يشهد المجتمع فى المملكة العربية السعودية اليوم الاثنين، مسيرة صامتة تقودها بهدوء نساء مرتديات العباءة والنقاب الأسود اللذين يخفيان ورائهما ثوريات يتمتعن بإرادة من حديد للحصول على حقوقهن، رصدتهن صحيفة لوموند الفرنسية فى تقرير مطول، وأطلقت على مسيرتهن "الثورة السوداء الصامتة فى السعودية".
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية لا تتمتع عادة بشهرة جيدة فيما يتعلق بوضع المرأة، إذ تعد الدولة الوحيدة فى العالم التى تشهد غياب المرأة من مناصب الحكم، ولا تمنحها حق قيادة السيارات، وكذلك تفرض نوعاً من التفرقة المتطرفة فى الأماكن العامة بين الجنسين، إلا أنها تضم اليوم نماذج للمرأة السعودية، التى تمثل عقليات أكثر تفتحاً على الثقافات الأخرى تتناسب مع العصر الحالى دون التعارض مع تعاليم الدين الإسلامى.
تسعى المرأة السعودية الآن للحصول على بعض من حقوقها، مثل حقها فى قيادة السيارات، وحقها فى تولى مناصب عالية الشأن، خاصة فى مجال الأعمال، وأخيراً حقها فى ترشيح نفسها فى الانتخابات، وإن انحسرت حتى اليوم فى المجالات الاقتصادية، إلا أنها بلا شك خطوة ليست بقليلة تحسب لها فى طريق "ثورتها الصامتة".
المرأة السعودية وقيادة السيارات
منذ ما يقرب من عشرين عاماً ومع أولى المظاهرات العامة ضد منع المرأة من القيادة، أصبحت تمثل الصحافة المحلية بصفة منتظمة صدى للعديد من المبادرات التى قامت بها نساء سعوديات فاض بهن الكيل من الاعتماد الدائم فى تحركاتهن سواء على أزواجهن أو أبنائهن، أو العاملين فى المنزل فى حالة انتماء المرأة لعائلة ثرية.
فى هذه الدولة التى لا تنتشر فيها وسائل المواصلات العامة، والتى تزيد مساحتها على ما يقرب من أربعة أضعاف مساحة فرنسا، تستنكر هؤلاء النساء المناضلات ما يقوم به السعوديون المحافظون الأكثر تشدداً من تشبيه هذا الحق فى التنقل بحرية بالسلوك الشائن والدعوة إلى الرذيلة، حتى ولو كان ذلك الرأى يتم تبريره رسمياً بالرغبة فى حماية سمعة المرأة.
تعود آخر تلك المبادرات الشجاعة إلى مارس 2008 بمناسبة اليوم العالمى للمرأة، حيث تجرأت الناشطة النسائية وجيهة الحويدر ووضعت على موقع اليوتيوب فيديو قصيراً يصورها وهى أمام مقود السيارة وتشرح مسيرتها. لم تأخذ السلطات السعودية أى إجراء لمعاقبة هذا العمل المحرض، كما أنها تركت حتى الآن هذه السيدة تجمع التوقيعات على العريضة التى كتبتها للمطالبة بحق المرأة السعودية فى القيادة. بيد أن أحداً لم يكن يتوقع أن يمثل هذا الأمر مقدمة انعطاف تاريخى فى مثل هذا الموضوع شديد الحساسية، وعلى الرغم من رغبته فى إجراء بعض الإصلاحات الخاصة بالانفتاح، التى أعلنها الملك عبد الله عند توليه العرش فى 2005، فإن حق المرأة السعودية فى قيادة السيارة يحتمل أن يظل تابو لفترة طويلة من الزمن.
المرأة السعودية والشرطة الدينية
لا يختلف إطلاقاً تحريم حق القيادة على المرأة السعودية عن القانون الذى يحظر عليها التواجد فى أحد الأماكن العامة بمصاحبة أى رجل آخر غير زوجها أو أحد أقاربها من الدرجة الأولى، جدها أو أخوها أو ابنها. وتجسد هذا الوضع قصة الفتاة السعودية يارا "وهو الاسم المستعار الذى اختارته لتروى ما حدث لها" التى وقعت فى فبراير الماضى ضحية الشرطة الدينية السعودية المهيبة "هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"، والتى تناولت موضوعها العديد من الأقلام الصحفية. تعد قصة يارا قصة مؤثرة للغاية وعبرة يؤخذ بها.
نشأت هذه السيدة الشابة، وهى من أصل أردنى ومتزوجة من سعودى وأم لثلاثة أطفال، فى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تنتقل للعيش فى السعودية والعمل بها كمستشارة مالية فى مدينة جدة. سافرت فى بداية فبراير فى مهمة إلى فرع الشركة التى تعمل بها فى الرياض. اضطرها وقوع عطل كهربائى هناك وحاجتها إلى الدخول على شبكة الإنترنت، إلى الجلوس بصحبة بعض من زملائها الرجال فى الركن الخاص بالعائلات فى أحد فروع سلسلة ستاربكس كافيه المنتشرة فى السعودية. وقد كان تصرف يارا هذا انتهاك للقواعد، لسوء حظها، كانت تمر فى تلك اللحظة إحدى دوريات هذه الشرطة، على الرغم من التزام يارا بارتداء الزى السعودى المفروض، أى الحجاب والعباءة السوداء، فقد تم القبض عليها بعنف، واتهامها بارتكاب جرم جسيم. سحبت الشرطة الدينية من يارا تليفونها المحمول وقادتها تحت حراسة مشددة إلى أحد السجون، الذى تعرضت فيه إلى كل أنواع الإهانات قبل أن يتمكن زوجها، بفضل صلاته السياسية، من معرفة مكان سجنها والإفراج عنها.. وقد تصادف هذا اليوم وصول مبعوثة الأمم المتحدة إلى العاصمة السعودية، مكلفة بمهمة عمل تقرير عن أشكال العنف الذى تتعرض له المرأة هناك.
اعتبر بعض المراقبين السعوديين أن الصدى غير المعتاد الذى حققه تناول تلك الواقعة فى الصحافة السعودية الليبرالية يمثل إشارة تحذير موجهة من قبل بعض المسئولين فى المملكة إلى الشرطة الدينية. إلا أن هذه الشرطة لعبت دوراً فى حوادث أخرى أكثر مأساوية بكثير من قصة يارا، ففى 2002، تسببت هذه الشرطة فى مقتل 15 بنتاً سعودية محترقات داخل إحدى المدارس، عندما اندلع حريق بداخلها وأغلقت الشرطة الدينية الأبواب ومنعت الفتيات من الخروج، بحجة أنهن لا يرتدين العباءة ولا يجوز أن ينكشفن أمام غرباء.
إلى جانب هذا الصرامة المتطرفة التى تمارسها الشرطة الدينية، تعانى النساء السعوديات من بعض القيود الأخرى، التى تتعلق بالحياة اليومية، ومنها ضرورة وجود محرم أثناء تنقلاتهن داخل أو خارج المملكة. وقد أدى هذا الحائط من المحرمات إلى حبس الأذهان داخل سجن من الممنوعات.
فى 1964، لم يتردد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود فى إعطاء أوامره للحرس الوطنى "الذى يؤمن أكثر من الجيش نفسه استمرار المملكة" لإنشاء مدارس جديدة مخصصة للبنات. وبعد أكثر من أربعين عاماً، أى فى عام 2005، صرح ولى العهد عبد الله لجريدة لوموند، أن تحرير المرأة السعودية لن يستغرق سوى عدد سنوات أقل من أصابع اليد الواحدة، أى الفترة اللازمة، على حد قوله، لتطور ذهن المرأة السعودية وعقلية زوجها وأبنائها. يقترب هذا التوقيت ببطء من نهايته دون أن تتمكن، على ما يبدو، السلطات السعودية من فرض مثل تلك الثورة التحررية على مواطنيها والسلطات الدينية بها. فعلى الرغم من أن الملك، منذ وصوله إلى العرش، قد قام بتخصيص سلسلة من الاقتراحات الخاصة بتطوير وضع المرأة فيما يتناسب والقيم التى يدعو لها الإسلام، إلا أن هذا الأمر لم يترجم حتى الآن بشكل عملى.
نماذج من الناشطات السعوديات
إلا أن ذلك لا يعنى أن المملكة العربية السعودية لا تضم ناشطات نسائيات مؤثرات يتمتعن بشخصية قوية، بدءاً من إحدى بنات الملك، وهى الأميرة عديلة بنت عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، التى اشتهرت من خلال المؤسسات الخاصة بالصحة والطفولة التى ترأسها منذ عدة سنوات، وكذلك نورة جميح، الفتاة السعودية الجامعية التى يتم عادة دعوتها لتحاضر فى الخارج حول وضع المرأة، والتى تلقت تعليمها فى ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فى مجال علم النفس، وهى ناشطة حقوقية تناضل من أجل حقوق المرأة داخل المؤسسة الوطنية السعودية لحقوق الإنسان، وهى مؤسسة شبه رسمية، يقيس أعضاؤها بشكل منتظم حريتهم فى التعبير.
تؤكد نورا لجريدة لوموند، لا أعتقد أن حصول المرأة السعودية على الحق فى قيادة السيارات أو لا يعد إحدى الأولويات هنا. يجدر بالأحرى فى رأيى التركيز على التعليم وحقوق المرأة. وذلك يعود من ناحية، إلى أن المرأة المتعلمة تحصل على فرصة أكبر فى لعب الدور الذى تطالب به، ومن ناحية أخرى، إلى أنه من الضرورى العمل على تحريك القانون، خاصة فى كل ما يمس مصير الأطفال فى حالات الطلاق.
بين الرغبة فى التقدم إلى الأمام وتغيير الأشياء للأفضل من ناحية، وضرورة الأخذ فى الاعتبار ثقل العقلية المنغلقة فى المجتمع السعودى من ناحية أخرى، اختارت نورا جميح أن تتحلى بالتفاؤل، مؤكدة على أن التغييرات فى المجتمع السعودى لن تتم سوى بشكل تدريجى، وتضيف بحماس قائلة، إن الأمور فى تقدم مستمر. انظروا إلى ما حدث فيما يتعلق بالمحرم. سيصبح الآن فى مقدور المرأة التى تتنقل داخل المملكة الإقامة وحدها داخل الفنادق. يعتبر هذا الأمر تقدماً حقيقياً! .. حتى لو تأخرت النتائج العملية لمثل هذا الإجراء لأسباب تبدأ مثلاً من ضرورة إعداد أقسام منفصلة للسيدات فى الفنادق.
ومن النماذج الأخرى للناشطات السعوديات البارزات، هى حاتون الفاسى، المؤرخة التاريخية المتخصصة فى العصر الجاهلى، التى تنتمى لتلك الأقلية من الناشطات التى تناضل من أجل الحقوق، التى قد تبدو ذات ِشأن ضعيف، وفى مجالات غير متوقعة. اشتهرت حاتون الفاسى، التى تكتب فى عدد من الجرائد التقدمية السعودية، عندما هاجمت بشدة فى 2006 المشروع الذى كان يهدف، على حد التصريحات الرسمية، إلى إقصاء النساء من الساحة المحيطة بالكعبة إلى مكة.
نددت حاتون الفاسى بقوة فى الجريدة اليومية التى تصدر باللغة الإنجليزية Arab News، قبل أن يتم بالفعل سحب هذا المشروع فى النهاية، لقد نزل الإسلام للرجال والنساء على حد سواء، ويتساوى الجنسان فيما يتعلق بواجباتهم الدينية، مضيفة أن المرأة تعامل دائما على أنها قاصر. إن اضطرارها الدائم لأن تكون فى صحبة وصى لهو مصدر دائم للإهانة. وتعرب حاتون الفاسى عن اقتناعها بأن وضع المرأة فى العصور الماضية "ومنها عصور ما قبل الإسلام" كان تحسد عليه أكثر من اليوم، مؤكدة على عدم انخداعها بموقف بعض السلطات التى تختفى وراء ستار حماية المجتمع السعودى المحافظ، وهى فى حقيقة الأمر تسعى إلى إقامة عوائق أمام التغييرات.
المرأة السعودية تخترق سوق العمل
إذا كان احتمال قيام الحكومة السعودية بنفسها بفرض نوع من أنواع الانفتاح غير مطروح فى الواقع، فإن الظروف العامة وبعض المؤشرات الاقتصادية المثيرة للقلق توفر على العكس بالنسبة للمرأة السعودية فرصة لاكتساب بعض الحقوق، فعلى الرغم من "تسونامى" المال الذى أغرق خزائن المملكة حتى خريف 2008، فإن الاقتصاد القومى لا يزال يحكمه عاملان، وهما النمو السكانى ومعدل البطالة المرتفع. الأمر الذى دفع الحكومة، فى محاولة للحد من هذا المعدل، إلى تبنى سياسة سعودية تقوم على منح المرأة السعودية "والتى تتلقى عامة تعليماً أفضل من الرجل" مكاناً فى سوق العمل، حتى لو لم تكن نسبة هذا المكان تتعدى 10% فى 2003 من الأيدى العاملة السعودية، وفقاً لعالمة الاجتماع منى المنجد، صاحبة كتاب "المرأة السعودية تتكلم" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر فى 2006. وتؤكد هذه الأخيرة، أن ما يقرب من 20 ألف شركة "أى ما يزيد على 5% من مجموع الشركات السعودية" تقوم بإدارتها سيدات سعوديات، تضم 40% من الثروات الخاصة فى المملكة.
أما بالنسبة لظروف عمل المرأة داخل هذه الشركات، فإن الاختلاط بين الجنسين، الذى ينحسر داخل الأماكن التى لا تفترض أى نوع من تعامل المرأة المباشر مع الجمهور، لا يزال فى بداياته. تقول منيرة الدوسارى التى تعمل فى أحد فروع بنك السعودى الفرنسى، بالطبع لى زملاء رجال فى العمل، والأمر يسير على ما يرام. على كل حال، إذا لم أكن أشعر بالارتياح داخل بلدى، لكنت تركتها، وإذا كنت لا أزال هنا، فإن ذلك يعنى أن لا شىء يزعجنى.
تؤكد من جانبها ندى الحمد، مديرة مركز العمل والتدريب التابع لمؤسسة النهضة الخيرية، الذى يقدم العون للنساء التى يعشن فى ظروف صعبة، أن سمعة المرأة السعودية فى سوق العمل أفضل بكثير من سمعة الرجل، إذ أن من المعروف عنهن احترامهم للمواعيد وكفاءتهن فى القيام بالمهمات المكلفات بها.
وتشير ندى الحمد التى عاشت فى الولايات المتحدة الأمريكية قبل توليها منصبها فى السعودية، أن المرتب الذى تحصل عليها المرأة العاملة فى السعودية يساهم بشكل كبير فى مصاريف أسرتها، خاصة مع معدل الارتفاع القياسى الذى سجله التضخم فى 2008. يعطى هذا المركز الذى تديره ندى الحمد "والذى سمحت لمراسل لوموند من زيارته فى العطلة الأسبوعية، إذ أنه غير مسموح لرجل بالتواجد أثناء ساعات العمل به" دروس فى الكمبيوتر والحياكة للسيدات السعوديات، مما يسهم فى منحهن فرص أكبر فى الحصول على فرص عمل فى مجالات أخرى غير مجالى التعليم أو الصحة، الذى كان يقتصر عمل المرأة السعودية عليهما فقط، إذ أنه كان يحق لها العمل سواء مدرسة فى مدارس البنات أو فى المستشفيات التى تمثل المكان الوحيد المسموح فيه بالاختلاط بين الجنسين.
المرأة السعودية ومجال البنوك
من ناحية أخرى، بدأت المرأة السعودية تخترق بشكل ملحوظ العمل فى مجال البنوك. وخير مثال على ذلك هى الاقتصادية المعروفة ناهد طاهر، أول امرأة تحتل منصب رئيس مجلس إدارة، فهى تدير البنك الاستثمارى الخليجى الأول، ومقره البحرين، والذى يمثل "قلعة النظام المالى الإسلامى". تقلدت ناهد طاهر من قبل عدة مناصب مرموقة داخل البنك الوطنى السعودى، بعد حصولها على الدكتوراه فى فرع المالية العامة من إنجلترا، الأمر الطبيعى بالنسبة لفتاة نشأت داخل عائلة عاشت تباعاً فى تكساس والكويت وفيينا، مقر منظمة الدول المصدرة للبترول، حيث كان يعمل والدها. تروى ناهد طاهر أنها عندما تركت العمل فى البنك الوطنى، كانت هناك أربعون سيدة بالفعل يعملن به، مشيرة إلى المبادرة التى قامت بها شركة البترول السعودية الضخمة آرامكو، التى تعد دولة داخل دولة، حيث حرصت منذ بداية تكوينها على تخصيص مكان للمرأة للعمل بداخلها.
المرأة السعودية والانتخابات
لم يتم على الإطلاق ترشيح امرأة داخل مجلس الشورى السعودى الذى يلعب دوراً استشارياً فقط، ولكن تشارك فيه ثلاث سيدات بصفتهن "استشاريات". فضلاً عن أن المرأة السعودية لم تتمكن من ترشيح نفسها خلال الانتخابات البلدية التى جرت فى المملكة فى 2005، ومن بين السيدات الرائدات داخل المملكة العربية السعودية، يجب الإشارة بلا شك إلى مرشحتين تمكنتا من كسر هذا الحاجز الزجاجى والمرور بنجاح خلال تجربة انتخابات تمت فى 2005، وهما لاما سليمان ونشوى طاهر "شقيقة ناهد طاهر". لم تكن المسألة تتعلق باقتراع سياسى، ولكن باختيارهما داخل الغرفة التجارية فى جدة.
إن المشاركة القوية للرجال فى التصويت فى انتخابات الغرفة التجارية قد أكدت أن الرجال هم، فى غالب الأمر، من ساهموا فى نجاح هاتين السيدتين بناء على كفاءتهما، من بين 17 سيدة مرشحة. وقد وفتا الاثنتان منذ ذلك الحين بوعودهما الانتخابية.
داخل المبنى الزجاجى الذى يضم مركز خديجة بنت خويلد، تم تخصيص مكان للسيدات فقط، الأمر الذى يعد ظاهرياً نوعاً من أنواع التفرقة، إلا أن لاما سليمان تجده "أسلوباً ذكياً" لابد من إتباعه، قائلة، يمكننا هنا فعل ما نريد، فالأمر يصبح أكثر سهولة، عندما تضمن العائلات المحافظة وجود بناتهن فى بيئة لائقة، معبرة كذلك عن اقتناعها بأن التحايل على القانون والتقاليد، بهدف إتباع شكل غير مباشر فى فرض وجهة نظر تأتى فى صالح المرأة، يصبح أكثر فعالية من "الحرب على المكشوف".
تتقاسم لاما سليمان مع العديد من السيدات الناشطات فى السعودية رفضهن بشدة لمفهوم عمل الحركات النسائية على الطريقة الغربية، مشيرة إلى دهشتها من عدم قدرة الأوروبيين والأمريكيين على تبنى وجهة نظرة أكثر دبلوماسية تجاههن وعلى استيعاب وفهم الآخرين، وداعية إياهم بتركهن يتصرفن وفقاً للطريقة التى تناسبهن. فالدروس التى يحاول الغرب تلقينهم إياها تراها لاما سليمان غير منتجة أبداً، ولا تساعدهن على الإطلاق، فهى على العكس تؤخر من مسيرتهن. تضيف لاما أن المقاومة التى تتبعها المرأة السعودية تخضع لأسلوب منظم للغاية، وأن من يرفضون التغيير يخشون من فقد نفوذهم، وما هم سوى منافقين لا يريدون تقدم المملكة العربية السعودية.
تعلق فى النهاية الباحثة الفرنسية فتيحة دازى هنى، أن هؤلاء السيدات السعوديات قد اخترن العمل فى الاقتصاد، لأنه يعد القطاع الأنسب لهن حتى الآن، أكثر من السياسة، إذ أنهن يعتقدن أن حصولهن على مناصب فى مجلس الشورى أو الحكومة لن تكون سوى مناصب صورية. فى المقابل، فإن عالم الأعمال يوفر للمرأة السعودية البيئة المناسبة لإثبات نفسها وإبراز حبها الحقيقى للوطن.
إلا أن هناك عائقاً غير متوقع قد ظهر على طريق تحرير المرأة السعودية، كما يشير إليه المحامى عبد العزيز الفهد، وهو مراقب يقظ للتغييرات الاجتماعية داخل المملكة، يتمنى السعوديون المحافظون استغلال عائدات البترول لجذب عدد أكبر من الأيدى العاملة الأجنبية، مما سيحد، من وجهة نظرهم، من طموحات المرأة السعودية. هل هى إذا إحدى المناورات الرجعية؟ ليكن .. فإن كتيبة الثورة السوداء السعودية لا تنوى التراجع عن معركتها الصامتة.
لوموند: المرأة السعودية تخرج من الظل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة