تجاوز مجلس القضاء الأعلى سلطاته، وخرج عن اختصاصاته، وارتكب خطأ قانونياً فاحشاً، إذ وصف حكماً صادراً من محكمة القضاء الإدارى بأنه معدوم، وهو الحكم الذى حصل عليه الأستاذ مرتضى منصور المحامى، بوقف قرار النائب العام الرافض تمكينه من الطعن على الحكم الصادر ضده من تهمة سب وإهانة رئيس مجلس الدولة السابق، ووجوه الخطأ الذى ارتكبه مجلس القضاء الأعلى متعددة..
فهو أولاً لا اختصاص له إلا فيما يتعلق بتعيين وترقية وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وكذلك سائر شئونهم، ويؤخذ رأيه فقط فى مشروعات القوانين المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة، هذه هى كل اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المنصوص عليها فى المادة 77 مكرر من قانون السلطة القضائية..
وهو ثانياً محظور عليه وعلى رئيسه إصدار البيانات والتحدث فى الفضائيات والصحف بمناسبة وبغير مناسبة، لسبق صدور عشرات القرارات الصادرة منه بذلك..
وهو ثالثاً يتبع تنظيماً قضائياً لا علاقة له بالتنظيم القضائى الذى يتبعه مجلس الدولة، الذى أصدر الحكم لصالح مرتضى منصور، وكل تنظيم قضائى منهما له اختصاصاته المنصوص عليها والمحددة بكل دقة، فكل منهما يصدر أحكاماً وفقاً لتلك الاختصاصات، وعلى أطراف الخصومة إن لم يرتضوا بتلك الأحكام أن يطعنوا عليها بالطرق المقررة وفقاً للقانون أيضاً، وهو عين ما فعله النائب العام، حيث طعن على الحكم الصادر ضده لصالح مرتضى منصور من محكمة القضاء الإدارى أمام المحكمة العليا.
ووجه الخطأ الرابع أن وصف مجلس القضاء الأعلى لحكم محكمة القضاء الإدارى بأنه قد صدر من محكمة لا ولاية لها بنظر الدعوى، وأنه حكم معدوم الوجود والأثر القانونى، وأن هذا الرأى الذى توصل إليه مجلس القضاء قد خرج منه بعد تدارس الحكم على حد تعبير المستشار محمد عبيد سالم الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى لجريدة الأهرام، الخميس 18 ديسمبر، هو نموذج فج للاعتداء على الأحكام القضائية، وانتهاكها، وإهدارها، من قبل أعلى سلطة قضائية فى مصر، فكيف بعموم الهيئات والمؤسسات التنفيذية؟ ثم كيف بعامة الأفراد، ممن يصدر لهم أو ضدهم أحكام قضائية، قد يرى كل منهم أنها معدومة الأثر والجدوى ولا قيمة لها، لأنها صدرت من قضاء لا ولاية له!.
إن مجلس القضاء الأعلى ليس مجلساً هيناً، إنه يضم فى عضويته أكبر العقول والشخصيات القانونية فى مصر، فهو يضم رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويضم النائب العام شخصياً، ويضم أقدم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض، ويضم أقدم اثنين من رؤساء محاكم الاستئناف الأخرى، فهو بالتالى يضم أهم الشخصيات القانونية على الإطلاق، ولا شك أن كلاً منهما بمفرده قد أصدر وشارك فى مئات وآلاف الأحكام، وكل كلمة كان يكتبها أو ينطق بها كانت توزن بميزان الذهب، إن لم يكن أكثر من ذلك، فكيف يخرج عنهم مثل هذا البيان، كيف يرتضون ابتداء التعقيب على أحكام القضاء، ثم وصفها بأنها معدومة، وأنها لا قيمة لها، ولا أثر لها، ولا جدوى منها، إنه الخطر الذى بتنا نعيش فيه كل يوم، قد يليق بسلطة تنفيذية مثل هذا الكلام، ولكنه لا يليق بحال من الأحوال بأعلى سلطة قضائية، وقد يتصور صدور تلك البيانات وارتكاب بعض الزلات فى معركة مع نادى القضاة، وقد قرب موعد انتخاباته، إلا أنه لا عذر لأحد على الإطلاق، فى التعقيب على أحكام القضاء، ومِنَ مَن؟ من أعلى سلطة قضائية، وبهذه الصورة الفجة المرفوضة..
يا مجلس القضاء الأعلى، الأمر يحتاج إلى تصحيح.. فورى.. وعاجل..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة