 1975 كانت هيئة القناة جاهزة بمشروع متكامل لتوسيع مجرى القناة قدرت تكاليفه بـ1300 مليون دولار. وتقدمت مصر إلى البنك الدولى لعله يساهم بإقراض مصر فوافق من حيث المبدأ طالبا إيفاد وفد مصرى إلى واشنطون لاستكمال المفاوضات. الوفد كان برئاسة المهندس محمد عزت عادل وهو نفسه أحد الثلاثة الكبار الذين كان جمال عبدالناصر قد اعتمد عليهم فى قيادة الفريق المنفذ لقرار التأميم.

وبكلمات الرجل التى كشفت تاليا سرا خطيرا آخر لم نعرفه إلا منذ سنتين فإن مسئولى البنك الدولى أخطروه ووفده باستعداد البنك لتقديم قرض بمائة مليون دولار لكن بشرط وحيد هو أن يكون للبنك سلطة الإدارة: «لضمان تنفيذ المشروع. وحين قلنا لهم إن المصريين قادرون قالوا إن هذا مشروع كبير. لكننى رفضت تماما. وإذا بمسئول البنك يقول لى: إن هذا ليس من اختصاصك والأفضل أن ترجع إلى حكومتك لسؤالها. فقلت إننى بالطبع سأرجع لكننى متأكد. وإذا قيل لى أن أوقع لكم مع وجود هذا الشرط فإننى لن أوقع».

لم يكن موقف المهندس محمد عزت عادل وفريقه المفاوض موقفا وطنيا فقط، لكن وجه المفارقة هو أن يتجرأ البنك الدولى على هذا الطلب المتبجح بعد كل ما كان.. ويطلبه من نفس الجيل الذى تحدى بكفاءته كل تلك الغابة الدولية، واستوعب تماما كل تضحيات المصريين من أجل استرداد القناة.

ثم درس خامس. إن الذين كانوا بحق وليس عن ادعاء جزءا محوريا من ذلك الأداء الوطنى الرفيع، وبمعايير دولية، اتسموا بالتواضع ونكران الذات إلى درجة أن أيا منهم لم يكتب مذكراته مثلا. مع ذلك فحتى الآن، وفى كل مدن قناة السويس، لن تجد شارعا أو ميدانا يحمل اسم محمود يونس أو أى من رفاقه، وبالطبع لن تجد تمثالا لأى شخص. ربما لأن إقامة التماثيل هذه مسألة استمرت مستهجنة بالكامل فى الثقافة السياسية المصرية. لكننا فى أقل القليل ننتظر من هيئة قناة السويس جهدا توثيقيا فى هذا الاتجاه.

بنجاح مصر فى تأميم قناة السويس كان الدرس مدويا بامتداد العالم كله.. من آسيا إلى إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية. وبغير هذا النجاح لم يكن ممكنا التفكير تاليا فى استعادة البترول العربى إلى أصحابه بعد طول نهب وسرقة. ربما من أجل هذا وغيره يتعلم المهزومون من هزيمتهم.. بينما المنتصرون هم الذين أصبحوا ضعاف الذاكرة بل يفرطون فى ميراث الأسرة بالخطوة السريعة. و ... ما أعادنى إلى قناة السويس فى هذه المرة لم تكن جريدة مصرية. كانت جريدة بريطانية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة