فضائيات كده وكده.. مطلوب مذيعات على الـ"هوى"!

الثلاثاء، 02 ديسمبر 2008 09:33 م
فضائيات كده وكده.. مطلوب مذيعات على الـ"هوى"! فضائيات على لون كده وكده
كتبت ناهد إمام ومحمد عبد العاطى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مذيعة، سكرتيرة، مضيفة، موظفة علاقات عامة، مندوبة تسويق, حتى لو بائعة فى محل ملابس جاهزة صغير، كل المطلوب منك هو مظهر كويس، لبس كويس، صوت كويس، دلع كويس، ملامح كويسة، الشغل كله علاقات ومقابلات وجمهور وزوار، ولهذا فأصحاب الأعمال فى حاجة إلى "أنثى" ليس أكثر من هذا، وأى شئ آخر "سبيك إنجلش" مثلا أو كومبيوتر أو دورات فى تخصص معين، فكل هذه إضافات، لكنها ليست الأساس.

إلغاء العقل يستتبع بالضرورة استباحة الجسد، حيث ترى د. عزة الخولى استشارية الطب النفسى بكلية طب عين شمس، أن هذا يعكس حالة الـ "كده وكده" التى يعيشها المصريون، ففى هذه الحالة يبدو المشهد فى قراءته الاجتماعية مثل لعب الأطفال معاً، فيمثلون دور الكبار "كده وكده"، الكبار أنفسهم يلعبون اللعبة نفسها ويفعلون أشياء كثيرة فى الحياة "كده وكده" وكأنها جد ولكنها ليست كذلك، فالجميع يعمل على المكسب والربح بصرف النظر عن المضمون، فى عالم أصبح كل شئ فيه "سبوبة" كما يقولون، فنحن ليس لدينا صناعة أعمال حقيقية، لذا فإذا كان اللبان تجارة مربحة فسنجد مئات المصانع تنشأ لإنتاج اللبان بدون النظر إلى اقتصاديات البلد واحتياجات الشعب.

ما تراه د. عزة يؤكد أنه لا لوم على الفتيات اللاتى يتقدمن للعمل وفق الشروط التى يعلن عنها أصحاب العمل، إذا ما توافرت الشروط الجسدية والشكلية التى يريدها، فالفتاة فى هذه السن لا تملك سوى ما يرغب فيه صاحب العمل "الشكل"، فلا خبرة ولا كفاءة ولا.. ولا.. فهذه أمور تحتاج إلى سنوات من العمل والإنتاج والدورات والدراسة والصبر والمال و.. و.. إلخ، ومن أين يتأتى لها ذلك كله وهى فى هذه السن الصغيرة؟، أو بهذا الاحتياج للمال، فلماذا لا تقبل وتتقدم؟ خاصة أن المجتمع يحرضها ويقول لها أنك بهذه الملكية الضئيلة من المؤهلات تستطيعين الوصول ونيل الرضا.

حالة "كده وكده" التى يعيشها المجتمع المصرى، يضيف إليها د. وائل أبو هندى أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، حالة أخرى من التفكير العشوائى، وهذه الحالة يمكن أن تجعل المعايير غير الموضوعية لشغل وظيفة ما على العكس تماما، كأحد تجليات العشوائية العامة المحيطة بنا فى كل شئ، فبينما العالم المتقدم لا يعتمد على الشكل والوزن والجلد والعظم فى اختيار المذيعات والموديلز، بدليل النجاح الساحق الذى حققته أوبرا وينفرى والتى ساهمت بشكل كبير فى نجاح أوباما، لا لشئ سوى أنها تقدم "فكرا" وتخاطب عقلا، هى وإعلامها كصناعة, فهم يفهمون جيدا أنهم يقدمون شيئا حقيقيا ومؤثرا وليس "كده وكده".

ناشطات نسويات: نرفض التمييز السلبى للمرأة ولكن!
لماذا لا تحتج السيدات والفتيات، ويرفضن التقدم للعمل وفق هذه الشروط؟ سؤال قد يبدو نظرياً به رفاهية الفكر، كما تراه الكثيرات ممن يعولن أنفسهن أو اضطرتهن الظروف للاحتياج إلى المال، هذا السؤال تطرحه د. آمال عبد الهادى الناشطة بجمعية المرأة الجديدة وتقول، جمعيات المرأة ترفض هذا النوع من التمييز السلبى للمرأة، وتعمل ضده، ولكنها لا تستطيع أن تعمل بمفردها: "الستات والبنات لازم يساعدوا أنفسهم علشان نساعدهم ونقف وراهم، مينفعش نشتغل نيابة عنهم ونطالب بحقوقهم وهم يتنازلوا عنها ".

لا تخفى الكاتبة والناقدة الفنية عزة هيكل، استياءها من هذه النوعية من الإعلانات وأصحابها، وتراها نوعا من العبث الاجتماعى وخدش الحياء والمتاجرة الرخيصة بالمرأة، فهناك تطرف متناقض تتعرض له المرأة بين أماكن ترفض تشغيلها من الأساس وأخرى تطلب بنات بمواصفات غريبة، وتشترط عدم الزواج والحمل والإنجاب.. إلخ، وهذه قضية أخلاقية مهنية فى المقام الأول لم نواكب فيها العصر، دخلنا العولمة ولم نهيئ مجتمعاتنا لذلك لا أخلاقيا ولا فكريا ولا قانونيا، فهناك قوانين واجبة التطبيق تمنع التمييز والاستغلال بهذا الشكل.

أظافر مترين، رموش اصطناعية، روج صارخ، صدر مفتوح، جيب ضيق، هو شكل "المضيفة" فى قطار الإسكندرية الإسبانى، وهو ما شاهدته عزة فى إحدى عرباته، أضف إلى ذلك تعمد الفتيات المضيفات ملامسة الزبائن، وكأنهن فى ملهى ليلى وليس فى عمل يتبع وزارة النقل!

معايير اختيار عشوائية لا موضوعية ولا مهنية
شروط ومواصفات عارضات الأزياء كما يصفها د. محمود خليل الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تكون طامة كبرى عندما تطلب على أساسها العاملات فى المجال الإعلامى من مقدمات ومعدات ومخرجات.. إلخ.

وحدوث ذلك كما يراه أستاذ الإعلام، دليل على شيوع حالة تسليع غير مسبوقة يمارسها الإعلام المصرى والعربى بصفة عامة، كما يعكس بوضوح حالة الفوضى التى يعيشها هذا الأداء الإعلامى الذى لا يستند إلى أى معايير موضوعية فى اختيار كوادره، فالوسامة هى آخر شرط فى مقدمى البرامج فى الفضائيات العالمية مثل الـ بى بى سى والـ سى إن إن والجزيرة الدولية. واللباقة فى الحديث، المهارة اللغوية، الحضور الذهنى والإنسانى أمام الشاشة، هى المعايير الموضوعية المهمة للغاية عند الاختيار، وحتى القنوات اللبنانية التى تقدم برامجها مذيعات جميلات فهن يتمتعن بقدر كبير من الحرفية والمهنية أولا ثم يأتى الشكل كعنصر مكمل وليس العكس.

من جانبها ترى الإعلامية البارزة سناء منصور، أن المواصفات المطلوبة لشغل وظيفة مذيعة فى الكثير من الفضائيات الخاصة أضرّت بطبيعة النظرة للمهنة، وتبدى استياءها من طريقة تواصل بعضهن مع الجمهور، وترفض تسمية هذه القنوات بالإعلامية، فهى تطلب مواصفات ملكات جمال وليس شيئاً آخر، وما دام الأمر هكذا فقد كان الأجدر بهم أن يشترطوا مقاساً للحذاء الذى ترتديه أيضا.

فى قناة النيل للمنوعات كانت الإعلامية القديرة سلمى الشماع تحرص كما تقول، على اختيار مذيعات القناة وفقاً للمعايير الإعلامية المعروفة، والشكل المقبول كاف فى حال استيفائها باقى الشروط المهنية، فالعمل الإعلامى يحتاج إلى بذل المجهود والعمل الدءوب، والقبول الوجهى مطلوب والرشاقة كذلك، ولكن ليس فى المقام الأول.

القوى العاملة فى "مقاعد المتفرجين"
بعض المهن تحتاج مواصفات خاصة، وغالباً ما يتم تحديد مواصفاتها فى الإعلان، بالإضافة لبعض المواصفات التى قد تبدو شكلية، ولكنها فى الواقع أحد المؤشرات على الشخصية بالطبع ولكن دون مغالاة، هذا ما يوضحه أحمد عادل مدير الموارد البشرية بإحدى الشركات. ويرى عادل أن هناك أسباباً علمية تدفع لتفضيل عمل الفتيات كسكرتيرات أو مديرات مكتب، فالفتاة لديها مهارات أكسبتها إياها طبيعتها كأنثى، وتلك المهارات هى نفس متطلبات الوظيفة، فوظيفة السكرتارية تحتاج من يهتم بالتفاصيل ويبحث عنها فى أى موضوع، وتهتم بأخذ وإعطاء معلومات تفصيلة حين يطلبها المدير، بعكس طبيعة الرجل وإيقاعه السريع والذى يميل إلى الاختصار والتلخيص، إلى جانب أن الفتيات أفضل فى التنظيم، وإدارة الملفات بدون ملل.

أما بعض التفاصيل الأخرى التى تطلب فى الإعلان مثل حسنة المظهر واللغة والكليات التى تدرس بالإنجليزية، فيكون كمؤشر على طبيعة الفتاة، ولكن الغريب وغير المبرر كما يقول عادل هو أن تطلب فتاة بدون غطاء رأس أو غير محجبة لوظيفة السكرتارية مثلاً، فى حين أن أفضل مديرين مكتب فى الشركات الكبرى كانوا فتيات محجبات، فالحجاب هنا ليس معيارا موضوعيا للاختيار والتعيين.

يرى خالد على المدير التنفيذى بمركز هشام مبارك للقانون، أن هناك منهجين للانتقاء والتعيين فى العالم، الأول يضع فيه صاحب العمل شروطا موضوعية بناء على رؤيته الخاصة، وله الحق فى تعيين من يشاء، والمنهج الثانى يقوم على ما يعرف بالعلاقة الاجتماعية بين أصحاب الأعمال والمجتمع، مثل النظام القائم فى فرنسا. والحل كما يراه خالد على، يتمثل فى دخول القوى العاملة فى مفاوضات مع الشركات للوصول إلى ميثاق شرف يحارب التمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة على أن تحمل الإعلانات شروطا موضوعية بناء على ميثاق الشرف.

لمعلوماتك..
يوجد فى الدستور المصرى 3 نصوص بشأن المساواة فى الحق فى الحصول على العمل وهى:
- العمل حق وواجب
- القانون يكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين
- بالإضافة لمبدأ المساواة بين جميع المواطنين
لا يوجد بند صريح فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان يكفل حرية الحصول على العمل بدون تمييز بشكل صريح، إلا من خلال مبدأ المساواة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة