سخر الكاتب البريطانى المخضرم روبرت فيسك من حديث الرئيس الأمريكى المنتخب باراك أوباما عن حدوث تقدم فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
واستهل فيسك مقاله اليوم السبت بصحيفة الإندبندنت قائلا، دعونا نبدأ مع الرجل الذى لن يغير الشرق الأوسط، باراك أوباما، الذى اختبرته مجلة التايم الأسبوع الماضى، بقدرة غيرة محدودة، على التنبؤ كشخصية العام. ففى المقابلة الطويلة والمملة التى أجرتها المجلة معه، قال أوباما جملة واحدة فقط عن الصراع العربى الإسرائيلى، وهى "وبرؤية أنه يمكننا البناء على بعض التقدم الذى تم إحرازه فى ملف الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، على الأقل عبر النقاش، يمكننا القول إن ذلك سيشكل أولوية بالنسبة لنا".
وتساءل فيسك، ما الذى يتحدث عنه هذا الرجل؟ البناء على التقدم؟ أى تقدم؟ فهناك حرب أهلية أخرى على وشك الوقوع بين حماس والسلطة الفلسطينية، ومع سعى بنيامين نتنياهو إلى أن يصبح رئيساً للوزراء فى إسرائيل، وفى ظل الجدار الإسرائيلى الوحشى واحتلال المستعمرين اليهود للأراضى العربية، ومع استمرار إطلاق الفلسطينيين الصواريخ على سيدريوت، فإن أوباما لا يزال يعتقد أن هناك تقدماً يمكن البناء عليه.
يقول الكاتب البريطانى، أشك أن هذه اللغة غير المنطقية تأتى من "الضباب" العقلى لوزيرة الخارجية المستقبلية هيلارى كلينتون. فجملة "على الأقل على مستوى النقاش" تعبر بوضوح عن أسلوب كلينتون، وهى تعنى التهرب التام. كما أن جملة "التقدم بشأن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى" هى أكثر غرابة.
بالطبع إذا تحدث أوباما عن إنهاء بناء المستوطنات اليهودية فى الأراضى العربية، وهو "البناء" الوحيد الذى يحدث فى هذا الصراع، والعلاقات مع حماس وأيضا مع السلطة الفلسطينية، أو تحدث عن العدالة المطلوبة لكلا الطرفين فى الصراع، إلى جانب توفير الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين، عندئذ فقط ربما يستطيع إحداث تغيير ضئيل.
وأضاف ستشهد الأشهر الثلاثة التالية لتنصيب أوباما رسمياً اختباراً شيقاً لروح المبادرة لديه عندما يكون الإيفاء بعهد كان قد اتخذه على نفسه. ففى الرابع والعشرين من أبريل تحل ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 على يد السلطات العثمانية حينئذ.
ويذكر روبرت فيسك بأن الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون قد وعد الأرمن بأن يصف ما حدث لهم بالإبادة الجماعية إذا ساعدوا على انتخابه رئيساً.
وكذلك فعل كل من جورج بوش الابن وأوباما نفسه، وقد تخلى كلينتون وبوش عن عهدهما بعد أن فازا فى الانتخابات الرئاسية، وفضلا استخدام كلمة مأساة عن الإبادة الجماعية، لأنهما كانا خائفين من كل هؤلاء الجنرالات الأتراك، ناهيك فى حالة بوش عن طرق إمدادات الجيش الأمريكى التى تمر بتركيا، وهى تلك التى تطرق إليها وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتش قائلا، الطرق وغير ذلك فى واحدة من أكثر المفارقات سخرية فى التاريخ، وهى نفس الطريقة التى لاقى بها الأرمن حتفهم عام 1915. وسيكون جيتس موجوداً ليذكر أوباما بهذا الأمر، لذلك فأنا أراهن على أن أوباما سيجد أن هذه الإبادة الجماعية هى مأساة، عندما يتحدث عنها فى 24 أبريل المقبل.
ولا ينسى فيسك أيضا أن يذكر بقصص الفشل الأخرى التى سطرها قادة وزعماء آخرون فى سعيهم لتحقيق تقدم يُذكر فى إيجاد حل لأزمة الشرق الأوسط، ومنهم الرئيس الفرنسى الحالى نيكولا ساركوزى ورئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير، الذى يشغل الآن منصب مبعوث الرباعية الدولية إلى منطقة الشرق الأوسط ويطمح بمكافأة لا تقل عن تتويجه رئيسا مقبلاً لأوروبا.