بيعالج وهو مش دكتور.. وبيهندس وهو مش مهندس.. وبيساعد من غير مقابل.. هو ده «عم حمامة»

الجمعة، 26 ديسمبر 2008 12:55 ص
بيعالج وهو مش دكتور.. وبيهندس وهو مش مهندس.. وبيساعد من غير مقابل.. هو ده «عم حمامة» حمامة يعالج المصاب ويساعد المحتاج
كتت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄إسكندرانى أصيل فى إيده 7 صنايع ومالوش رأسمال إلا حب الناس

فى حى الجمرك بمنطقة بحرى بالإسكندرية، تجد كثيرا من الأطفال يلعبون فى الشارع، يقع أحدهم على الأرض فتجرح يداه، فيجرى مهرولا إلى «عم حمامة» ويقول له: «غيرلى ع الجرح يا عم حمامة»، فيضع له قليلا من الميكروكروم، ويذهب الطفل ليعود آخر وهكذا طوال اليوم.

بابه مفتوح طوال اليوم لا يغلقه فى وجه أحد، ولا يمل من طلبات الناس، فكل ما يريده هو أن يكون مطلوبا منهم، تفاصيل مولده تشبه الكثير من المصريين، فالأم لا تنجب إلا إناثا والأب يتزوج أكثر من مرة من أجل عيون الولد، وبعد 6 بنات حلمت الأم أثناء حملها فى السابع بالملائكة تردد الآية الكريمة: «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» وأنجبت بعدها الذكر فسمته فتحى، وأعطاه الناس لقب «حمامة»، يقول: «سمونى كده عشان وأنا صغير كنت كأنى طاير»، حاليا لم يعد أحد يعرف اسمه الحقيقى الذى ادخره للتعاملات الرسمية فقط، أو للشكاوى حين
تواجهه أى مشكلة.

«صياد أبا عن جد» تلك هى مهنته التى تحولت إلى هواية يومية إلى جانب محاولاته المستمرة لمساعدة كل المحيطين به، بداية من تضميد الجروح حتى إصلاح أى جهاز، فالكارت الشخصى الذى يحمله مكتوب عليه: «عم حمامة.. تخصص هندسة فنية» وذلك رغم عدم حصوله على أى شهادة فهو بالكاد «يفك الخط».

مركب صيد عجز كثير من المهندسين عن إصلاحه ونجح هو فى هذا، كان «فاتحة الخير» عليه ليتحول إلى مهندس كهرباء، حيث عينه كبير مهندسى شركة صيانة المراكب وهو يونانى الأصل فى هذا المنصب، ولم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره وقتها: «دخلت عالم الميكانيكا وازددت خبرة من خلال العمل على إصلاح أنواع عديدة من المراكب»، وتطورت قدراته ليصبح قادرا على إصلاح أى جهاز مهما كان العطل.

ولعمله مواسم، فهو يصنع الطائرات الورقية للأطفال صيفا، وقد طلبت منه مكتبة الإسكندرية إقامة ورشة عمل للأطفال ليعلمهم كيف يصنعون الطائرات الورقية لوضعها إلى جانب الطائرة الورقية اليابانية، يقول: «رغم أنى سافرت 16 دولة حول العالم فإننى مازلت أتمنى السفر إلى اليابان لأتعرف على الأفكار المتطورة التى وصلوا إليها».

أما شتاء فيعمل فى تجليد الكتب المدرسية، حيث راودته هذه الفكرة منذ 10 سنوات عندما لاحظ رداءة التجليد فى كثير من المكتبات، فبدأ فى تجليد الكتب المدرسية لأطفال الحى مراعيا الفروق بين الطبقات، فهو يأخذ من كل شخص على قدر استطاعته: «المهم بس انى أخدم أهل حتتى».

تقديم خدماته للناس هو نوع من «الإنسانية» فقد تطلب منه أحد السيدات أن يستخرج لها شهادة صحية فيفعل: «أنا مسخر لخدمة الناس ببلاش، وبرضه فى ناس مسخرة تأكلنى وتشربنى، يعنى أنا كتير بلاقى صوانى أكل جاية لى من عند ربنا».

تغييره على الجروح أمر يعتبره أهل المنطقة بركة، وهو يمارسه منذ 30 سنة ولا يستطيع أن يتوقف عنه، يقول: «التغيير على الجروح أمر بسيط، وقبل ظهور الوحدات الصحية كان حلاق الصحة بيداوى المرضى ويغير على الجروح»، ويقول إن الجرح الذى يداويه لا يستمر أكثر من ثلاثة أيام، ويتركز عمله على تطهير الجرح فحسب: أنا «بعالج من غير برشامة ولا إبرة أنا دورى بسيط، لكن اللى عيان فعلا ببعته للدكتور».

الخياطة تدخل أيضا فى إطار المهن التى يمارسها والتى تبدأ من إصلاح مقاسات الملابس وصولا إلى فستان العروسة الذى يرى ضرورة أن يتسم بالابهار.«افتح الميه يا عم حمامة» قالها له أحد الشباب، فأوضح أنه يساعد الشباب العاطل فى المنطقة من خلال إمدادهم بالمياه التى يستخدمونها فى غسيل السيارات فى الوقت الذى تمتنع المحلات عن إمدادهم بها.
يذهب إلى سوق الجمعة أسبوعيا لشراء أشياء لا يحتاج إليها، ولكنه متأكد أن شخصا ما سيأتى ليطلب منه هذا الشىء أو ذاك، أو ربما يستخدمها فى إصلاح أحد الأجهزة: «أنا بشتغل بالإلهام».

«أنا زى الحمامة اللى على طول طايرة ومتعرفش حترسى فين» جملة يطلقها عم حمامة مبررا أنه لم يحتمل قفص الزوجية، فرغم أنه تزوج 3 مرات ولديه زوجتان فى الوقت الحالى فإنه لا يعيش مع أى منهما، خاصة بعد انتحار ابنه محمود شنقا، يقول متألما: «أنا ساعدت كل الناس، ورغم كده مقدرتش أساعد ابنى لأنه كان بعيد عنى».





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة