تثير رواية الكاتب وحيد الطويلة "أحمر خفيف" بعض المتعة الجمالية الأكيد، سواء كانت أفكاراً وأسئلة وأجوبة قد لا تكون مباشرة، شخصية الرئيسية فى الرواية أى "محروس"، فى حالة احتضار بعد إطلاق الرصاص على هذا الرجل "الجبار" والناس حوله ينتظرون أن ينهى ملاك الموت عمله الذى يبدو أن لا مفر منه.
إلا أن الأمر لا ينتهى ويبقون على انتظار ربما ذكرنا، مع اختلاف الموضوع وبعد الشبه إنما من ناحية الانتظار شبه العبثى، والصورة التى تقفز إلى الذهن فقط، برائعة صامويل بيكيت "فى انتظار جودو" أو جودو الذى يأتى ولا يأتى.
الأسئلة كثيرة وكذلك الأفكار، ومن الأجوبة الأساسية التى يبدو أن وحيد الطويلة يطرحها، أو فلنقل الجواب الأساسى الوحيد، فكرة نستطيع أن نزعم أننا نستخلصها من أمرين: الأول هو بداية الرواية، والثانى هو نهايتها. إنها تكاد تقول كلاماً ليس بالجديد، وهو أن الحياة تستمر. لكنها تقوله "بحدة" ممتعة ساخرة أليمة مضحكة مبكية، كأنها الحياة.
وبطل الرواية يبدو أحياناً كجبل، وأحياناً مثل شجرة ضخمة باسقة يستظل بها آخرون وتنبت بتأثر منها وبدعمها شجيرات أخرى. كما أنها تستنزف غيرها من الشجيرات التى لم تستطع النمو كثيراً فى ظلها. وهذه الشخصية تظهر لنا أيضاً كأنها بلد ينتسب إليه كثيرون. منهم من أعطاه بلده الحبيب هذا بسخاء، ومنهم من يتهم بلده كما تتهم بلدان كثيرة أيضاً بأنها تشرب دماء أناسها وعرقهم ولا تكافئهم بما يكفى.
بين البداية والنهاية بدايات ونهايات عديدة وبدايات لم تصل إلى نهاياتها. أشخاص وشخصيات ثانوية ومهمة. إنه عالم كامل صغير كأنه نموذج لذلك الأكبر منه. منهم من يعيش فى خجله أو عقده أو نقاء أحلامه أو ينغمس فى ما يبدو "شذوذاً" هو فى النهاية خيط من النسيج العام يتعايش مع كل تلك الخيوط.
يذكر أن الرواية صدرت عن مؤسسة "الدار" للنشر فى القاهرة، بغلاف من تصميم يوسف ليمود وجاءت فى 265 صفحة متوسطة القطع.
المؤلف وهو سندباد سافر لسنوات كثيرة قال بطريقته الساخرة الموحية، إن روايته كتبت فى ستة مقاه فى تونس ومقهيين اثنين فى قطر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة