لم تستوعب الأسواق حتى الآن قرار منظمة "أوبك" بشأن تقليص إنتاجها من النفط بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا، والذى تم فى 19 ديسمبر الجارى فى الجزائر، ووصفه الخبراء بأقوى خفض فى تاريخ المنظمة.
انقسمت الآراء حول مؤيدين ومعارضين للقرار فى ظل إجماع بأن السوق حتى الآن غير مستقر، رغم مرور أيام عدة على تطبيق القرار، فيرى الفريق المؤيد أن تلك الخطوة تأتى كمحاولة لوقف تدهور أسعار النفط التى انخفضت بنسبة %30 منذ الصيف الماضى، وأنه لا يوجد لها أى تأثيرات سلبية فى تلك الفترة، خاصة مع وجود حالة من الانكماش داخل الأسواق وانخفاض الطلب مقابل العرض.
أما الفريق المعارض للقرار فيرى أن له آثار سلبية كبيرة على ارتفاع أسعار أغلب الخامات، خاصة الداخل فيها منتجات البترول، مطالبين أوبك ضرورة الالتزام بالحفاظ على إمداد الأسواق بالنفط، وأن تضع فى اعتبارها أن الاقتصاد العالمى سوف يتعافى، وأن جهود الحد من الفوائد المتحققة من انخفاض أسعار الطاقة تعد قصيرة النظر، وذلك فى إشارة إلى الآثار المتوقعة لارتفاع أسعار الطاقة على سرعة تعافى الاقتصاد العالمى من أزمته.
وقال محمد البهى عضو اتحاد الصناعات المصرى، أن الدول الأعضاء خفضت الأسبوع الماضى الإنتاج لصالح الدول المنتجة والمستهلكة معا، مؤكدا أن القرار ليس له أى تأثير سلبى على الصناعة فى مصر، خاصة مع وجود حالة من الانكماش، واتجاه الشركات الصناعية إلى تصريف المخزون لديها حتى تستقر الأوضاع فى العالم.
وأكد البهى أن الأسعار ستظل عند معدلاتها فى ظل حالة الكساد العالمى، موضحا انخفاض أسعار المواد المصنعة من خامات البترول، ومنها المواد الكيماوية ومواد التعبئة والتغليف بنسبة تصل إلى 50% بعد انخفاض أسعار البترول.
وانتقد الخبير الاقتصادى حمدى عبدالعظيم قرار أوبك، واصفا إياه بأنه قصير النظر، مؤكدا أن له آثار سلبية على أسعار أغلب المنتجات والتى سترتفع بعد ارتفاع أسعار البترول.
وأكد عبد العظيم أن أسعار البترول ستظل منخفضة لفترة انتهاء العقود الآجلة، وبدء توقيع عقود بالأسعار الجديدة، واتجاه دول أخرى إلى استخدام بدائل أخرى مثل الطاقة النووية، مثل مصر ودول أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتى السابق.
وتوقع الخبير الاقتصادى ارتفاع أسعار البترول خلال الفترة المقبلة خاصة مع حلول فصل الشتاء، ووجود بعض الأعاصير التى توقف شركات التكرير إنتاجها.
وشدد عبد العظيم على ضرورة أن تبقى الدول المنتجة على إمدادات جيدة للسوق حتى لا يحدث ارتفاع فى أسعار النقل والخامات وأيضا تكلفة الاستثمارات الجديدة.
وكان هذا القرار قد واجه انتقادات حادة من البيت الأبيض، حيث أكد فى بيان له أن مهما كان من أمر فإن أوبك ملزمة بتوفير إمدادات كافية فى الأسواق، كما أن عليها مسئولية تجاه انتعاش الاقتصاد العالمى.
كما وصفته بريطانيا بالمخيب للآمال، وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه قرار غير مفيد.
وأكد ماجد عاشور نائب رئيس مجلس إدارة شركة سيدى كرير، أنه من غير الواضح ما إذا كانت إجراءات أوبك سوف تكون فعالة فى الأسواق أم لا بالنظر إلى التغيير فى الطلب العالمى على النفط ومدى قدرة أعضاء المنظمة على الوفاء بأهدافها.
وقال عاشور إنه لا يوجد لهذا القرار أى تأثيرات سلبية غير على الدول الفقيرة مثل الهند وباكستان وأفغانستان والدول الأخرى غير المنتجة للبترول، موضحا أن منظمة الأوبك كانت تخشى من تدهور الأسعار نظرا لاحتمالات تدنى الطلب العالمى خلال العام المقبل، وذلك طبقا لما تشير له تقارير وبيانات المنظمة، بأن الطلب على الخام سيشهد مزيدا من التراجع.
وأكد مصدر مسئول بوزارة البترول المصرية، أنه على أوبك الانتظار قليلا حتى يتم تقييم نتائج قرار تخفيض الإنتاج ومدى تأثيره فى الأسواق العالمية، فى ظل وجود تأكيدات على وجود أكثر من مليون برميل يوميا تزيد عن حاجة السوق العالمى.
وأوضح المصدر أن متوسط سعر برميل سلة أوبك لعام 2008، والبالغ حوالى 100 دولار، لا يزال أعلى من متوسط العام الماضى الذى وصل إلى حوالى 69 دولارا، وذلك بسبب المستويات القياسية التى وصل لها سعر البرميل خاصة فى شهر يوليو الماضى.
وتوقع المصدر أن يتم تقييم آخر تطورات السوق العالمية للنفط وحالة العرض والطلب ومستويات المخزونات العالمية ومدى الحاجة إلى أى إجراءات جديدة تتطلبها أوضاع السوق للمرحلة المقبلة، خصوصا فى ظل التراجع المستمر لأسعار الخام، على الرغم من قيام المنظمة بتخفيض إنتاجها فى اجتماعها الطارئ الأخير فى فيينا.
وكانت أوبك قد أعلنت عزمها تقليص سقف إنتاجها بواقع 2.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من أول يناير المقبل، ردا على انخفاض أسعار النفط فى الأسواق العالمية إلى مستويات تعتبر الأدنى منذ نحو 4 أعوام.
وكانت أسعار النفط قد اقتربت من مستوى 150 دولارا للبرميل فى الصيف الماضى، إلا أنها تراوح حاليا حول مستوى 40 دولارا للبرميل بسبب الأزمة الاقتصادية ومخاوف انخفاض الطلب العالمى.
ويعد الخفض الجديد فى سقف إنتاج أوبك الثالث منذ سبتمبر الماضى الذى شهد تقليص المنظمة لسقف إنتاجها بواقع نصف مليون برميل يوميا، أعقبه خفض آخر بواقع 1.5 مليون برميل يوميا فى شهر أكتوبر الماضى، ليصل بإجمالى تخفيضات المنظمة خلال 3 أشهر إلى نحو 4.2 مليون برميل يوميا.
ويذكر أن الدول الأعضاء فى أوبك قد حققت خسائر تصل إلى مليارات الدولارات بسبب انخفاض الطلب على النفط بعد الأزمة الاقتصادية الدولية
جانب من اجتماعات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة