إذا كان علينا أن نحتفل بالمطربين الكبار فعلينا أن نحتفل بالسميعة الكبار أيضا، وفى هذا الشهر تحل الذكرى السابعة والتسعون لميلاد نجيب محفوظ الذى لم يكن كاتبا عبقريا فقط، ولكن كان أيضا سميعا من طراز فريد، وفى أواخر الستينيات كان التليفزيون المصرى يقدم برنامجا تشاهده مصر كلها لأنه كان يستضيف المشاهير من نجوم الفن والأدب والصحافة ليتحدثوا عن ذكرياتهم، ويعرضوا آراءهم فى الفن والحياة، ومن هؤلاء المشاهير الذين استضافهم البرنامج نجيب محفوظ الذى سألته المذيعة عن الأغنية التى يحب أن يستمع إليها الآن فقال لها:
أغنية عبدالعزيز محمود «أنا الملامين»! وهى أغنية من أغانى الإعلانات نالت شهرة كبيرة جدا فى أواخر الستينيات، فضجت مصر كلها بالضحك!
وعلاقة نجيب محفوظ بصوت أم كلثوم مشهورة، وغرامه بالاستماع إليها خاصة فى ألحانها القديمة التى عاصر ظهورها منذ أواخر العشرينيات، هو الذى جعله يسمى إحدى بناته أم كلثوم.
وأبطال روايات نجيب محفوظ مغرمون أيضا بأغانى أم كلثوم وأفلام أم كثلوم، لأن أبطاله يشبهونه إلى حد كبير، ومنهم رشدى بطل روايته «خان الخليلى» الذى نراه يتردد على دور السينما، ويحب الموسيقى والغناء، ويشاهد فيلم «دنانير» الذى لعبت بطولته أم كلثوم وعرض لأول مرة سنة 1940، ونجيب محفوظ فى التاسعة والعشرين من عمره وهو عمر رشدى بطل الروايةالتى كتبت بعد سنوات قليلة من هذا التاريخ، وتحدث فيه رشدى - لسان حال المؤلف - عن بعض الألحان التى غنتها أم كلثوم فى الفيلم، ومنها أغنية «طاب النسيم العليل» التى يقول عنها إن أم كلثوم غنتها بصوتهاالإلهى، فغفل البطل عن الوجود، وتسلسل الفيلم وهو هائم فى نغمة روحية عالية.
وقد ورث نجيب محفوظ من والده حبه للطرب، وتفضيله للغناء القديم على الغناء الحديث، وهو ما عبر عنه فى حوار أداره بين شلة من الأصدقاء فى رواية «خان الخليلى»:
يقول أحد الأبطال:- الغناء القديم هو الطرب الذى يأسر نفوسنا بغير عناء.
ويسأله أحد أفراد الشلة عن رأيه فى أم كلثوم وعبدالوهاب باعتبارهما مجددين بالنسبة لعبده الحامولى، وسلامة حجازى، ومنيرة المهدية، فيقول إن الألحان المستوحاة من القديم هى أجمل ما غناه عبدالوهاب وأم كلثوم. ولكن صاحب السؤال يرد قائلا: أم كلثوم عظيمة ولو نادت ريان يا فجل!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة