رداً على اتهامها بالإساءة للإسلام من خلال مجموعتها القصصية "فانيليا سمراء"

منى وفيق: اتهامى بالإساءة للإسلام مجرد "مزحة"

الأحد، 28 ديسمبر 2008 03:38 م
منى وفيق: اتهامى بالإساءة للإسلام مجرد "مزحة" الكاتبة المغربية منى وفيق: محاكمة الإبداع صارت بلا ضوابط
حاورها عبد الرحمن مقلد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبحت تهمة الإساءة للأديان هى التهمة الجاهزة التى توجه للكتاب العرب هذه الأيام، كما أن محاكمة الكتابة الأدبية والإبداع الفنى بمقاييس غير أدبية أصبح هو العادى والسائد حالياً. فى الفترة الأخيرة اتهم العديد من الكتاب بتهمة الإساءة للأديان، من حلمى سالم لجابر عصفور لأحمد عبد المعطى حجازى إلى يوسف زيدان إلى الكاتبة المغربية منى وفيق التى اتهمت بالإساءة للإسلام والذات الإلهية من خلال مجموعتها القصصية "فانيليا سمراء"، ولم يتوقف الأمر عن ذلك، ولكن الأمر تطور لوقوف الروائى وصاحب دار نشر أزمنة الأردنية أمام المحكمة بتهمة نشره مجموعة منى وفيق، والتى أكدت أن اتهامها بالإساءة للإسلام مجرد مزحة ولا تصدقها حتى الآن، كان لليوم السابع معها هذا الحوار ..

ما حقيقة ما أثير حول المجموعة، من الإساءة للدين الإسلامى والذات الإلهية؟
إنها مجرد "مزحة"، لحد الآن مازلت لا أصدق الأمر، إنها تهمة جاهزة يستعملها البعض لتعطيل تفكيرنا والتشويش على رؤيتنا للواقع، وليست المرة الأولى التى توجه تهمة الإساءة لمبدع عربى، طالما سمعنا عن تهم من نفس النوع، وربما أكثر، كل هذا هدفه عرقلة تطورنا، إن من حاكم مجموعتى بهذه التهمة، اختلق لنفسه نصاً آخر، وبحث عن المبررات، لقد كذب وصدق كذبه.

إن كتابى مجموعة من النصوص الحالمة كتبتها بنفس عميق، دونما الإساءة لأى دين، سوء أكان إسلاماً أو مسيحية، أو بوذية، أو يهودية. فتكوينى علمنى أن أحترم الآخر وأحبه بأشكال مختلفة كيفما كان لونه أو دينه أو جنسه، ومن هذا المنطلق لا يمكننى باعتبارى مبدعة أن أسيئ لأحد ناهيك عن الإسلام. "الإساءة للدين" هى التهمة الجاهزة التى ستكون بانتظار قادمين جدد كما أتوقع!!


ما تعليقك على الحملة الشرسة التى تواجها دار أزمنة الصادرة عنها المجموعة، وصاحبها الروائى إلياس فركوح؟
يبدو أن الدار مستهدفة بالأساس، حيث إن "فانيليا سمراء" هى رابع كتاب يصادر إذ سبق وأن قامت دائرة المطبوعات بمنع توزيع ثلاثة كتب لدار أزمنة خلال الأشهر الأخيرة، وهى ديوان "ينطق عن الهوى" للشاعر الأردنى طاهر رياض وديوان "حصة آدم" للشاعر السعودى زياد السالم، وديوان "إليك سيدتى بغداد" للأديبة وداد الجورانى.

إنها حملة رديئة لا نعرف مبرراتها، لأول مرة فى التاريخ العربى نسمع منع أربعة كتب لدار معينة خلال شهر واحد، إنه إنجاز مخزٍ للغاية، سيظل بمثابة علامة انحطاط وتخلف على كيان بأكمله.

هل تتوقعين أن المجموعة لو صدرت عن دار أخرى، لواجهت نفس الاتهامات؟
لا أظن ذلك، لأن ما واجه كتابى هو نية مسبقة وحكم جاهز للإجهاز عليه، وعلى الدار التى طبعته، لو كان الكتاب طبع فى المغرب أو مصر أو لبنان، لما تعرض لكل هذا الهراء الذى يسكن فكر وشعور المتزمتين، مع العلم أن العقلية نفسها تمتد على خريطة العالم العربى، وإن كان نسب تحكّمها متفاوتة، عقلية تصنع لنفسها دوراً رقابياً، حتى تتمكن من فرض سيطرتها على عقول الناس، وتسيرهم أينما أرادت.


هل كونك امرأة ساهم فى زيادة ضراوة هذه الحملة، على اعتبار أن المرأة محرم عليها الحديث فى الوطن العربى؟
لقد أبدت مجموعة من الأنظمة تفهماً لضرورة إدماج المرأة ضمن محيطها، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل لتصبح المرأة متحررة من الرؤية الدونية التى التصقت بها، باعتبارها عورة، وباعتبارها ملكاً يعود للرجل، هناك فئة عريضة تؤمن أن مكان المرأة هو البيت، وأن تبقى مسجونة بين أربعة جدران، لا تخرج إلا إلى قبرها ومثواها، شخصياً أتجاوز هذا الأمر فكرياً، وهو بالنسبة لى غير مطروح بتاتاً، فأنا أعرف الإنسان كإنسان وكفى دونما أن يهمّنى إن كان امرأة أو رجلاً أو جنساً ثالثاً..، لكن على الكثير فى العالم العربى أن يعيد التفكير فى العلاقة بين الرجل والمرأة، وهذا لن يتأتى إلا بوجود إرادة شعبية عربية جماعية.

وماذا عن قضية الحريات فى المجتمعات العربية؟
لو أن جميع الحريات فى العالم العربى منحت لإنسان عربى واحد لما كفته!!
الأنظمة فى العالم العربى استبدادية تماماً، والحريات فى العالم العربى تحتاج إلى انفتاح أكثر وتوسيع للهامش الذى نتنفس فيه.

سواء اخترنا أن يُقذف بنا فى هذا العالم أم لا، فنحن أحرار مِلكٌ لأنفسنا وحسب!! صحيح أننا فى النهاية إنسان واحد لكن كل واحد منا يعيش حياته وإنسانيته المتفردة!!، إنهم لا يقمعوننا فقط، إنهم يريدون أن يعيشوا حياتهم وحياتنا.

الكثير من التعليقات المنشورة حول المجموعة، تتهمك باختلاق أزمة، وأحد التعليقات يتهمك بمحاولة التقرب لـ "أعداء الأمة" كما يقول، وأحد هذه التعليقات يطالب بمحاسبتك وإغلاق دار أزمنة؟ كيف تردين عليها وبماذا تفسرين ذلك؟
شىء طبيعى أن تتواجد هكذا تعليقات، وإلا لما كنا فى ضيعة وتخلف، أحيانا نسمع أن أشخاصاً قد فجروا أنفسهم فى حافلة مليئة بالأبرياء، لا نعرف السبب، لأن الكبت يولد الانفجار فى أى مكان وفى أى زمان ودون مناسبة فى أحايين كثيرة وهذا شىء طبيعى، بعضنا يدافع عن قضايا لا يؤمن بها وبعضنا يرتكب مجازر وهو لا يعرف ما السبب .. كل هذا لا إجابات له، نحتاج إلى وقت طويل لنجيب.

لكننى وأنا أقرأ كل تلك التعليقات فى موقع إحدى الصحف الأردنية، أشفقت على بعض المعلقين أكثر مما غضبت منهم. حين تُجمّد تفكيرك فى مستوى معين، حين تضع مليون حاجز أمام وجدانك، حين ترفض أن تقرأ وتفهم وتستوعب وتسمع، حين تعادى مالا تعرفه وتطلق أحكاماً جاهزة ومسبقة قبل أن تعرف ماذا سوف تكون ردة فعلى غير الإشفاق على نفسك منك؟!!

"الكثير من الكتاب العرب يجيدون لعب دور الضحية، للشهرة وأمور أخرى"، ما مدى تصديقك لهذا الاتهام؟
فى الوقع تلقيت خبر المنع منذ اليوم الأول من رمضان، امتنعت عن تدويل الخبر حيث كنت أمنّى نفسى بتراجع الدائرة عن قرارها، ولم أخبر أى أحد اللهم المقربين جداً منى، طلب منى بعض الزملاء والأصدقاء الذين عرفوا بالصدفة بأمر المصادرة أن أستغل الأمر للشهرة كما قلت، لكننى لا أحتاج لشهرة تطمس عملى، وتجعله مجرد علامة على المنع فقط!! ببساطة شديدة، الفكرة عندى تنتصر على الشخص وأن يصل نصى أهم عندى بكثير من أن يصل اسمى لأمكنة أبعد!

ماذا تمثل مجموعة "فانيليا سمراء" فى مسيرتك الإبداعية، بعد الاحتفاء الكبير بالمجموعة الأولى؟
الفانيليا مليئة بدهون وجودية تخلصت منها بصعوبة بالغة.
أحيانا أحس أنها قطعة من جسدى ومن روحى، وأتساءل كيف قسوت على نفسى وتخليت عنها ورميتها لآخرين أخاف ألا يحسنوا احتضانها، وهذا أغلب ما حصل كما ترى.
علاقتى بنصوص "فانيليا سمراء" حميمة جداً.
كان لابد من فانيليا سمراء، ليس فى مسيرتى كمبدعة بل كإنسانة أيضاً.
بعد انتهاء كل هذه الضجة سأعرف أين ستقف الفانيليا وسأعرف درجة سمرتها!

وهل تؤثر تلك الحملة على قراءتها قراءة أدبية سليمة، بعيداً عن إدخالها فى أنفاق مظلمة؟
القراءات التى اشتُغل عليها حول نصوص الفانيليا قبل أمر المصادرة لم تدخل فى أى نفق مظلم ولم تنتبه أو تأت على ذكر ما تحدثوا عنه من إساءات. لكن دعنا ننتظر ونرى ما سيحدث مستقبلاً. فى آخر المطاف وبعيداً عن كل شىء، النصوص الحقيقية تنتصر لنفسها!

نشرتِ مجموعتيك خارج المغرب، هل ذلك رغبة فى الانتشار الكبير، أم هو إحساس بغربة الأدب المغربى وبعده عن المتابعة فى المراكز الثقافية المشرقية فى القاهرة وبيروت؟
أى كاتب يحلم بالانتشار الكبير، وبأن يصل لكل العالم، والإنترنت يوفر هذا أكثر من أى دار نشر فى العالم العربى. لكننى حين أنتهى من كتاب ما أجلس مع نفسى وأركز تماماً وأقول "حسنا يا منى هذا هو، فلينشر هاهنا فى هذه الدار". إنها مسألة اختيار وارتياح للدار ولوعى الناشر والاقتناع بمقدرته القرائية والاستيعابية والثقافية أكثر من أى أمر آخر.

وبخصوص سؤالك عن الأدب المغربى، فأولاً أنا لا أميل إلى هذا التصنيف، مغربى ومشرقى، دعنا نتحدث عن أدب عربى يشكل جزءاً مهماً من حركة الإبداع الإنسانى. ثم بالعكس تماماً، أنا أرى أن الأدب المغاربى مقروء جداً فى المشرق، حسب تصنيفك. بل أؤكد لك أنه يعرف حركية إنتاج كبيرة جداً، تبقى مشكلة التوزيع هى المشكلة الأكبر.

قلتِ فى أحد حواراتك السابقة، إنك تتجاوزين الهم النسائى إلى الهم الإنسانى؟ هل هذا محاولة للهروب من الوصف بما يسمى بـ "الكتابة النسائية"؟
علينا أن نعيش ونفكر ونحس كإنسان واحد، لنا مصير مشترك وبداية مشتركة، وإن اختلف كل هذا من حيث الشكل. الأدب إنسانى بالضرورة وأنا حين أكتب فأنا أفعل كإنسان لا يهم جنسه بتاتاً بقدر ما يهم وعيه ووجدانه ووجوديته.

من زمن بعيد تجاوزت مسألة التفكير بالهم النسائى، إننا حين نفكر أو نعتبر مصطلح "هم نسائى"، فإننا نقيم له وزناً ونعترف بوجوده وهو ما لا أفعله أنا!! إن أى محاولة للتقسيم، تجعل الكيان الإنسانى مبتوراً يحتاج إلى ترميم، توجد اختلافات، لكن متى نؤمن بالاختلاف كضرورة لفتح أنفاق النقاش، سيكون الأمر مثمراً، ومتى آمنا بالرأى الواحد، الصوت الواحد .. ساعتها سنكون أمام نفق مظلم، يكرس تخلفنا ونزعتنا نحو الوراء.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة