ربما تكون تصريحات وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد حول تأثيرات الأزمة المالية العالمية مؤشرا على «زحزحة» سياسة إخفاء المعلومات ولو قليلا، وإذا أضفنا عليها تصريحات الدكتور نظيف رئيس الوزراء حول حزمة الإجراءات التى ستتخذها الحكومة لتخفيف المخاطر على الاقتصاد المصرى، فربما نستطيع التفاؤل ولو قليلا أن المسئولين أدركوا أن الشفافية ليست اختيارا، ولكنها الطريقة الوحيدة الصحيحة والأقل ضررا لإدارة أى أزمات.
فللأسف منذ تفجر أزمة الرهن العقارى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى سبتمبر 2007، لم يحدث اهتمام كاف بالتداعيات، وحتى عندما ظهرت دلائل أزمة عالمية منذ يونيو الماضى، استبعد المسئولون الحكوميون تأثر قطاعات الاقتصاد المصرى، وذلك استنادا، كما قالوا وقتها، بأن لدينا بنيانا مصرفيا، رغم بديهية أن هناك قطاعات حيوية ستتأثر، منها السياحة والاتصالات والتصدير، والطبيعى أن تؤثر بالسلب على باقى القطاعات.. لنصل فى النهاية إلى ركود لا يمكن أن نتعامى عنه.
الحقيقة أن الإخفاء ثقافة سائدة فى المجتمع بشكل عام، ولدى النخبة الحاكمة بشكل خاص، ربما اعتقادا منهم أن إعلان الحقائق يمكن أن يؤدى إلى بلبلة وقلاقل، وربما لدى آخرين اعتقاد أنه ربما تمر الأزمات بسلام دون إثارة زوابع، والحقيقة أن كلا المنطقين خطر حقيقى على البلد، فالإخفاء هو المناخ الخصب للإشاعات، والتى ستضر أكثر بكثير من مصارحة الناس، وثانيا لأن الإخفاء يحرم الرأى العام من إدارة نقاش واسع، يمكن أن يساهم فى إيجاد حلول، ويشير إلى مشاكل تحتاج إلى علاج حاسم، ومنها غياب آليات لمواجهة الظروف الاستثنائية، فالمنهج السائد هو التعامل بالقطعة، وهذا يفسر الفشل فى مواجهة الكثير من الأزمات الاستثنائية التى تعصف بالبلد.
كما كشفت طريقة التعامل مع الأزمة عن تضارب فى الاختصاصات بين الوزارات، وهو ما يؤدى إلى الارتباك، ويؤدى إلى ما هو أخطر، عدم معرفة أين موطن الخلل بالضبط، ومن ثم يمكننا أن نحقق قدرا أكبر من النجاح فى معالجته.فالشفافية والكشف عن المعلومات والسياسات، هى الحصن الآمن لبلدنا، أما التعتيم فمعناه أن نغرق جميعا فى مستنقع مظلم.
هذا هو الدرس الأكبر الذى نطالب بأن تحوله الحكومة والمجتمع إلى منهج عمل.