الحكومة المصرية تسلك "الطريق المعاكس" لحماية قناة السويس من الخطورة التى تهددها من جراء عمليات القرصنة الصومالية، فعلى الرغم من اعتراف المسئولين المصريين، وعلى رأسهم الفريق أحمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس بضرورة دراسة تداعيات عمليات القرصنة على قناة السويس وبجدية مؤخراً، إلا أن ذلك تم بعد فترة من محاولة إنكار أن عمليات القرصنة لها أى تأثير على أداء القناة. الغريب أن الحكومة تعزف عن المشاركة فى فعاليات دولية هدفها الأساسى توحيد الجهود فى مواجهة خطر القرصنة، كان آخرها مؤتمر حوار المنامة الذى نظمه المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، واجتماع نيروبى برعاية الأمم المتحدة، والذى لم تشارك فيه مصر إلا بوفد غير حكومى.
مجدى راضى المتحدث الرسمى باسم الحكومة المصرية علق على أسباب عدم مشاركة وفد حكومى فى المؤتمر قائلاً، إن خطر القراصنة "لا يهدد قناة السويس" ووصف مؤتمر المنامة بغير الرسمى.
هذا فى حين وصف المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية مؤتمر (حوار المنامة) بأنه يعد أهم اجتماع أمنى يعقد فى الشرق خلال العام الحالى بمشاركة وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس ووزير الدفاع البريطانى جون هوتون ووفد من إيران.
عزوف الحكومة المصرية عن التواجد فى التحركات الدولية حتى وإن كانت غير رسمية يفجر تساؤلات هامة، خاصة فى الوقت الذى تحتاج فيه الحكومة المصرية لخبرات فى مجال مكافحة القراصنة، والذى لم تدخله مصر من قبل، وهو الأمر الذى يتم تفسيره بوجود تخوف من إجبار مصر على خفض رسوم المرور من قناة السويس، مما يسبب خسائر للقناة، أو الاضطرار للمشاركة العسكرية فى قوة لمكافحة القرصنة التى قد تمتد إلى داخل الأراضى الصومالية فى حالة موافقة مجلس الأمن على مشروع القرار الذى وزعته الولايات المتحدة على أعضاء المجلس، حيث لم تبد الحكومة المصرية أى تحرك فعلى بخلاف تصريحات المتحدث باسم الحكومة المصرية التى قال فيها "نحن مستعدون للمشاركة فى أى عمل جماعى تحت مظلة الأمم المتحدة لتأمين ممرات الملاحة قبالة السواحل الصومالية"، هناك تخوف لدى الحكومة المصرية أيضاً من أن تتهم بأنها تدعم معاقبة رئيس أفريقى، خاصة وأن مؤتمر نيروبى قد ذكر فى بيانه الختامى أن القيادات الصومالية ستكون خاضعة سواء للعقوبات الفردية أو الجماعية من قبل الإتحاد الأفريقى واللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، وذلك بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن فى هذا الشأن، خاصة وأن عدم الاستقرار الذى تشهده الصومال يفسح المجال لحدوث عمليات القرصنة، وذلك وفقاً لما ورد فى البيان الختامى للمؤتمر.
المشاركة المصرية الوحيدة بمؤتمر (حوار المنامة) جاءت من منظمات المجتمع المدنى، حيث تمثلت فى السفير عبد الرؤوف الريدى رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية والسفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر نائب رئيس المجلس، غير أن الفريق المصرى المشارك غير معنى أساساً بعمليات القرصنة، وهو ما أكده الدكتور أمين شلبى المدير التنفيذى للمجلس، حيث أشار إلى أن التوصيات التى سيقدمها المشاركون المصريون وإن لم تتم مناقشتها بعد، إلا أن الحوار حول مكافحة القرصنة والحديث حول أمن البحار لم يدخل فى نقاشات المجلس حتى الآن.
محمد الجوادى الخبير فى شئون الأمن القومى يرى أن عدم مشاركة مصر فى تلك المؤتمرات غير مطمئن، وقال إنه من المفترض على الحكومة المصرية أن تدعو لمثل هذه المؤتمرات، وأن تنعقد على أرض مصر، وأضاف أنه إذا كانت الحكومة مهتمة بالحفاظ على أمن قناة السويس، فلابد أن يكون لها دور أقوى. وأشار إلى أن عدم توجيه دعوة رسمية لمصر للمشاركة فى بعض هذه المؤتمرات يرجع إلى أن مصر تتبع أسلوب الدبلوماسية المنكمشة المتحفظة التى تتهاون فى أداء دورها انتظاراً لما تسفر عنه الظروف، وليس الدبلوماسية الاقتحامية النشطة التى تفرض نفسها على الساحة لتقوم بدور فعال.
من جهته شدد اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجى على ضرورة وجود مشاركة عربية من خلال عرض تلك القضية على مجلس الأمن و السلم العربى بجامعة الدول العربية للوصول إلى نتيجة. وينتقد مسلم أن دور الحكومة المصرية لا يتعدى التصريحات المؤيدة لمكافحة القرصنة، بينما التدخل للمكافحة الفعلية باستخدام قوة عسكرية هو ما سيحدث عاجلاً أم آجلاً سواء وافقت مصر أم أبت، لأن مصر ملزمة بميثاق الأمم المتحدة لحماية قناة السويس ومصالحها.
معلومة:
120 مليون دولار: حجم غنائم القراصنة خلال العام الحالى
8 دول: تشارك فى عملية "أتلانتا" لمكافحة القرصنة والتى تعد أول عملية بحرية للاتحاد الأوروبى بالمنطقة ويقودها الفريق البحرى البريطانى فيليب جونز.
غياب حكومى دائم عن مؤتمرات مكافحة القرصنة
الحكومة تسلك "الطريق المعاكس" لحماية قناة السويس
السبت، 20 ديسمبر 2008 06:35 م