أعاد حادث مقتل ضابط المباحث وشقيقه فى مركز طما قرية الجزيرة بسوهاج، منذ أسابيع، الجدل حول أسباب استمرار الثأر فى قرى الصعيد، خاصة وأن مقتل رجل الأمن وشقيقه كان نتيجة لخلافات عائلية بدأت بنشوب معركة بين قائد جرار زراعى وسيارة ملاكى ينتميان لعائلتين مختلفتين حول أسبقية المرور، وعلى الرغم من التصالح بين العائلتين ظلت حالات التربص قائمة بين أفرادهما لتنتهى بتربص ستة من أفراد عائلة المعبدى برجل الأمن وشقيقه اللذين ينتميان لعائلة عبد العال، وأمطراهما بوابل من الرصاص.
اليوم السابع حاول البحث فى الأسباب التى تقف خلف عودة حالات الثأر فى الصعيد، خاصة فى محافظة سوهاج، والتى اختلف الخبراء والمحللون فى الوقوف على الأسباب الرئيسية وراء تكرارها واستمرارها.
الصدفة قانون الثار
الدكتور على دندراوى أستاذ خدمة الفرد والمجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة سوهاج، يرى أنه لا يوجد سبب واحد يمكن إيعاز كل حوادث الثأر له، لكنها إجمالاً تكون بين عائلات وبمجرد بدايتها لا يمكن التنبؤ بما سوف تنتهى إليه، ومتى. ويشير دندراوى إلى أن الثأر قد يشتعل نتيجة علاقة بين شاب وفتاة من عائلتين لا تنال رضى الكبار فتؤدى إلى معارك دموية انتقاماً لشرف العائلة. ويضيف "يقول البعض إن الخلافات العادية قد تتسبب فى معارك كبيرة أيضاً بين العائلات، منها على سبيل المثال أسبقية الرى أو المرور بين سيارتين، أو حتى الخلافات العادية بين الجيران، كما أن العائلات التى بينها نسب أو علاقات مصاهرة تكون حالات معرضة أيضاً لحوادث ثأر".
من جهته يشير النقيب أحمد الجمال من مباحث أسيوط، أن استبداد بعض أفراد الشرطة قد يكون أكثر ما يشعل فتنة الثأر، ويضيف: ضباط الشرطة بشر، ولكن بعضهم قد يستغلون مناصبهم فى بعض الأحيان بصورة سيئة، ويدلل على ذلك بما حدث فى قرية الجبيرات بمركز طهطا، عندما قتل فكهانى على يد ضابط شرطة، وأدى ذلك إلى تجمهر أهالى القرية مطالبين بثأر ابنهم. تقسيم الأراضى وحدودها يقف أيضاً خلف إشعال الثأر فى قرى الصعيد وفى الوجه البحرى أيضاً، تصل إلى حد المذابح الدموية، ومن بين هذه الأحداث مذبحة البدارى التى اشتعلت منذ ثلاث أعوام بسبب خلافات على حدود فاصلة بين أراضٍ.
العادات والقتل الخطأ
وفى أحيان أخرى تؤدى حوادث القتل الخطأ إلى ثأر عائلى، مثلما حدث بين عائلة نخنوخ وعائلة يسى بسبب صدم أحد أفراد العائلة الأولى لسيدة من العائلة الثانية، أدت لوفاتها عن طريق الخطأ.
الشيخ محمد عبد الرزاق، إمام مسجد بسوهاج، يرى أنه فى بعض الأحيان يكون الأخذ بالثأر ضرورة، واستشهد بالآية الكريمة "ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب"، لكنه يضيف أنه يجب على الإنسان أن يفوض أمره لله ثم للقائمين عليها من قضاء وتشريع، خاصة وأن بعض أحداث الثأر لا يكون هدفها القصاص، مشيراً إلى انتشار حالات الثأر التى تحدث بسبب الميراث، ويستشهد بمذبحة قرية تونس بمركز سوهاج، والتى راح ضحيتها خمس أشخاص فى رمضان الماضى لاختلاف أبناء العمومة على مضيفة العائلة.
فيما ترى الدكتورة كوثر قناوى أستاذ التخطيط الاجتماعى بجامعة جنوب الوادى، أن الفروق الطبقية قد تكون سبباً فاعلاً لاشتعال أحداث الثأر، وتضيف أن الحقد الطبقى يولد إحساساً بالنقص لدى العائلات الفقيرة ويدفعهم للنيل ممن هم أكثر ثراء، فتنجم عن ذلك سلسلة متصلة من حوادث القتل.
لكنها تضيف أن التعليم وثقافة المجتمع عليهما دور كبير فى إبقاء الثأر أو إخماده، حيث إنه فى المجتمعات المثقفة تكون هناك حلول لحقن الدماء مثل المصالحة وإنهاء الخصومة الثأرية، ولكن يختلف الأمر فى بعض المراكز والقرى مثل البدارى والنخيلة، والتى نادراً ما تحدث مصالحة إلا بتدخل القيادات.
الثأر فى الصعيد ظاهرة تتحدى التطور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة