◄لابد أن يكون ذكيا فى التعامل مع المواقف الاجتماعية وقادرا على تحمل المسئولية أيا كانت ومثابرا فى العمل.
«إذا لم يكن لديك حلم تسعى لتحقيقه فعليك التأكد من أنك لا تزال على قيد الحياة».
هذه هى الحكمة التى تؤمن بها الطبيبة داليا الشيمى الخبيرة النفسية ومؤسسة «عين على بكرة»، وهو أول موقع إلكترونى متخصص فى المساندة النفسية للمتضررين من الحروب والكوارث والأزمات، وتلخص بها قصة نجاحها التى ترى أن والدتها صاحبة الجزء الأكبر من أسرارها، فهى أم من طراز خاص، لديها رؤية خاصة للحياة، تتسم باتساع الأفق والسماح بمناقشة أى موضوع. قد تندهش إذا سمعت من داليا الطفلة أنها تحلم أن تصبح «صحفية فى الحرب» فقد كانت وقتها تفكر فى مجال صعب تخدم الناس من خلاله، حلم يبدو غريبا أن يصدر من طفلة، لكن الأم شجعتها على معرفة المزيد من المعلومات عن طبيعة العمل الصحفى.
داليا عادت سنوات إلى الوراء تتذكر أيام الدراسة الجامعية: «كنت بحس إنى عاوزة آخذ الكتب بالحضن عشان مفيش حاجة تقع منها»، ورغم أن الدراسة كانت شديدة الصعوبة، فإنها استطاعت بمساعدة والدتها أن تكون الثانية على دفعتها، وبعد شهر من التخرج راودها حلم الصحافة فعملت فى إحدى الجرائد، وركزت على التحقيقات التى تحمل بعدا نفسيا، مثل الأطباء وعلاقتهم النفسية بالمرضى، ومحاولة اغتيال الرئيس من وجهة نظر نفسية «كيف يرى الناس الحادث وهل هناك خلل نفسى بين الحكومة والشعب؟» لكن الصحافة لم تشبع رغبتها فى التفاعل مع الناس وحل مشاكلهم، فكانت عيادة البلوغ فى مستشفى الجلاء للولادة هى المكان الأول الذى بدأت فيه تحقيق حلمها، إلى جانب انتدابها للتدريس فى الجامعة، ثم الكثير من الدورات فى العلاج النفسى و3 سنوات فى العلاج النفسى للمدمنين.
«مجموع الثانوية مهما كان كبيرا لا يكفى وحده لصنع طبيب جيد، فهذا يحتاج إلى عدد من السمات الشخصية التى تؤهل الطالب لهذا العمل، فالطبيب هو الحكيم الذى لا يعالج الناس فحسب بل يداويهم»، هذا ما قالته الطبيبة داليا التى حددت هذه السمات فى رسالتها للماجستير فلابد أن يكون الطبيب أقل عدوانا، وأقل شعورا بالإحباط، وأكثر ذكاءً فى التعامل مع المواقف الاجتماعية والقدرة على تحمل المسئولية أيا كانت، مع المثابرة فى العمل. امتياز مع التوصية بالطبع والتبادل مع الهيئات العلمية، هذا هو التقدير الذى حصلت عليه داليا فى الدراسة التى تناولت الخصائص الشخصية للطبيب الكفء، وهو عنوان يبدو بعيدا عن علم النفس لكنه يكشف عن الحدث الجلل الذى قلب حياتها رأسا على عقب: «توفيت أمى بسبب خطأ من طبيب، قبل امتحانات الليسانس بعشرين يوما»، كانت والدتها مصابة بالفشل الكلوى وأثناء قيامها بالغسيل فى أحد المستشفيات الحكومية، تركها الطبيب ليذهب إلى المستشفى الخاص الذى يعمل به، ونسيت الممرضة أن تعطيها حقنة سيولة الدم فتجلط الدم على جهاز الغسيل الكلوى: «كنا نرمى دمها اللى تجلط فى مكنة الغسيل الكلوى فى البلاعة بعد وفاتها».
حالة إغماء انتابت داليا، ولم تصدق أن أمها توفيت، لكنها لم تستطع أن تنكر ذلك طويلا وحاولت التعامل مع الحياة مرة أخرى، لكنها لم تعد كما كانت، فرغم أنها كانت تفعل نفس الأشياء التى كانت تقوم بها أيام والدتها لكن كل شىء فقد طعمه: «بعد الوفاة، شعرت أنا ووالدى أننا عريانين، واننا بنعمل شكل الحاجات اللى كنا بنعملها، لكن من غير روح».
داليا فكرت طويلا فى طريقة تستطيع من خلالها إيصال كل ما عرفته وتعلمته للناس، ومن هنا كانت فكرة إنشاء أول موقع إلكترونى متخصص فى المساندة النفسية للمتضررين من الحروب والكوارث والأزمات، من خلال شقين أحدهما علاجى والآخر وقائى، يعتمد على التنمية مثل دمج الأطفال المعاقين فى المدارس العادية، ومناهضة العنف الموجه للأطفال، وقد أهدت هذا الموقع إلى روح أمها وأبيها. هدف الموقع الأول هو التنمية فى كافة المجالات ولكل الناس ونشر «فقه الآخر» بين الناس، فلابد أن يكون هناك مكان للآخر فى حياتنا.
12 يوليو 2006، اليوم الأول فى حرب لبنان هو اليوم نفسه الذى توفى فيه والدها، أنكرت داليا الأمر فى بدايته لكنها بعد 3 أيام فقط عرضت أن تسافر لتقدم مساندة نفسية لأطفال لبنان، واعتبرته جهادا فى سبيل الله وجهت ثوابه لوالدها: «بعد أن شاهدت الحرب، وكيف يتسلم الأهل أشلاء ذويهم، حمدت الله أنى دفنت أبى قطعة واحدة». أصدرت بعدها أول كتاب باللغة العربية عن الأطفال فى النزاعات المسلحة يتناول كيفية تدريب المدرسين على تفريغ خبرات الأطفال عن الحرب من خلال الرسم واللعب.
أسست أول موقع الكترونى متخصص فى المساندة النفسية للمتضررين من الكوارث والأزمات والفقر
الخبيرة النفسية داليا الشيمى: مجموع الثانوية العامة الكبير ليس كافيا لصنع طبيب ناجح
الجمعة، 05 ديسمبر 2008 04:52 ص
داليا الشيمى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة