د.فوزى حتحوت

لا تراهنوا على الأنظمة

الأربعاء، 31 ديسمبر 2008 05:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر بنا الأعوام هجرية وميلادية، والأمتان الإسلامية والعربية من سوء إلى أسوأ، والضعف والتراخى فى الهمة والعزيمة لا يفارقها، والشجب والتنديد والبكاء على اللبن المسكوب من آياتها، والانقسام والتخوين والتمزق يضرب فى أرجائها، والاتهام بالعمالة وادعاء الشرف على بعضها البعض دون تقديم البديل النافع المجدى والمنقذ للأمة من ملامح أنظمتها الحاكمة، وأنظمة فى غالبها لم تستطع أن تقدم الكرامة والرخاء المالى إلى شعوبها أو حتى أحدهما فى أسوأ الظروف.

وشعوب تمنى نفسها وتنادى وتصرخ بخيبر خيبر وبعودة صلاح الدين المنتصر والمنتظر فى أحلامها، وخالد بن الوليد يراودها بطولاته، بلا فائدة وبلا أمل فى العودة، ومشاكل الأمتين تتفاقم وتزداد تدهورًا، وجيوشًا جامدة لا تتحرك، لا تعلم حقيقة قوتها من ضعفها.

وتظل الأنظمة تراوغ لعل القوى العظمى والعدو لا يطولها ولا يمسسها بسوء، ويحفظ لها بقاءها، مقابل هزيمة حلم الشعوب ورغباتها وأمنياتها فى تذوق الكرامة والحياة الكريمة، البعض من تلك الأنظمة تتأسد على بعضها البعض وعلى شعوبها وفاقدة للقدرة على الاتحاد مع بعضها البعض لرد العدوان والتمتع بعزتها وقوتها، وتسعى لإلقاء المسئولية على بعضها البعض ليبتعد كل نظام عن تحمل تبعات المواجهة، وهناك محاولات دؤوبة لتشتيت المسئولية، والدعوة لمؤتمرات قمة لا تؤتى ثمارها، حفاظًا فقط على ماء وجهها، فى مواجهة دماء تنساب وشهداء يسقطون ومصابى غارات عدو قد يبدو أنه ملك زمام الأمر، ومقدسات تضيع، ومقاومة تعانى وتئن من قلب الحقائق وتغييرها.

فى ظل هذا الصريخ والعويل والمراوغة والتخوين والاتهام بالعمالة تتآكل شعوب الأمتين وتذهب ريحها، وتسقط فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرهم، وتسعى أنظمة للانسلاخ إلى تحالفات أخرى غير عربية أو إسلامية، بعيدًا عن هذه الأنظمة التى فقدت مصداقيتها ووجودها الحقيقى على الساحة الدولية.

ومن هنا أصحبنا نعيش أوضاعا حزينة لغياب أى رغبة حقيقية فى الإصلاح على كافة المستويات لدى هذه الأنظمة، وعدم توافر الإرادة لديها لتقديم الحلول العملية المجدية والمفيدة للأمة، بقدر الرغبة فى المزيد من المناورات والمراوغات وكسب مزيد من الوقت. ولتبقى هذه الأوضاع الحزينة إلى أن تتوافر الرغبة والإرادة الحقيقية لحفظ الكرامة وتحقيق أمانى الشعوب، وتقديم رسالة ورؤية حقيقية لواقع المجتمعات العربية والإسلامية، وعدم الاكتفاء بالمسكنات التى لا تغنى عن نصر وإحساس بالعزه.

وإلى أن يُطهر معين الماء من فساده بشكل حقيقى وسليم، على قيادات الشعوب ونخبها ومؤسسات المجتمع المدنى العمل على تنمية مهارات التخطيط الاستراتيجى ومهارات الإدارة، ودعم المنهج العلمى القادر على تنمية المهارات العقلية والذهنية لدى المجتمع، وتنمية مهارات إدارة الأزمات، على كافة الأصعدة والمستويات، مما يسهم فى تشكيل مواطن عصرى قادر أن يدير الأحداث ويتفاعل معها بشكل أكثر حيوية وتأثير.

ولا يسعنى الآن فى هذا السياق، وفى هذا الزمن الذى اختلط فيه الحابل بالنابل وضاعت الحقائق فى وسط زحام الآراء والمناورات الكلامية والخطابية، وضعفت فيه شوكة الأمتين العربية والإسلامية، إلا أن أردد كلمات الشيخ العلامة أبى حامد الغزالى ينصح فيها الحاكم بقوله "أيها السلطان... إن مثلك كمثل معين الماء. وسائر العلماء فى العالم كمثل السواقى، فإذا كان المعين صافيًا لا يضر كدر السواقى، وإذا كان المعين كدرًا لا ينفع صفاء السواقى".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة