حظر النشر إجراء استثنائى ربطه القانون بضرورة توافر شروط معينة، أما الأصل فى الأشياء فهو علانية المحاكمات وحرية النشر بخصوصها لأن المسألة هنا لا تتعلق فقط بحق الرأى العام فى المعرفة وهو حق أكيد، وإنما فى ضمان حسن سير العدالة، وأنا هنا لا أدافع عن حقنا كصحفيين فى متابعة تلك القضايا ونشر تفاصيلها، ولكننى أدافع عن حق الرأى العام فى أن تصل إليه المعلومات وأن يعرف ماذا يجرى وخصوصا فى قضية هشام طلعت، نظرا للملابسات التى صاحبتها وبالذات حظر النشر الذى أعطى انطباعا لدى الناس بأن هناك متهمين سوبر يتمتعون بالحماية.
إننى على قناعة تامة وليس لدى أدنى شك فى أن اللجوء إلى قرار حظر النشر يتم لحماية أشخاص بعينهم، وفى قضايا غالبا تتعلق بالفساد والتى غالبا ما يكون المتهمون فيها من كبار القوم، وإلا فليفسر لى أحد ما هو السر فى عدم فرض الحظر فى قضايا المواطنين العاديين؟
أما ما يقال من أنه يتم اللجوء إلى هذا الإجراء الاستثنائى بسبب تجاوزات البعض من الصحفيين، فأنا أرى أنه إذا توافرت الشروط وثبت أن البعض تجاوز فى النشر وبما يؤثر على سير العدالة، فالأفضل هنا أن تتم محاسبة المتجاوزين فقط، أى أن المحكمة التى أخذت قرارا بحظر النشر استنادا لبعض الوقائع التى اعتبرتها تجاوزا، كان يمكن أن تحيل أصحابها إلى التحقيق، بدلا من حرمان الرأى العام والصحافة من متابعة هذه القضايا. لقد شاهدنا فى الأشهر الأخيرة الماضية استخداماً لقرار حظر النشر بطريقة أصبحت مفرطة، وهذا مالم يكن معهوداً من قبل وهذا فى رأيى خطوة لحماية أشخاص بعينهم، وليس لحماية العدالة أو الأمن القومى العام.