"ميدل إيست أونلاين" يرصد قوى التغيير فى مصر

السبت، 27 ديسمبر 2008 10:30 ص
"ميدل إيست أونلاين" يرصد قوى التغيير فى مصر ميدل إيست أكدت أن مبارك باق فى السلطة إلى الأبد
إعداد ريم عبد الحميد عن موقع ميدل إيست أونلاين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يوجد جديد تحت الشمس فى السياسات المصرية، وسيستمر الوضع هكذا لفترة طويلة.. لماذا ؟ فقط دعونا ننظر عن قرب إلى المصادر الأساسية للتغيير فى مصر لندرك أنها أيضا مصادر الاستمرار. فالحقيقة أن أى تغيير سياسى حقيقى فى مصر يعتمد على قرارات يتخذها واحد أو أكثر من أربعة لاعبين أساسيين.

فهناك أولا الرئيس مبارك نفسه. فمن الواضح أنه جاد فى عزمه البقاء فى السلطة " طالما قلبه يدق" كما ذكر بنفسه من قبل. وهو ينظر إلى التغيير السياسى باعتباره يحمل الكثير من المخاطر أكثر من المنفعة. فقد حذرنا الرئيس مبارك بالفعل فى العديد من المناسبات من أن مصر قد تسير على خطى الجزائر أو الاتحاد السوفيتى السابق، وعبر عن رفضه للديمقراطية التى قد تؤدى إلى فترة طويلة من عدم الاستقرار مثلما حدث فى مصر فى الفترة السابقة لقيام ثورة يوليو عام 1952. وبذلك يستطيع المرء أن يقتبس قول كامل زهيرى نقيب الصحفيين الأسبق الذى يصف فيه الرئيس مبارك "بأنه حارس مرمى ماهر". فأكثر ما يهتم به حارس المرمى هو بقاء الحال على ما هو عليه، لأن التغيير الوحيد الذى يمكن ان يقدمه فى اللعبة هو هذا الناتج عن سماحه بدخول الكرة فى شباكه، ولذا فإن المهارة الأساسية التى يحتاجها حارس المرمى هى المهارة المطلوبة للابتعاد عن إحداث تغيير فى اللعبة.

هذا الأمر حقيقى، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار التعديلات الدستورية الأخيرة، والتى تبدو كقاعدة لتغييرات تهيأ للغرض الأساسى منها، وهو بقاء الحال على ما هو عليه بدلا من تغييره، على الرغم من أنه تم تأجيلها لفترة طويلة. ومن ثم فإن التفكير بإمكانية حدوث تغيير من هذا الاتجاه هو مجرد أمنيات، وبعيد تماما عن أى تحليل منطقى.

أما اللاعب الثانى الذى يمكنه أن يدفع النظام السياسى إلى تلبية المطالب المنادية بالتغيير السياسى فقط فى حالة تمكنه من توحيد قواه، هو أحزاب المعارضة، التى تغرق معظمها فى مشكلاتها وصراعاتها الداخلية. وهذه الحقيقة تجعل الأحزاب تبدو وكأنها شريكة للحزب الوطنى الديمقراطى بدلا من أن تمثل بدائل جادة له.

فى حقيقة الأمر، تمتلك المعارضة وظيفة أساسية للعمل كبديل للحكومة قادر على أن يأخذ على عاتقه المسئوليات والمهام الوطنية عندما يصبح ذلك ضروريا. وبدلا من أداء هذه الوظيفة، فإن المعارضة فى مصر الآن مشغولة جدا بمحاولات البقاء على قيد الحياة فى ظل ضغوط الانقسامات والصراعات الداخلية وبين قواها. والدليل الكافى على هذه الشراكة هو حقيقة أن المسافة الإيدولوجية بين قوى المعارضة والحزب الوطنى الديمقراطى ضيقة أكثر من المسافة التى تفصل قوى المعارضة عن بعضها البعض. ولذلك فإننا نمتلك معارضة غير فعالة، بينما اللاعب الوحيد الذى يتمتع بالمهارة فى هذه اللعبة السياسية هو الحزب الوطنى.

ويستخدم الحزب الوطنى الديمقراطى "الدين" الذى يعد الأداة الرئيسية لحركة الإخوان المسلمين، فقط إلى المدى الكافى للابتعاد عن صورة الحزب العلمانى. وفى نفس الوقت، يدعى الحزب أنه يتبنى مبادئ الليبرالية، التى تعد الأساس الفكرى لحزب الوفد، إلى المدى المطلوب للابتعاد عن صورة الحزب المعادى للديمقراطية والحرية.

وأيضا يدعى الحزب الوطنى أنه يعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية المرتبطة غالبا بالأحزاب الاشتراكية والناصرية واليسارية، ومن ثم فإن الحزب يروج لنفسه كحزب الجماهير على اختلاف اتجاهاتها. وبالتالى لم يكن غريبا أن لقاءات قادة المعارضة لا ينتج عنها سوى بيانات عامة فضفاضة.

وينظر الكثير من القادة اليساريين بعين الاعتبار إلى الاختيار بين التحالف مع الحزب الوطنى، أو التحالف مع الإخوان، فقط كوسيلة للقفز إلى مرمى النيران. وإذا أعطى الليبرالون حق الاختيار بين التحالف مع الإخوان أو التحالف مع الحزب الوطنى أو الناصريين، فإن الاختيار سيكون صعباً تماما، ليس فقط لأن لديهم مخاوف وطموحات مختلفة، ولكن أيضا بسبب الخلافات الشخصية والنقص العام فى القدرة على العمل الجماعى، وهى الحقائق التى توضح الضعف المؤسسى فى مصر.

باختصار.. إن من ينتظر أن يحدث التغيير على يد أحزاب المعارضة، سينتظر كثيرا جدا على الأرجح..
ويعتبر قادة المجتمع المدنى فقط هم من يمكنهم قيادة المجتمع نحو التغيير الحقيقى، فقط إذا استطاعوا تصور إمكانات دورهم (القوة الثالثة) ومعهم قادة الرأى العام، يتضمنهم المفكرون وعلماء الدين وآخرين يتولون مسئولية توجيه النقد السياسى والاجتماعى فى وسائل الإعلام الجماهيرية. غير أن كل هؤلاء ليسوا فى وضع أفضل من أحزاب المعارضة، فمن ناحية، هم يخشون غضب الحزب الحاكم الذى ذاق مرارته الكثيرون بما فى ذلك الاختفاء المفاجئ والسجن والاعتقال والتعذيب. ومن ناحية أخرى، لا يثقون فى الجماهير المصرية التى نجحت تماما فى التخلى عن المعرفة السياسية. فالسياسة ممنوعة من دخول الجامعة، وإذا سمح لها بالدخول، فهى مقصورة على سياسة السمع وليس الاستماع، وسياسة الكلام بدلا من الفعل. والتفكير الواقعى شائع جدا بين الجماهير المصرية، وهو الذى يعنى التخلى عن مهام إعادة الإصلاح فى هذه الحياة على الرغم من أن هذا يمثل لب الدين... ووفقا لهذا المفهوم فإن الحياة ليست سوى وقت للمرح والاستمتاع.

أما القوى الرابعة، والتى تعد الأكثر قدرة على تغيير السياسات المصرية ولكن غالبا إلى الأسوأ، فهى القوى الخارجية.. فبسبب الغضب الناجم عن أحداث 11 سبتمبر، تعهد البيت الأبيض بنشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط، حتى إذا تطلب الأمر احتلال "نبيل" للعراق،. ثم أدركت الولايات المتحدة بعد ذلك أن الديمقراطية سوف تؤدى إلى وصول أعدائها إلى الحكم فى واحدة من أكثر بلدان العالم أهمية، فانتخاب حماس كان درسا استفادت منه الولايات المتحدة، وجعلها تعيد النظر فى العواقب الاستراتيجية التى لم تحسب لها حساباً. ولا يبدو أن الأمور ستختلف فى ظل الإدارة الديمقراطية الجديدة فى الولايات المتحدة، حيث إن تغيير الأنظمة العربية الديكتاتورية الموالية للولايات المتحدة سيمثل تهديدا كبيرا لواشنطن، لأن هذه الأنظمة تحافظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة.

فهذه الأنظمة تقمع الإسلاميين، وتحافظ على العلاقات مع الإسرائيليين، وتتواصل مع الأمريكيين، وتبقى إيران بعيدة.. بمعنى آخر، تحرص الأنظمة العربية على إبقاء أعداء الولايات المتحدة بعيدين عن التسلسل الهرمى السياسى، حتى فى السجون إذا لزم الأمر. كما هو الحال بالنسبة للناصريين والإسلاميين.

وفى الختام.. يمكن القول بأن المنطق يوضح لنا أن أى جديد لن يحدث لفترة من الزمن ما لم تتحرك مجموعة القوى هذه فى اتجاهات تتلاءم مع طبيعتها أو مصالحها، وهذا أمر غير محتمل حدوثه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة