بعد قرار إنشاء مصنع تكرير المازوت

سماء شبرا الخيمة تنتظر "أجريوم" جديد

الإثنين، 22 ديسمبر 2008 01:31 م
سماء شبرا الخيمة تنتظر "أجريوم" جديد تلوث الهواء يؤدى إلى الوفاة
تحقيق خالد حجازى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالب المركز القومى للبحوث أصحاب مشروع إنشاء مصنع تكرير المازوت بمنطقة شبرا الخيمة الخروج منها والانتقال إلى الصحراء، بدعوى أن الحمل البيئى لمدينة شبرا الخيمة لا يتحمل أى تلوث آخر، خصوصاً وأن الدراسات كشفت عن تلوث مياه ترعة الإسماعيلية بسبب شركة البترول، التى تلقى بمخلفاتها الصناعية مباشرة فيها دون أى معالجة.

خطورة الأمر تنبع من أن المسئولين فى مدينة شبرا الخيمة ليس لديهم معلومات دقيقة عن نسب التلوث التى قد يتسبب فيها المصنع، بدعوى أن الأمر يتجاوز اختصاصاتهم، وأنه مسئولية جهاز شئون البيئة، ووزارة الصحة بالتعاون مع أصحاب المشروع الذين رفضوا الإدلاء بأى تعليق حول تقرير المركز القومى للبحوث بحجة عدم رغبتهم فى إثارة الأمر مع الصحفيين. وعلى الناحية الأخرى أثار التقرير اهتمام عدد من أعضاء المجالس المحلية ضد تقاعس الجهاز التنفيذى بشبرا الخيمة. استمعنا لآراء المواطنين وتحليل الخبراء والمتخصصين وواجهنا المسئولين وكشفنا من خلال هذا التحقيق الأوراق الغائبة فى ملف فساد البيئة فى مدينة شبرا الخيمة.

مشروع المازوت .. أجريوم فى شبرا
نادية الطيب استشارى التقييم البيئى بالمركز القومى للبحوث شككت فى دراسة الأثر البيئى لمشروع تكرير المازوت، الذى قدمه أصحاب المشروع للمسئولين بالقليوبية، وقالت إنه كان من الواجب على أصحاب المشروع الرجوع إلى المركز القومى للبحوث فى مثل هذه الدراسة الخطيرة، ولابد أن يكون هناك على الأقل ثلاثة تقارير من ثلاث جهات مختلفة، وليس تقريراً واحداً ومن جهة واحدة.

ووجهت الدكتورة نادية الطيب أستاذ تلوث الهواء، تحذيراً شديداً للمسئولين بالقليوبية من الموافقة على إنشاء مصنع تكرير المازوت فى مسطرد، وأوضحت أن شبرا الخيمة لا تتحمل أى حمل بيئى، خاصة أن شركات البترول تخرج منها مواد خطيرة على صحة المواطنين أثناء تكريرها. ووصفت الموافقة على إنشاء مصنع لتكرير المازوت بأنها كارثة بكل المقاييس وليس لها مبرراً إلا تدمير صحة الناس، وحذرت من عودة أزمة أجريوم دمياط للقليوبية.

وأكدت الطيب أن مدينة شبرا الخيمة من أهم وأخطر المناطق الصناعية فى مصر، لأنها تقع فى شمال القاهرة، حيث تأتى الرياح محملة بالملوثات والأتربة العالقة لتصب فى قلب القاهرة وصولاً إلى ما بعد حلوان، وأنها معقل للصناعات الملوثة السائلة والكيميائية والحديدية والكريستال، والتى تدخل فى صناعتها مادة الرصاص، فضلاً عن المعادن الأخرى.

وأشارت إلى أن المركز القومى للبحوث دق ناقوس الخطر من خلال الدراسات والأبحاث لرصد نسب التلوث ومعرفة مصادرها وتقدير مدى خطورتها على صحة أبناء شبرا الخيمة إلى أن تنبهت وزارة البيئة والحكومة، وتم نقل المسابك خارج الكتلة السكانية، مما أدى إلى تخفيف نسب التلوث حتى وصلت إلى نسبة 60%.

خطورة على الصحة العامة
من جهته نصح الدكتور أسامة على، أستاذ كيمياء المياه وحماية البيئة بالمركز القومى للبحوث، بأن يتم نقل تنفيذ المشروع إلى الصحراء، وبالتحديد على بعد 10 كيلوات فى الصحراء؛ وحذر من إقامة مصنع تكرير المازوت فى شبرا الخيمة، مؤكداً على خطورة مثل هذه المصانع على مياه الشرب فى ترعة الإسماعيلية، والتى تعتمد عليها محطات شمال شرق القاهرة مسطرد ومحطة الأميرية.

وأكد أستاذ كيمياء المياه وحماية البيئة، أن تركيزات المواد العضوية تفوق معدلاتها فى ترعة الإسماعيلية، وذلك لوجود العديد من المصانع التى تلقى بمخلفاتها الصناعية مباشرة فيها وبدون معالجة.

من جانبه أكد مجدى عدلى استشارى أمراض الباطنة والقلب ورئيس قسم الجودة بمستشفى ناصر، أن نسبة الوفيات ترتفع بين سكان المناطق الصناعية الأكثر تلوثاً ومن بينها شبرا الخيمة، وفى مراحل عمرية صغيرة نسبياً، وأشار إلى أن شبرا الخيمة تفتقد جهاز رصد بيئى دقيق ومسحا دوريا شاملا على سكان المنطقة، وخاصة الأطفال وكبار السن، وهم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الناجمة عن التلوث، وطالب عدلى المسئولين بالمحافظة بوقف إنشاء مصانع ملوثه للبيئة، وخاصة مصانع البلاستيك المنتشرة دون رابط.

قيادات شعبية وحزبية تعارض إنشاء المصنع
من جانبه قال محمد عبد الله أمين إعلام الحزب الناصرى ومنسق اللجنة الشعبية لمكافحة التلوث البيئى بشبرا الخيمة، أن زيادة معدلات الإصابة بأمراض السرطان والكلى والكبد الوبائى والأمراض الصدرية والتنفس، هى النتيجة المباشرة لتلوث هواء مدينة شبرا الخيمة. وأشار إلى أن تقارير وزارة البيئة أكدت أن نسبة الرصاص والكبريت والأتربة العالقة تجاوزت الحد الأقصى بالمنطقة، منتقداً تهاون المسئولين بأرواح المواطنين.

وأشار عبد الله إلى أن صناعة تكرير المازوت صناعة محرمة دولياً وطالب محافظ القليوبية بعدم الموافقة على إنشاء مصنع يزيد من تلوث البيئة، مشيراً إلى مصنع المازوت المزمع إنشاؤه هناك. وأكد عبد الله وجود عدة مصانع بالفعل فى شبرا الخيمة تتسبب فى زيادة التلوث فى الهواء والماء ومن أبرزها شركة تكرير البترول بمسطرد.

وتضامن أحمد الزينى عضو المجلس المحلى وعضو اللجنة القانونية فى اللجنة الشعبية لمكافحة التلوث، بأنه تقدم بطلب إحاطة حول تأثير التلوث البيئ بأنواعه فى شبرا الخيمة، تتضمن سؤالاً حول أسباب تشغيل سبع مداخن خاصة بمصبغة حاتم عودة، أمين شباب الحزب الوطنى بالقليوبية، والتى ينبعث منها دخان كثيف يغطى سماء منطقة بهتيم، ويصيب أبناء المنطقة بأمراض خطيرة. وطالب الزينى بتشكيل لجنة محايدة من مراكز البحوث وأساتذة كليات الطب والمجتمع المدنى لإجراء مسح طبى شامل على أبناء المنطقة، وخاصة الأطفال وكبار السن، منتقداً أسلوب تعامل المسئولين مع قضية التلوث فى شبرا الخيمة.

وأشار عماد السيد عضو مجلس محلى شبرا الخيمة، أنه تقدم بطلب إحاطة عاجل للاستيضاح عن أسباب أعمال الصيانة لشركة توليد الكهرباء فى أوقات متأخرة من الليل، والذى يصدر عنها أصوات شديدة تؤدى أحياناً إلى كسر النوافذ الزجاجية للمنازل المجاورة لها، مما يصيب المواطنين بفزع شديد ورعب وخوف يضطر المواطنين للمبيت فى الشوارع خوفاً من حدوث كارثة.

سكان شبرا يستجيرون بالمسئولين
من جهتها أشارت المهندسة ابتسام خليل من سكان مسطرد، أنهم يتعرضون يومياً للسموم من جراء أدخنة شركة الدلتا للحديد والصلب، التى تعمل بوقود المازوت لصهر المعادن وتعد السبب الرئيسى لظهور السحابة السوداء فى سماء مسطرد، وانتقدت تقاعس المسئولين فى حى شرق شبرا الخيمة.

ومن جانبه قال عبد الفتاح حسن من أبناء شبرا الخيمة، أنه رغم نقل المسابك، إلا أن باقى المشكلة لا يزال بدون أدنى حل، مشيراً إلى شركة النشا والجلوكوز ذات الانبعاثات الكريهة على مدار الساعة، وقال إن المسئولين فى حى شرق قالوا، إنهم قاموا بعمل محاضر ضد الشركة، إلا أنها كانت بلا جدوى.

وانتقد عبد العال خلف من سكان شبرا الخيمة سياسة المسئولين بمنح تراخيص لإنشاء مصانع جديدة داخل الكتلة السكانية وقال "حسبنا الله ونعم الوكيل".

ومن جانبها تساءلت فاطمة العيسوى من سكان منطقة بيجام شبرا الخيمة، عن من سينقذ آلاف الأطفال من جراء أدخنة مصبغة "مصر تكس" الكائنة بطريق بيجام العمومى، التى صدر لها أكثر من قرار غلق ولم ينفذ أى قرار حتى الآن، بينما الغازات الناجمة عن حرق وقود المازوت تنبعث بجوار مجموعة من المدارس، ومنها مدرسة أسامة ابن زيد الابتدائية والمعهد الأزهرى الابتدائى والإعدادى، كما تقع فى وسط أكبر كتلة سكانية.

أصحاب الشركات يرفضون التعليق
هذا فيما نفى المهندس عبد الرحمن محمد رئيس قطاع المصانع، أن تكون الشركات التى ذكرها السكان هى السبب الحقيقى فى التلوث، مشيراً إلى أن شركة النصر لصناعة الكاوتشوك ناروبين، والتى تقع بجوار مجمع مدارس شبرا الخيمة ومستشفى ناصر العام توقفت عن استخدام المازوت، وأصبحت تستخدم الغاز الطبيعى منذ فترة. وأضاف أن السبب الحقيقى فى التلوث، هو مصانع البلاستيك المجاورة.

هذا فى حين رفض المهندس خالد بدر مدير عام شركة النشا والجلوكوز، وهى إحدى الشركات المتهمة بتلويث ترعة الإسماعيلية الحديث معنا حول مدى صحة ما يثار حول الشركة، وهو نفس رد الفعل الذى اتخذه فاروق خميس رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للحديد والصلب، الذى تعلل بمشغولياته على لسان مديرة مكتبه.

المسئولون يهونون من الخطر
من جانبه طالب اللواء فاروق خاطر رئيس حى غرب شبرا الخيمة، باحترام قانون البيئة وتطبيقه بشكل جدى وبكل حزم مثل قانون المرور, وقال يوجد لدينا المئات من قرارات غلق وإزالة ونقل صدرت ضد كثير من الشركات والمنازل منذ عام 1992، ولم تنفذ لأنها تتطلب موافقة الأمن العام والمباحث وأمن الدولة ومديرية الأمن ووزارة الداخلية، وهذه الدراسات لها حسابات معينة، لأنه لا يمكن على سبيل المثال تنفيذ قرار إزالة مصنع يعمل به عدد كبير من العمال، وأضاف رئيس الحى أنا لا أستطيع أن أنفذ أى قرار غلق أو إزالة إلا بعد موافقة الأمن، لأنه يوفر لنا الحماية اللازمة، وأغلب قرارات الإزالة تكون حبيسة الإدراج الأمنية.

أما فوزى الشامى رئيس حى شرق شبرا الخيمة، فعلق على أسئلتنا قائلاً، أنا لست وزير البيئة أو الصحة حتى أحل أزمة التلوث، بينما قال المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية، إن المحافظة نجحت بالتعاون مع وزارة شئون البيئة فى القضاء على نسبة 85% من تلوث الرصاص بالمنطقة، وأضاف أن نسبة التلوث فى مدينة شبرا الخيمة أقل بكثير مما كانت عليه، وأن هناك قرارات لغلق المنشآت الملوثة للبيئة جارى تنفيذها، لكن المحافظ رفض الحديث حول مشروع إقامة مصنع تكرير المازوت.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة