حفل عام 2008 بالعديد من الأحداث فى القطاع الاقتصادى التى كان لها عظيم الأثر على السوق المصرى، فى جوانبه المتعددة، ففى الجانب المالى كانت قرارات 5 مايو، والموافقة على قانون الضرائب العقارية، وصرف معاش الأجر المتغير، كما تم اختيار البورصة المصرية عضوا فى اتحاد البورصات العالمية، وتم البدء فى العمل بنظام التداول الجديد، كما تم تأجيل طرح الرخصة الثانية للتلفون الثابت، وتعرض شبكات الإنترنت للانقطاع مرتين خلال عام واحد، وغيرها من الأحداث التى كان لها تأثيرا على السوق وسوف نستعرضها فى السطور التالية:
إجراءات 5 مايو لتدبير موارد لتمويل العلاوة الاجتماعية التى أقرها الرئيس مبارك بـ 30% ودعم السلع التموينية ومواجهة المتطلبات الإضافية لدعم المواد البترولية، حتى أن البعض قال إن الحكومة أخذت العلاوة قبل صرفها وقال المصريون "يا فرحة ما تمت"، وقد تضمنت القرارات زيادة ضريبة المبيعات على البنزين والسولار والكيروسين بواقع 45 قرشا للتر البنزين '90، 92'، وجنيها للتر '95' و35 قرشا للتر الكيروسين والسولار، وزيادة ضريبة المبيعات على السجائر بمتوسط 10%، بحيث لا تتجاوز الزيادة على السجائر المحلية وتتدرج الزيادة على السجائر المستوردة والفاخرة لتصل إلى 33 %، وزيادة رسم تنمية الموارد على رخص تسيير السيارات، كما تضمن إلغاء الإعفاءات الخاصة بمشروعات الاستثمارات بنظام المناطق الحرة فى مجال الصناعات الثقيلة كثيفة الاستخدام للطاقة كالأسمدة والبتروكيماويات والحديد والصلب ورفع أسعار الغاز الطبيعى لصناعات الحديد والصلب والأسمنت والبتروكيماويات والأسمدة، وكذلك فرض رسوم تنمية على الطفلة المستخرجة من المحاجر والتى تستخدم فى صناعات الأسمنت والسيراميك بعد أن ظل ثابتا منذ 20 عاما، كما يشمل المشروع إلغاء الإعفاءات على المدارس والجامعات الخاصة، ولا تزال تأثيرات هذه القرارات تفرغ جيوب المصريين مع بداية أول كل شهر خاصة زيادة أسعار المواصلات، رغم نفى الحكومة عدم حدوث ذلك.
قرار الحكومة الذى وصفه الجميع بالجرئ وهو تأجيل بيع بنك القاهرة لأجل غير مسمى، لأن العروض المتقدمة لم تصل إلى السعر المطلوب لتغطية النسبة المطروحة للبيع، وهى67% من أسهم البنك، وقد تقدم للشراء بنوك: تحالف بنك المشرق الإماراتى وبنك سامبا السعودى وستاندارد شارتر الإنجليزى، وتحالف البنك العربى والبنك الأهلى اليونانى الذى قدم العرض الأكبر بقيمة 1.3مليار دولار، وأكد محمد بركات وقتها أن فكرة طرح البنك للبيع مازالت مستمرة، لكن لا يمكن التكهن بتوقيت الطرح المقبل أو أسلوب التنفيذ، كما أن البنوك التى تقدمت للشراء يمكنها التقدم مرة أخرى مع المتقدمين الجدد فى حالة الطرح.
واعتبر الخبراء أن تأجيل بيع البنك هو بمثابة إلغاء لعملية البيع وخطوة للتراجع عن سياسة الخصخصة التى ثبت فشلها.
الموافقة على قانون الضريبة العقارية الذى من قبل مجلس الشعب فى يونيو الماضى، ليبدأ العمل به مع بداية يناير 2009، رغم الأزمة العالمية وتأثيرها على سوق العقارات، وعلى رغم من إقرار القانون إلا أن المعارضين له تزايدوا خاصة مع المشكلات التى تحول دون الإعلان عن اللائحة التنفيذية للقانون، والتى تفسر كيفية تطبيقه عمليا، ومن أهم أسباب معارضة القانون هو كيفية تقدير قيمة العقارات التى على أساسها يتم تحديد وعاء الضريبة، حيث سيخضع لتقديرات شخصية رغم تأكيد الوزارة على عدم حدوث هذا، إلا أن صعوبة تحديد معايير التقييم حتى الآن هو خير دليل على أن القانون سيفتح مجالا جديدا للنزاع أمام القضاء، وهو ما يتوقعه الخبراء عند بداية التطبيق.
استجابة الوزارة لصرف معاش الأجر المتغير لـ 80% من المستحقين كمرحلة أولى قبل أيام قليلة من عيد الأضحى المبارك، طبقا لأحكام المحكمة الدستورية العليا بصرف فروق معاش الأجر المتغير للذين خرجوا عن المعاش من شهر مايو عام 1993، طبقا لحكم المحكمة الصادر عام 2007 بأحقية ما يقرب من 500 ألف مستحق للصرف بأثر رجعى لمدة 5 سنوات، ورغم أن هذا القرار يعد بمثابة انتصار لأصحاب المعاشات، إلا أن المهزلة التى حدثت أيام الصرف قضت على فرحة العديدين من أصحاب المعاشات، حيث شهدت منافذ الصرف زحاما أدى لإصابة العديد من كبار السن، علاوة على وفاة اثنين فى أول وثانى أيام الصرف نتيجة الزحام، كما أن تأخر الأموال فى الوصول إلى المنافذ أدى لهرج شديد وصدام بين أصحاب المعاشات وموظفى مكاتب التأمينات، وستكون المرحلتين القادمتين للصرف فى شهرى مارس ومايو المقبلين لبقية المستحقين، وقد تتكرر المأساة ثانية وثالثة.
تعرضت البورصة المصرية لأسوأ موجة انخفاض منذ سنوات وصلت إلى حد خسارة 60% من قيمتها السوقية، وخسر معظم المستثمرين لأكثر من 80% من رأسمالهم، جاء هذا الهبوط رغم تمتع سوق المال المصرى بزيادة كبيرة فى معدل السيولة المالية، وعدم وجود أسباب الأزمة المالية العالمية فى مصر، وقال الخبراء إن تأثر البورصة المصرية جاء استجابة لما يحدث فى البورصات العالمية، بعد زيادة معدلات الارتباط بينهما، خصوصا فيما يخص شهادات الإيداع الدولية على أسهم من أشهر الأسهم القيادية فى البورصة، مثل سهم أوراسكوم تليكوم وأوراسكوم للإنشاء والصناعة وغيرها.
تم اختيار رئيس البورصة المصرية عضواً بمجلس إدارة الاتحاد العالمى للبورصات فى سابقة هى الأولى مصرياً وعربياً، حيث تم انتخاب الدكتور ماجد شوقى رئيس البورصة المصرية عضواً بمجلس إدارة الاتحاد العالمى للبورصات WFE والبالغ عدد أعضائه 15 عضواً، وهو الأمر الذى يعكس ثقة المجتمع المالى الدولى بأداء البورصة المصرية وإدارتها، ويؤكد رغبة كبرى البورصات فى العالم من الاستفادة من الخبرة المصرية فى تطوير البورصة، وقد تم انتخاب رئيس بورصة شيكاغو للخيارات CBOE رئيساً لمجلس إدارة الاتحاد خلال الدورة القادمة، بالإضافة إلى عضوية عدد من رؤساء البورصات الأعضاء ومنهم نيويورك، ناسداك، يورونكست، لندن، طوكيو، هونج كونج، كوريا، أسبانياBME، جوهانسبرج، شانغهاى، إسطنبول، بالإضافة إلى البورصة المصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن البورصة المصرية مازالت هى البورصة العربية الوحيدة التى تتمتع بعضوية الاتحاد العالمى للبورصات، الأمر الذى يبرهن على التزام البورصة المصرية بالمعايير الدولية المتعارف عليها بين المؤسسات المالية والجهات التنظيمية فى مختلف الأسواق. وقد حظيت مدينة القاهرة فى العام الماضى باستضافة منتدى الأسواق الناشئة الذى ينظمه الاتحاد كل عامين، وقد لاقى التنظيم ترحيباً بالغاً من كافة الأعضاء. والاتحاد العالمى للبورصات هو بمثابة منظمة عالمية للبورصات تتسع عضويتها لتشمل الأسواق المنظمة للأوراق المالية والمشتقات، ومؤسسات التسوية وبيوت المقاصة، وتستوعب كافة الخدمات المتنوعة التى تقدمها تلك الأطراف لأسواق رأس المال. وتضم عضوية الاتحاد 60 من كبرى البورصات التى تمثّل نحو 97% من رأس المال السوقى فى أسواق المال على مستوى العالم، مثل بورصات نيويورك ولندن وسويسرا وميلان وهونج كونج وسنغافورة، بالإضافة إلى البورصة الألمانية (دويتش بورص) وبورصة أومكس..إلخ
بداية العمل بنظام التداول الجديد X-Stream الذى يعتبر من أحدث الأنظمة المستخدمة فى عدد من أهم البورصات على المستوى الدولى، وتم تطويره بزيادة الحد الأقصى للعمليات التى يمكن تنفيذها وإمكانية استخدام العديد من المنتجات والأدوات والمشتقات المالية مع سهولة استخدام ومرونة هذا البرنامج.
ويوفر نظام التداول الجديد عددا من المزايا الهامة اللازمة لمتطلبات المرحلة القادمة فى السوق المصرى، منها السماح بتداول أدوات مالية أكثر تقدما كالأدوات المالية المهيكلة، وصناديق المؤشرات "ETFs"، الصكوك، والخيارات والمستقبليات، ومختلف المشتقات، كما يسمح بتجاوز عدد العمليات المنفذة ضعفى الحد الأقصى المعمول به حالياً، وبسرعة تنفيذ كبيرة.
كما يتيح النظام الجديد العمل بنظام صنّاع السوق، يسمح أيضاً بتنفيذ جلسة استكشافية لأسعار الفتح، ومن المتوقع أن يعمل النظام الجديد على تحسين تنافسية البورصة المصرية من خلال توفيره لبدائل متعددة للاتصال عن بعد، وانتهت البورصة من تدريب ما يزيد عن 1000 منفذ، للتعامل مع نظام التداول الجديد، والتأكد من مدى استيعابهم لكافة فنيات النظام الجديد، كما تم تجريب النظام الجديد فى نحو ثلاثين جلسة تجريبية، كان هدفها اختبار كفاءة النظام وأخذ آراء المتعاملين فى السوق حول النظام، ومدى توافقه مع متطلباتهم.
يذكر أن عملية تصميم النظام الجديد قامت بها شركة NasdaqOMX العالمية المملوكة لبورصة ناسداك العالمية.
قرار النائب العام بتحويل 11 شركة أسمنت إلى المحاكمة بعد ثبوت إدانتها بالاتفاق فيما بينها على البيع بسعر معين للمستهلك، بالمخالفة لقانون منع الممارسات الاحتكارية بعدما طالب المهندس رشيد محمد رشيد جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، بالتحقيق فى القضية التى تسببت بشكل مباشر وأسفرت المحاكمة التى أعلنها القضاء فى الجلسة المنعقدة بتاريخ الاثنين 25- 8 2008، بتغريم 20 من أصحاب وقيادات شركات الأسمنت عشرة ملايين جنيه لكل منهم، وذلك لإدانتهم بمخالفة قانون منع الممارسات الاحتكارية والاتفاق فيما بينهم على رفع الأسعار، ولاقت القضية وقتها استياء شديدا من أصحاب الشركات، حيث دافع عدد كبير من المحامين عن المتهمين وقالوا إن القضية كبش فداء لتبرير رفع الأسعار بشكل عام من قبل الحكومة، ولاقت ترحيبا شعبيا كبيرا وكان لها أثر كبير فى اتجاه الأسعار نحو الانخفاض بعدها.
انقطاع كابلات الإنترنت فى يناير الماضى وبالتالى انقطاع الخدمة عن المشتركين لمدة عشرة أيام مما جعل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقوم بتعويض المشتركين بقيمة شهر مجانا تعويضا عن سوء الخدمة، ونجم عن انقطاع هذه الكابلات خسائر فى المؤسسات المالية مثل البورصة والبنوك وخدمات الحكومة الإليكترونية، وحدث شلل فى المراكز البحثية ولم يعرف حتى الآن سبب انقطاع هذه الكابلات، ولم يصدر تقرير شفاف من الوزارة لمعرفة أسباب هذا الانقطاع، وفى 19 من ديسمبر لعام 2008 فوجئ مستخدمو الإنترنت فى مصر على خبر انقطاع الكابلات الخاصة بالإنترنت فى جنوب إيطاليا للمرة الثانية، ولم يستمر الانقطاع سوى أربع وعشرين ساعة، حيث قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأخذ مسارات وسعات جديدة للإنترنت من دول جنوب شرق آسيا وقامت بإرجاع 50% من الخدمة فى اليوم الأول، ثم 80 % بعدها بيومين، وأرجعت الوزارة هذه السرعة فى معالجة الأزمة بأنها استفادت من دروس انقطاع الإنترنت فى المرة السابقة.
تأجيل طرح الرخصة الثانية للهاتف الثابت للمزايدة فى مارس الماضى وقيام 12 شركة بشراء كراسة الشروط وكان أبرزها أوراسكوم تليكوم و"اتصالات" الإمارات، ولكن فى سبتمبر من نفس العام، وبسبب أزمة الرهن العقارى فى الولايات المتحدة وبداية ظهور بوادر الأزمة المالية العالمية أدى ذلك إلى عزوف بعض الشركات المشاركة فى المنافسة على الرخصة، مما جعل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القيام بإلغاء طرح الرخصة هذا العام وتأجيلها إلى العام المقبل، إذا تحسنت الأحوال الاقتصادية العالمية، ولكن البعض شكك فى وعود الوزارة فى تحرير القطاع، واتهمها بمحاباة الشركة المصرية للاتصالات، وأكد أن المؤشرات تشير إلى تأجيل الرخصة لأكثر من عام وربما إلغائها، واعتبروا أن تعاطى وزارة الاتصالات مع الأمر يفتقد إلى الشفافية المطلقة، وأن سبب التأجيل الذى أعلنت عنه الوزارة كان مقنعا للرأى العام، لكنه لم يقنع أى من الشركات المتقدمة.
وجاء برنامج أصول الدولة المشاركة الشعبية، كأهم وأغرب مشروع اقترحته وزارة الاستثمار بمشاركة الحزب الوطنى، والذى جاء كمحاولة حكومية ساذجة لتصحيح مسار الخصخصة الذى ظل يطبق لمدة 24 عاما عن طريق تقسيم أسهم 86 شركات قطاع الأعمال على 42 مليون مواطن يحمل الجنسية المصرية، ويتجاوز 21 عاما، فى الوقت الذى أعلن فيه الدكتور محمود محى الدين وزير الاستثمار قبل البدء فى الإعلان عن المشروع بأيام أنه إعادة هيكلة لبرنامج الخصخصة بشكل يضمن للعمالة حقوقها، ويعالج مشاكل البرنامج القديم، إلا أن موجات الغضب الشعبى والرفض من مختلف قطاعات المجتمع وأحزابه جاء مخيبا للمشروع الجديد الذى فشل فى إقناع المواطنين قبل مناقشته برلمانيا.
أحداث هزت الاقتصاد المصرى عام 2008
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة