الفتنة نائمة لأنها لا تجد من يتوقف عندها، ويبحث أسبابها. سنوات طويلة ونحن ندور حول أسباب الفتنة دون أن ندخل فيها، وتنتهى الأحداث الساخنة عادة بمصالحات شكلية لشيخ وقس وهتاف «عاش الهلال مع الصليب»، وسرعان ماتشتعل الفتنة مرة أخرى، ولا يمر أسبوع من دون حريق يتم إطفاؤه، ليعود حريق آخر إلى الاشتعال..
الفتنة تبدأ من العقول، وإذا كان هناك خطباء مساجد أو فضائيات مسلمون يغذون الفتنة، هناك أيضا مسيحيون يقومون بنفس الدور، وخلال أسابيع حرصت «اليوم السابع» على الدخول إلى القضية مباشرة، نبحث عمن يشارك فى إثارة الفتنة أو تغذية نيران التطرف، وكل مشكلة لها طرفان، وإذا كنا ننتقد خطاب التطرف والتمييز ضد المسيحيين فى مصر، وتجاوز حدود الحوار إلى إهانة العقائد والسخرية من أديان الآخرين، وهو خطاب لا يفيد الإسلام فى شىء ويضر الوطن، نشرنا ملفا عن خطبة الجمعة وكيف تتحول إلى أحد عوامل الشحن والإثارة ضد المسيحيين. فإننا فى هذا الملف نواصل التفتيش فى الجانب الآخر، بحثا عن طرف الخيط الثانى، نرصد عزلة البعض ومبالغات الخطاب لدى بعض «دعاة» المسيحية.
هناك بين المسيحيين من يحيى خطابا تاريخيا يتهم المسلمين بأنهم غزاة، وأن الأقباط هم أصل البلد. فى مواجهة خطاب يرى الأقباط أهل ذمة أو على أفضل الأحوال، مواطنين درجة ثانية. ولا فائدة من إحياء خطاب عرقى أو طائفى وإثارة أحداث تاريخية لاتفيد غير صناع الفتنة. نحن ندافع عن خطاب يرى مصر وطنا واحدا يقف مواطنوها على قدم المساواة فى الحقوق والواجبات، يقوم الحوار بينهم على المصارحة والوضوح بلا حساسيات.
ومثلما ناقشنا ملف خطباء المساجد وسلطنا الأضواء على قصص إنسانية تجمع بين المسلمين والمسيحيين، نواصل طرح الأسئلة عن دور المسيحيين فيها، خطاب بعض أقباط المهجر، خلط دور الكنيسة الدينى والاجتماعى بالدور السياسى، وجود مدارس ومنظمات تزرع التطرف أحيانا. استقواء البعض بالخارج، وخصوصا السفارة الأمريكية. تحويل اعتكاف قداسة البابا إلى علامة على وجود فتنة، التدخل فى طبيعة العقيدة الإسلامية وترديد مقولات مثل «الغزو العربى، مصريون لا عرب، التبشير والأسلمة»، والتعامل بعنف وقسوة مع القضايا الاجتماعية والعاطفية.
ننتقد خطاب التطرف لدى الطرفين المسيحى والمسلم. حتى يمكن للجميع رؤية الحالة كما هى وليس كما يريد ترويجها هؤلاء وأولئك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة