القارئ مصطفى إبراهيم يكتب: أرجوكم ارموه بالأحذية

الأربعاء، 24 ديسمبر 2008 01:55 م
القارئ مصطفى إبراهيم يكتب: أرجوكم ارموه بالأحذية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هتفت يارا عندما شاهدت صورة منتظر الزيدى على شاشة التلفزيون وهو يرمى بحذائه بوش، وأخذت تخبر أشقاءها أن اسمه منتصر الزيدى، ولم تعلم أنه "منتظر" اللحظة التى يرمى بها بوش بحذائه، وينتصر لملايين العرب والمسلمين، ويدفع بوش ثمن ما اقترفه وجنده من قتل مليون عراقى خلال خمس سنوات من احتلال العراق وسرقة خيراته، وعشرات آلاف الأرامل واليتامى فى العراق، ويدفع ثمن الانحياز الكامل لدولة الاحتلال، وليس ثمن الحرية والديمقراطية الزائفة فى بلاد الرافدين.

بوش لدى وصوله أفغانستان بعد رميه بحذاء المنتصر للعراق وفلسطين وأفغانستان والصومال وكل الدول التى أشعل فيها الحرائق، ولم يستطع إطفاء نار الحقد والكراهية له ولإدارته المتطرفة، التى كان همها وهمه نهب موارد تلك الدول من معظم المسلمين والعرب، بذريعة نشر وتصدير الديمقراطية وحقوق الإنسان. بوش خاطب الصحفيين ممازحاً، وفى طريقة الواثق من نفسه وغير المبالى لما تعرض له من إهانة ومذلة، قائلاً: "أرجوكم لا تضربونى بالأحذية".

كان على الفلسطينيين والعرب أن يرموه بالأحذية منذ زمن، عندما زار فلسطين فى شهر يناير (كانون أول) 2008، ووجه إهانة لكل الفلسطينيين بتجاهله رمز وقائد الشعب الفلسطينى، وسار على البساط الأحمر فى المقاطعة فى مدينة رام الله، وقبر الرئيس الراحل ياسر عرفات لا يبعد سوى أمتار معدودة، وبعد أن اعتبر لفترة طويلة داعماً ومؤيداً للإرهاب، الذى حاصره بوش. كان عليهم أن يرموه بالأحذية مرة أخرى ومرات، ليس لأنه زار فلسطين مرة أخرى فى شهر مايو (أيار) من العام ذاته، والمشاركة فى الاحتفالات بالذكرى السنوية الستين لدولة الاحتلال وتصريحاته من على منبر الكنيست لدولة الاحتلال، بل لأنه يشارك فى فرض الحصار على الأراضى الفلسطينية، وقطع أوصالها، وحصار قطاع غزة يدخل عامه الثانى، والاستمرار فى تجويع أهلها المؤيدين "للإرهاب"، وعدم التزامهم بقرارات الشرعية الدولية وقرارات اللجنة الرباعية الدولية، وخارطة الطريق والاعتراف بدولة الاحتلال.
وكان على العرب أن يرموه بالأحذية عندما زار دولهم، وشرعت له الأبواب ورقص بالسيف العربى مع عدد من زعمائها، وأهل العراق وفلسطين يقتلون برصاص جنوده ويموتون لعدم السماح لهم بممارسة أبسط حقوقهم الطبيعية ومحرومون من السفر وتلقى العلاج وتلقى تعليمهم، ومنعهم من التنقل بين طرفى الوطن.

وكان على كل العرب أن يرموه بالأحذية لكذبه وتسويفه فى إيجاد حل للقضية الفلسطينية والوعد الكاذب بأن الدولة ستكون نهاية العام 2008، والتعهد بمواصلة السير فى العملية، وما القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن المتعلق بالاستمرار فى العملية السلمية إلا استمرار فى الكذب والالتفاف على الفلسطينيين والعرب وعلى قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتلميع له ولإدارته المنصرفة على إثر الفشل الكبير فى سياسته، وحجم الكره والحقد والدمار الذى تركه خلفه، ولحق بالعديد من الدول العربية والعالم جراء سياسته العدوانية والعنجهية.

وها هم العرب والقيادة الفلسطينية كعادتهم يستمرون فى الوثوق به وبوعده، وبمجلس الأمن والقرارات الصادرة عنه التى لم ينفذ منها قرار واحد، لأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ترفض تطبيق تلك القرارات، وتكيل بمكيالين فى التعامل مع القضايا العربية، والعرب ما يزالوا يثقون فى مجلس الأمن المنحاز لإسرائيل، وصمت ونفاق المجتمع الدولى على الجرائم التى ترتكب فى فلسطين منذ ستين عاما، وما يزال ما يسمى بالمجتمع الدولى يحاصر قطاع غزة ويحض الفلسطينيين على الاستمرار فى المحادثات الثنائية مع دولة الاحتلال، ويتعامل مع القضية الفلسطينية على أساس أنها قضية إنسانية، وليست سياسية بامتياز، ويعمل على إيصال المساعدات الإنسانية التى تسمح للفلسطينيين فى القطاع البقاء على قيد الحياة.

وما تزال القيادة الفلسطينية تثق فى الوعد الأمريكى، والرئيس محمود عباس يعود مرة أخرى إلى الولايات المتحدة ليسعى مجدداً إلى الحصول على ضمانات من الإدارة الأمريكية للاستمرار فى جهودها المتعلقة بعملية السلام، فى حين أن العملية السلمية ستبقى ضمن إطار ومسار أنابوليس الفاشل.

حتى حملة ترويج المبادرة العربية للسلام التى عملت قيادة السلطة الفلسطينية على نشرها فى الصحف الإسرائيلية، وعلى رغم نشرها فى وسائل إعلام الدول العربية والعلم الإسرائيلى عليها فى خطوة لم تلق الانتباه والتركيز من جانب الإسرائيليين، التى نشرت المبادرة من أجلهم للتأثير فيهم، فشلت فى الوصول إلى أهدافها.

وفى ظل كل الانتكاسات والمرارة والألم والحزن لما يجرى فى الساحة الفلسطينية من حدة الانقسام، والحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، والاحتلال ما يزال يقتل ويدمر ويعتقل، والتهديد القائم بتوجيه ضربات قاضية للفلسطينيين فى القطاع، وما يدور بين المتصارعين لتثبيت شرعية الحزب والفصيل والسلطة على حساب شرعية الوطن والقضية، ومن تدمير لمقومات الحياة والظانين بانتهاء القضية الفلسطينية، جاءت رمية منتظر الزيدى لبوش بالحذاء ليقول لكل أولئك من العرب والعجم من المراهنين على حسن النوايا الأمريكية، وأن 99% من أوراق الحل فى يد الولايات المتحدة.

وبعد قبلة الوداع بالحذاء من ذوى الشهداء والأسرى والجرحى والمرضى والطلاب الممنوعين من السفر لبوش المنصرف بغير رجعة، نقول لكل الفلسطينيين والعراقيين والعرب أرجوكم ارموه بالأحذية أينما حل وأينما تواجد على ما فعله بفلسطين والعراق، حتى بعد أن تنتهى ولايته وجاء سائحاً إلى بلادنا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة