على الرغم من أن العالم كله انشغل بما يحدث فى قطاع غزة من عمليات قتل ووحشية تمارسها إسرائيل هناك بحق الفلسطينيين، إلا أن رصد رد فعل الرئيس الأمريكى المنتخب باراك أوباما كانت أيضا محط اهتمام العديد من وسائل الإعلام الغربية. ربما لأن أوباما كان ينبئ بتغيير ما قد يحدث فى السياسات الأمريكية إزاء الصراع الفلسطينيى الإسرائيلى. وقد اهتمت صحيفتا التايمز البريطانية، ونيويورك تايمز الأمريكية، بموقف أوباما من العنف الواقع على غزة، وما يمثله ذلك من تحدٍ جديد أمامه.
صحيفة التايمز قالت، إن باراك أوباما رفض أمس الاثنين، تدعيم موقفه من الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن الرئيس الأمريكى وفريقه لم يعد لديهم شك فى أن هذا الهجوم وجه صفعة قوية لآمال الإدارة الأمريكية القادمة بالتوصل إلى اتفاق سلام فى الشرق الأوسط خلال مرحلة مبكرة من تولى أوباما الرئاسة.
فقد أجرى أوباما اتصالاً هاتفياً مدته ثمانى دقائق مع وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس يوم السبت الماضى وأمضى عطلة نهاية الأسبوع فى هاواى يتحدث مع مستشاريه حول الوضع فى غزة.
ويمثل العنف المتزايد فى غزة أول أزمة فى مجال السياسة الخارجية وغير متوقعة أيضا أمام الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته القادمة هيلارى كلينتون، فى الوقت الذى تواجه إدارته هموماً متزايدة تتمثل فى التحديات الجيوسياسية فى كل من أفغانستان وباكستان والعراق وإيران وكوريا الشمالية وروسيا.
وتمثل الكيفية التى سيتعامل بها أوباما مع هذا الأمر وتحديداً كيفية دفاعه عن إسرائيل بقوة مخاطرة فى علاقته مع كل من بريطانيا والحلفاء الأوروبيين الآخرين. وعندما يبدأ أوباما بسبر أغوار حقل ألغام السياسة فى الشرق الأوسط، فإنه، شأنه فى ذلك شأن أسلافه، سيجد دوره يدخل فى التعقيدات التى تفرضها عليه قوة وسلطة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل فى أمريكا، مقارنة بأوروبا التى تتعاطف مع القضية الفلسطينية بشكل أكبر.
أما صحيفة نيويورك تايمز فقالت، عندما ذهب أوباما إلى إسرائيل فى يوليو الماضى، أبدى دعمه الكامل للهجمات الإسرائيلية التى تأتى رداً على إطلاق صواريخ على المدن الإسرائيلية الجنوبية، مثل التى وقعت بداية هذا الأسبوع.
وأضافت الآن سيكون على إدارة اوباما أن تواجه عواقب مثل هذه الهجمات المضادة التى تعد الأعنف من جانب الإسرائيليين ضد الفلسطيينين خلال عقود، الأمر الذى يجعل أوباما أمام أزمة خارجية أخرى عليه أن يتعامل معها بمجرد أن يضع قدمه داخل البيت الأبيض فى العشرين من يناير القادم، وذلك على الرغم من أن أوباما ومستشاريه ناضلوا من أجل التركيز أكثر على مشكلات الاقتصاد الأمريكى.
فأوباما لم يقل الكثير منذ فوزه فى الانتخابات فى مجال السياسة الخارجية على العكس من تصريحاته الكثيرة حول الاقتصاد. وكان انتخاب أوباما الشهر الماضى قد أثار التوقعات، بين كل من الحلفاء والأعداء على حد السواء، بأن هناك تغييراً سيحدث فى السياسات الأمريكية، مما أدى إلى تعرض أوباما للكثير من الضغوط التى تطالبه بالإعلان سريعاً عما ينوى فعله. ولم يقل أوباما إن لديه أفكاراً أفضل من الرئيس جورج بوش فيما يتعلق بحل الصراع بين إسرائيل وحماس التى تسيطر على قطاع غزة.
ويرى أرون ديفيد ميلر أستاذ العلوم السياسية بمركز واشنطن ومؤلف كتاب "الأرض الموعودة" الذى يسرد تاريخ الجهود السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أن ما يحدث فى غزة يضع الإدارة الأمريكية الجديدة أمام أزمة طارئة دون إمكانية فعل الكثير لمواجهتها. وقد أدى القتال المتجدد والإدانة الدولية لرد فعل إسرائيل إلى تراجع الآمال لتحقيق تقدم سريع فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، التى بدأها الرئيس بوش فى أنابوليس فى نوفمبر 2007. وربما لا يوجد الكثير الذى يمكن أن يحصده أوباما من وضع أجندة طموحة لقضية مثل قضية الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. لكن ما حدث فى غزة يكشف عن أنه ليس لديه خياراً آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة