حالة من الخوف والجبن وعدم المقاومة تبدو داخل المجموعة، هل هى إدانة للعجز؟
يوجد جو من العنف المتصاعد ومن افتقاد الأمن داخل هذه المجموعة، والخوف الكابوسى هو المسيطر، كلها أحداث غريبة، هذه المياه التى تتسرب دوماًَ من الجدران دون أسباب، هذا الحفل الصباحى المخصص فى التعذيب كيف يواجهه البشر، وإن كنت ضد محاكمة المجموعة بهذا الشكل.
هل هذه المجموعة فى إحدى صورها انعكاس للواقع بغرائبه وحالة عدم الاتزان المسيطرة؟
أخشى التفسير الضيق، ولكن نحن نعيش فى كابوس لم يحدث خلال 58 سنة أعيشها، مثلاً قسم البوليس مهمته حفظ الأمن وعندما يتحول لسلخانات للتعذيب، فإننى أشك أن هذا هو الواقع الحقيقى، وصلنا إلى درجة من عدم الاستيعاب، ولذا القصص لا يمكن أن تكون منطقية، وأيضا المنطق اليومى غير صالح للتعامل مع المجموعة.
المجموعة تنقسم إلى قسمين القسم الأول الحفل الصباحى "متتالية قصصية" والقسم الثانى "تمر حنة"، أعمال القسم الأول مكتوبة بين مارس 2007 وأبريل 2008 ما عدا القصة الأخيرة فى المتتالية مكتوبة فى 71، لماذا وضعت ضمن هذه المتتالية؟
هذه القصة مكتوبة ومنشورة فى 1971، ونشرتها فى مجموعتى الأولى "السير فى الحديقة ليلاً" عام 1984، وأحسست أنها غريبة عن كل كتاباتى فى هذه الفترة، وكذلك عن مجموعاتى التالية، وعندما كتبت هذه المتتالية وجدت أن هذه القصة تكمل المأساة التى نعيشها.
عدت لكتابة القصة القصيرة بمجموعة "الحفل الصباحى" بعد 13 عاماً من كتابة آخر مجموعة قصصية، وفى وقت تتراجع فيه القصة القصيرة تماماً؟
أنا عاشق قديم للقصة القصيرة، وهى أول ما كتبت، وفى الفترة التى كتبت فيها قصصى الأولى كانت القصة فى أوج زهوها، بسبب جيل الستينيات الذى يظل أكبر إنجازاته الانقلاب على القصة القصيرة القديمة، لذا كانت القصة بالنسبة لى أسئلة دائمة أبحث عن إجاباتها خلال الكتابة ذاتها بعد أن يرى جيل الستينيات هذا الجنس، والحقيقة أنى لا أعلم بالتحديد ما الذى دفعنى لكتابة عدد من الروايات بين آخر مجموعة لى "فى الظل والشمس"، وهذه المجموعة الأخيرة، ولم أستطع التوصل إلى إجابة، فهذا الشكل أو ذاك هو الذى يفرض نفسه عليك أثناء الكتابة، وحتى الكثيرين من أصدقائى قالوا عن هذه المجموعة، إنها أقرب إلى الشكل الروائى.
هذا التراجع للقصة القصيرة وانتشار الرواية ما أسبابه من وجهة نظرك؟
هذا السؤال هو أحد الأسئلة الكثيرة التى أفكر فيها ولا أجد لها إجابة، انتشار الرواية مرتبط بالاستسهال والتعامل غير المسئول والاستعجال، وبالمناسبة أنا لست ضد كل هذا الفيض الروائى للأجيال الجديدة، بل أنا سعيد به ولا أريد أن أزج بمنطقى القائم على فهم قد يكون قديماً للكتابة باعتبارها عملاً شاقاً جداً، وأنها أسئلة وجود بالنسبة لى، وبالتالى أخشاها وأقدرها، وأنا متأكد أن هذا الفيض سينتج عنه كتابة جديدة، وهناك أعمال جيدة بلغة مختلفة للشباب مثل "لذات سرية" لحمد الجزار و"عضو عامل" و"دموع الإبل" لمحمد إبراهيم طه.
ومن الممكن أن تكون أسباب الرواية، لأنها تحكى عن الواقع، وحتى هذا الاهتمام الإعلامى بها أعتقد لأنها تلسن عن الواقع.
بعد كل جائزة سواء مصرية أو عربية يشكك الوسط الثقافى فى الجائزة، كيف تعلل حالة عدم الرضا؟
الجوائز شىء مهم وحاسم ويساعد الرواية والأدب، ويخلق حالة من الرواج، نعم هناك جوائز شللية، وهناك مشاكل فى كل الجوائز، ولكن أيضا هناك جوانب إيجابية فى أكثر من جائزة، وتفسير ذلك من وجهة نظرى أنه سيظل هناك حياة ثقافية مشوهة ما دام المثقفون غير مستقلين، هذا الوسط الثقافى هو ابن هذا الظرف الذى نعيشه، ولا يمكن أن ينفصل عنه، فعندما نتكلم عن وسط ثقافى مشوه، إنما نحن نتكلم عن سوءاتنا.
هل تدين الجوائز بهذا التفسير؟
لا طبعاً، نعم توجد شللية وعشوائية، ولكن فى النهاية هى بنت هذا الوسط، وإن كان الفساد فى الثقافة لم يصل إلى النخاع، فهناك نزهاء كثيرون يقاومون داخل الوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة