الله أكبر – سلمت يدك – الله عليك
هللنا وكبرنا وصفقنا لم؟
حررنا العراق؟ أم حررنا فلسطين؟ قد نكون كسرنا الحصار عن غزة؟ أم ماذا؟
كلا لم نفعل أياً من هذا..
قام أحد الصحفيين بقذف الرئيس الأمريكى جورج بوش بالحذاء أثناء تواجده فى إحدى المؤتمرات الصحفية، بالطبع أنا لا أقلل من قيمة ومعنى ما حدث، فجورج بوش هو رئيس أكبر دولة، حسب التصنيف العالمى الحالى، وما فعله منتصر الزيدى عملا رجوليا ينم عن الجرأة والشجاعة, ولكنى أود أن أسال سؤالاً هاماً، هل ما حدث يستحق كل تلك الجلبة والصخب التى أعقبت الحادثة.
حسناً دعونا نحلل الأمر وندرك إيلام يرمز:
أولاً ما حدث هو إهانة كبيرة لشخص جورج بوش، بالطبع أنا أتحدث عن بوش كإنسان وليس كرئيس للولايات المتحدة, كإنسان، بوش أهين إهانة قد يظل يتذكرها طوال عمره.
هذا بالنسبة لشخص بوش, ماذا عن رئيس الولايات المتحدة، الوضع هنا مختلف تماما. فالإهانة هنا لم تكن بتلك الدرجة من القوة, فجورج دبليو بوش فعلياً لا يعتبر رئيس الولايات المتحدة والواقع أيضاً يقول إن المجتمع الأمريكى يكره بوش بقدر كرهنا له، والأدلة على ذلك كثيرة منها أنه انتخب رئيساً جديداً ذا بشرة سوداء ويحمل لقباً إسلامياً نكاية فى الرئيس بوش وجماعته, ومنها أيضا أنه فى مساء نفس اليوم جاء جاى لينو الكوميدى الشهير الذى أوسع بيل كلينتون سخرية أيام فضيحة مونيكا. جاى لينو هذا قال: إنها المرة الأولى التى يجيد فيها جورج بوش عمل شىء بنجاح, لقد تجنب الحذاء. إذاً فإهانة بوش لم تؤثر فى الشعب الأمريكى لا من قريب ولا بعيد..
إنما ما حدث هو شىء آخر، ألا وهو أن الكثير من الشعب الأمريكى يظن أن تواجد الجيش الأمريكى فى العراق هو تواجد المحرر وليس الغازى, أتذكر جيداً الإعلامية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفرى فى إحدى حلقات برنامجها الشهير، عندما استقبلت بعض القوات الأمريكية العائدة من العراق استقبال المحررين الأبطال, أتذكر كيف أنها جعلت كل مشاهدى البرنامج يظنون أن الجنود الأميركيين إنما ذهبوا للعراق فى مهمة إنسانية بحتة، ألا وهى أن يخلصوا الشعب العراقى من الظلم والقمع الواقع عليهم.
ما حدث جعل المواطن الأمريكى يعيد التفكير مرة أخرى، ويسأل نفسه لماذا يقوم صحفى عراقى بإهانة بوش بتلك الطريقة؟ أليس من المفترض أن يستقبل بوش استقبال القائد المظفر المحرر, أليس من المفترض أن ينحنوا له ويرفعوا له القبعة لأنه أنقذهم من براثن النظام الصدامى المستبد.
ولكن أياً من هذا لم يحدث، بل ما حدث إهانة شديدة، إن عبرت عن شىء فتعبر عن مدى رفض الشعب العراقى وكرهه للتواجد الأمريكى بشتى صوره.
هذا قد يكون المكسب الوحيد مما حدث..
بالطبع هذا ليس مكسباً هيناً ومعرفة الشعب الأمريكى حقيقة الوضع فى العراق ليس أمراً بسيطاً، ولكن لا يستحق كل هذا الهرج والمرج والاحتفالات التى تبعت المؤتمر الصحفى فى إرجاء الوطن العربى.
للأسف كل تلك الضجة الإعلامية التى حدثت تعبر عن مدى الخواء والإحباط الذى وصل المواطن العربى وعن مدى احتياجه إلى أى بصيص من النور كى يخرج مما هو فيه. ولكن ما لا يعلمه العرب أن هذا التغيير يجب أن ينبع من داخلنا, فليس من العقل أو الحكمة أن ننتظر حتى يأتى من يخرجنا من هواننا وآلامنا.
ففى البداية فرحنا بأوباما والآن هللنا بحذاء بوش, للأسف نبقى دائماً مجرد رد فعل سقيم لحدث لا يعنينا على الإطلاق.
لا أعلم هل أكون متكلفة إذا سألت نفسى هل من الممكن أن نلعب دور البطولة يوما على مسرح الحياة بدلا من دور المتفرج الذى كتب عليه أن يصفق تارة ويبكى تارة أخرى. هل سيأتى هذا اليوم أم أنه مجرد سراب؟ علينا البحث عن الجواب وإلا فلن يأتى هذا اليوم أبداً، وهو ما لا أرجوه.
القارئة شيماء صلاح تكتب: إهانة الكيان الأمريكى .. نظرة مختلفة
السبت، 27 ديسمبر 2008 08:31 م