مارى ووسام قصة حب لا نتمنى لها أن تنتهى نهاية تراجيدية على طريقة روميو وجولييت، أو بحسب تهديد مارى: «سأتزوج وسام ولو مقدرتش أقنع أهلى هترهبن لأنى مقدرش أعيش مع حد غيره»، قبل أمنياتنا الطيبة للحبيبين، نتوقع أن يتعرضا للهجوم والتنكيل بهما والسخرية من تجربتهما، كما لن يعدما من يقف بجوارهما.
ونفترض فى السطور التالية 5 زوايا سيتم رؤية تجربة مارى ووسام من خلالها، وعلى كل قارئ أن يختار لنفسه الزاوية التى يقف فيها وينظر من خلالها إلى مارى وإلى وسام، وإلى تجربتهما....
الزاوية الأولى: الأحياء الشجعان
سيفرحون مع مارى ووسام وسيشجعونهما بكل ما يستطيعونه من جهد ومن محبة للحياة، الأحياء الشجعان هم الذين لم تطحنهم عجلات الفقر المادى والفقر الفكرى، ولم يفقدوا شخصياتهم، ولم يتحولوا إلى أفراد ممسوحين فى قطيع يسير، أو صيحة يطلقها غوغائى لغرض فى نفسه، هؤلاء الشجعان يرون فى قصة الحب بين مارى ووسام علامة من علامات الحياة، عندما يسمعونها يبتسمون ويرجعون بذاكرتهم إلى الوراء عشرين أو ثلاثين سنة، عندما اندلعت داخلهم قوة الحياة واختطفوا حبيباتهم أو أحبائهم من وسط الصعاب.
الشجعان أصحاب الخبرة والبصيرة بالحياة، سواء كانوا من الأميين أو المثقفين، سيعرفون علامات الفطرة الإنسانية فى مارى ووسام وسيفرحون لهما وقد يحتفلون بأنفسهم من جديد فور سماعهم بقصتهما، هل تذكرون محمد أبو سويلم فى فيلم الأرض، هل تذكرون المشهد الذى علم فيه بحب عبد الهادى «عزت العلايلى» لابنته فاطمة «نجوى إبراهيم» فقام بعمل مبارزة رمزية فى كسر أعواد الذرة الجافة بين المحب لابنته وبينه، فى هذا المشهد تحديدا كان المليجى العبقرى يحتفل بالحياة والحب الذى رآهما فى عينى ابنته وعينى «عزت العلايلى»، ويحتفل بنفسه أيضاً.
الزاوية الثانية: الهاربون
الهاربون من الحياة، سيدينون مارى ووسام بعنف، بكل ما فى قدرتهم على الهروب من غل وقسوة وانشغال بالغير وتجاهل للذات، بكل شهوة الوقوف فى معسكر الأطهار التى يتمتعون بها على حساب العالم أجمع، هؤلاء الهاربون يخافون الحياة، يكرهون كل مظاهرها، فى الظاهر، بينما يتقلبون على جمر الشهوات والانحرافات السرية، بينهم وبين أنفسهم، واسألوا د. أحمد المجدوب عن دراسته حول زنى المحارم وعن الانحرافات النفسية التى سببتها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، داخل محيط الأسرة الصغيرة المحاط بأسلاك شائكة من الرغبة فى الستر وعدم الفضيحة، أو داخل المجتمع الكبير الذى أصبح سوقا دائمة لبيع المادى والمعنوى، اللحم والدم والمشاعر بحكم العرض والطلب أو بحكم الإذعان.
هؤلاء الهاربون مثل مغتصب النساء، هو يخشى المرأة والعلاقة السوية معها، وهم يزعجهم جدا شجاعة الإعلان عن المشاعر والدفاع عنها فى العلن وتحدى القيود والعقبات الاجتماعية تحت نور الشمس، بينما يتغاضون عن علاقة محرمة، أو تشوه أخلاقى يحدث سرا، ويتفننون فى إيجاد التبريرات له، والتطوع لنشرها والترويج لها.
الزاوية الثالثة: الذين أيديهم فى الماء
الأصدقاء الذين يجلسون فى أبراج عاجية يمسكون أقلاما مذهبة أو ميكروفونات فضائية وأرضية، الأقوياء الذين فى المباحث، والساهرون الذين يتعبون لصالح استقرار الأوضاع واستتباب الأمن لن يروا فى مشاعر مارى ووسام إلا بداية فتنة، أو حجرا يعكر وجه الماء الصافى للبلد، أو يعكر وجه الماء المتعكر أصلا الذى لا ينقصه لعب عيال زى الواد وسام والبت مارى، ومع إعمال أقصى درجات حسن النية سيرون فى تصرف الحبيبين قلة تربية يستحق أهاليهم أن يتربوا لأنهم عرضوا سمعة مصر للخطر.الذين أيديهم فى الماء، أرجو أن ينسوا مارى ووسام، فهم أبناء الحب وله يرجعون، ولهما معا رب يحميهما.
زاوية الذين أيديهم فى النار
لا أحد يده فى النار مثل مارى ووسام، أو الذين معهما فى هذا الخندق التراجيدى.
بالتأكيد لا يريد شاب أو فتاة أكثر من الحب بدون ضريبة، خاصة إذا امتدت هذه الضريبة إلى دمهما أو امتدت بالفصل لصلتهما بالأهل، وغالبا ما ينكسر الذين لم يترك الحب على قلوبهم علامته بالنار، فيتراجعون إلى خنادق الانكسار أو التطرف أو كراهية الحياة والهروب منها، ورفض أن يختار سواهم طريقا غير طريقهم ومسارا غير الذى ساروا عليه.
مارى ووسام أيديهما وقلباهما فى النار ولا يريدان ماء الآخرين هما يريدان هذه النار ولا يشعران بالحياة أو الأمان خارجها، وأظن أنهما يعرفان هذه الحقيقة وسينتصران على العقبات فى طريقهما الصعب.
زاوية العبدلله غير الملزمة لسواه
القادة والخبراء والقادروين على صنع السياسات وتنفيذها، لم يلتفتوا منذ 10 سنوات على الأقل إلى أننا بحاجة إلى عقد اجتماعى جديد تتضح فيه غايات هذا المجتمع وخططه المستقبلية والقيم الحاكمة للمواطنين وشكل الدولة وطبيعة الدستور المرجع وكيفيات التشريع وغاياته، وحدود المواطن وحدود الدولة.
لم نلتفت إلى ضرورة صياغة عقد اجتماعى لفترة ما بعد السياسات الشمولية والاقتصاد الموجه وقيم الريف التى حكمت المدينة والمركز والقرية حتى نهايات القرن العشرين، ولم يلتفت الكبار إلى خطورة تأثير السياسات العشوائية على المجتمع ليصبح نسيجا عشوائيا من القيم والأعراف لا يمسك بعضها بعضا رابط من قانون يحترم بالتنفيذ على الكبير والصغير أو تشريع يوضع لمصلحة المجموع أو اختيار حر لابد من الدفاع عنه، ولم يلتفتوا إلى أشعة الحرية التى دخلت من السماوات المفتوحة لتكسر الشيش وتمنح البعض القدرة على الاختيار والدفاع عن اختياره. أصبحنا أمام مجموعة من التناقضات الشبيهة بالقيم، وأصبح لكل منا قانونه الخاص، ومادمتم أيها السادة الأكابر القادرون على صناعة الأحداث والسياسات تركتم المجتمع يخترع بعشوائية عقدا اجتماعيا لكل فرد فيه، فلا تلوموا ولدا وبنتا كسرا عادة أو عرفا بدافع من قلبهما ولم يؤذيا أحدا، فقط ابعدوا الذين يريدون توسيع نطاق سلطاتهم ليحلوا محل الدولة والحكومة والأمن، ابعدوهم عن مارى ووسام ويكفيهما ما هما فيه.
لمعلوماتك...
◄2008 أقيم أول مؤتمر لأقباط المهجر فى مصر
◄211 عدد قضايا العائدين للمسيحية أمام محكمة القضاء الإدارى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة