محمد جوهر

الإعلام والخذل

الجمعة، 05 ديسمبر 2008 05:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وأصبح تناول الاقتصاد فى البرامج الحوارية فقط للتشكيك فى قدرة وذمة القائمين عليه.. ولم يقدم برنامج تاريخى واحد عن أى شخصية اقتصادية مثل طلعت حرب..

إن المشاهد الأخيرة لاستخدام وسائل الإعلام «قومية، قومية مملكة وأجنبية ذات غطاء عربى تجلت فى أنها جميعا تضرب القضايا المصرية المصيرية بشكل يظهر الخلاف والتعارض، ويقسم الوطن المصرى إلى مسئولين وساسة، ومؤسسات وهيئات فى جهة ثانية.. والشعب فى جهة ثالثة. وظهر هذا الاختلاف والتضارب الواضح فى شكل صراعات داخل مجلس الشعب المصرى نفسه، تجلت فى مناقشة قانون منع الاحتكار، وانتهت بمنع إذاعة جلسات مجلس الشعب فى التليفزيون المصرى.

وظهر الاختلاف داخل الحزب الوطنى الحاكم، وتجلت فى تصميم انتخاباته القاعدية والتى اتُهمت بأنها فقط لإزاحة الحرس القديم، وانتهت بحملة إعلامية للتشكيك فى ذمم وقدرة قياداته. وظهر الاختلاف والتضارب الموجه للشعب فى أساليب التعامل مع قضية غرق العبارة، وقضية الجريمة كليب إياها، وانتهى بصور إعلامية لضرب أهالى ضحايا العبارة.. وظهور المتهمين بالقتل فى برامج تدعو إلى العفة. وأظهر لنا الإعلام صورة السيد جمال مبارك على أنه الرئيس المتربع على الحكم، بدلا من إظهاره فى الصورة الحقيقية له بأنه جيل المعاناة مع الجمود، والمتطلع للإصلاح والتحديث، وبدلا من أن تكون صورته الساعى إلى التطوير والذى يعانى مما نعانى جميعا منه أصبح يُحمّل كل أعباء محاسبة القائد.. وقدمت جهوده الأساسية للإصلاح الاقتصادى بخذل أكبر من الإعلام، وهو عدم القدرة على تقديم سياسة الخصخصة والاقتصاد الحر وتطوير السوق وتنمية قدراته، ولم يتجاوب مع سرعة عملية التغيير، ولم يتابع من خلال استراتيجية وخطة علمية عملية التطوير والتطويع، وتبنى أهداف تحرير وتوسيع قوة الإنتاج وإضافة مزيد أحسن لعقلية الإنسان المصرى نحو فكرة السوق والتسويق بشكل عام.

ورغم أن الاقتصاد المصرى يقف أمام تسونامى الركود بشكل يحسده عليه دول أقوى اقتصاديا.. فإن هذا لا يوجد له تقدير فى أفكار الناس تكسبه قدرة وحماية وضمانا للاستمرار. ولم يدخل الاقتصاد الحر لقنوات الخدمة العامة.. ولم يصل لبرامج الطفل والمرأة.. أو برامج الزراعة أو برامج تشجيع المهاجرين ليصبحوا مستثمرين.. ولم تستخدم القنوات المحلية فى إبراز أهمية الصناعات الصغيرة، ولم يقدم أى مجهود لتعريف الناس بالنظم الجديدة للتنافس الخلاق.. أو رفع القدرات أو شحذ الهامات، ولم يقدم أى برنامج يقرب عملية الإصلاح الاقتصادى من عامة الناس.. ولم يركز على بناء تقارير جيدة مرتبطة بالمؤتمرات الاقتصادية والأحداث المهمة، وكذلك نشاط القائمين عليها.. والتى لا نرى صورة لهم فى الإعلام إلا سالبة.. ولم يقدم الإعلام أى وسيلة تدفع إلى تبنى سياسة مكافأة الناجحين ومعاقبة المخالفين.. ولم تقدم مراقبة جيدة لشكل وهدف الإعلان.. ولم تقدم برامج خدمة عامة دون تفرقة للوضع الاقتصادى للمواطنين، بحيث يرون أنفسهم فيها ويرون ما يحتاجونه من توجيه نحو الاقتصاد الحر حسب احتياجاتهم، وبشكل فعال ومتواصل.

وأصبحت فكرة الإدارة المركزية هى الوحيدة التى تروج من خلال الإعلام وليست أفكار الشركات المساهمة أو الرابحة أو الـ CoorPorate وتراجعت فكرة الاستثمار فى القنوات الخاصة من المصريين, نظرا لعدم تشجيع ودفع رأس المال فى عمليات الإنتاج والتوزيع فى محطات التليفزيون المملكة للدولة.ولم نحاول تغيير الهيكل الاقتصادى لإعلام الدولة, وهو الذى لا يمكن أن يوصف أنه الخارج عن تفكير الحساب الاقتصادى بمعنى المعروف على الإنتاج يحسب بتوقع العوائد. ولا نقوم بعمل أى مجهود لتسويق البرامج.. فلم نفكر فى شركات خاصة للتسويق وفتح أسواق جديدة، ولا نقوم بتوزيع البرامج على أسطوانات أو خلق WebCast جديد لها بحيث ننوع دخل الإعلان، ولم نحاول فتح أسواق للمنتج الإعلامى فى أوروبا وأفريقيا وبلاد آسيا المسلمة والتى تتوق إلى إنتاجنا.

وأصبح تناول الاقتصاد فى البرامج الحوارية فقط للتشكيك فى قدرة وذمة القائمين عليه.. ولم يقدم برنامج تاريخى واحد عن أى شخصية اقتصادية مثل طلعت حرب.. وأصبحت برامج الأخبار تخشى من التعامل مع المسألة الاقتصادية.. وبدت أفكار برامج المنوعات والموسيقى بأسعار نجومها المرتفعة، ولا يوجد برامج ثقافية عن أهمية السوق الصحيحة.. ولا يوجد أى برامج للأطفال تبدأ من فكرة أن الحياة لها مردود اقتصادى.. ولم نبحث عن أحوال المهمشين اقتصاديا. وهكذا أصبحت المسئولية الاقتصادية بعيدة عن واقع الشعب المصرى.. وساسته وحكومته معزولون متهمون مشكوك فى قراراتهم حتى لو ملكت أسهم الشركات للشعب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة