حادث أليم، مأساوى وكارثى، الأول من نوعه كما وكيفا، الخبر تناقلته وكالات الأنباء وتصدر واستحوذ على الكلمة والصورة الإعلاميتين، راح المحللون الأمنيون والسياسيون كل يدلى بدلوه ويبعث بفتواه ويزاحم برؤيته، والميكروفونات والشاشات وصفحات الصحف عطشى وجوعى لكل حرف وكل همسة حول الحادث، فالحادث يخص عددا من الدول العربية ويمتد تأثيره ربما إلى كل بقاع الأرض، حيث مصرع سبعة من الملوك والرؤساء والأمراء العرب فى حادث تحطم طائرة، يرجح الكثيرون أن الحادث إرهابى، ملابسات الحادث يكتنفها الكثير من الغموض، وتضارب البيانات يبعث على الشك، كما أن عدم إعلان أية جهة مسئوليتها عن الحادث لا يعنى بالضرورة أن الحادث غير مدبر وغير إرهابى، كما أن المعلومة التى تم تسريبها حول العثور على الصندوق الأبيض "الأسود" محطما تمثل لغزا حتى لدى صناع الصندوق نفسه لأنه محطم بفعل فاعل بعد سقوط الطائرة.
ولكن قد يسأل سائل: "ولماذا لم يتم إخفاء الصندوق نهائيا بدلا من تحطيمه وتركه فى موقع الحادث ؟" والرد على هذا السؤال هو أن اليد التى دبرت الحادث هى التى تواجدت فى مكان الحدث وحطمت الصندوق وتركته كرسالة إلى من يهمه الأمر، مفادها أن هذه اليد طويلة وقادرة على عمل المستحيل، هذا والمثير للجدل أن القمة المصغرة لهؤلاء الزعماء لم تكن هناك حاجة ملحة لانعقادها كما أنه لم يصاحبها ضجيج إعلامى ونفاق صحفى وتطبيل من قبل المقربين، والملفت للانتباه أنه قلما تجد اثنين من المواطنين يتحدثان عن الحادث، كما أن القنوات التليفزيونية عاجزة عن استيعاب الصدمة والتعامل مع الحدث وإدارة الأزمة، حتى أن بعض القنوات الخاصة لم تغير برامجها المعتادة، بما فيها الترفيهية والكوميدية دون مراعاة لمشاعر الملايين، والتى آلمها صور الحادث الأليم وصعوبة التمييز بين جثة زعيم وآخر، وكأنها جاءت على هذه الصورة بناء على طلب المجرمين منفذى الحادث إمعانا فى التشفى، حادث جاء مخيبا للآمال فى مستقبل مستقر للمنطقة التى ستنعم بالسلام يا صاحبى، حادث يخشى الكثيرون تبعاته من حيث انتقال مقاليد السلطة إلى رؤساء وولاة عهد وأمراء دون حدوث قلاقل لأن المنطقة لا تحتمل أية هزات.
هذا ولقد جاء اقتراح دفن الزعماء السبعة فى مقبرة واحدة اقتراحا وجيها، وحاز على الرضا العربى ليكون رسالة بأن الزعماء العرب كان همهم الأول والأخير وحدة الصف ووحدة المصير حتى فى تعاملهم مع الموت، وتمت مراسم الدفن فى موكب مهيب "حسبما ذكر نفر قليل هم من تابع مراسم الجنازة والدفن عبر الشاشة"، ذلك لأن الغالبية الساحقة من الشعب العربى لم تتبع هذه المراسم لأنه فى نفس توقيت الدفن كان تليفزيون المنار "تليفزيون حزب الله" يذيع إعادة لإحدى خطب سيد المقاومة السيد حسن نصر الله والكل يعرف جيدا مدى حب الشعب العربى وإيمانه بصدق كل حرف وكل كلمة يتفوه بهما حسن نصر الله، شعب عربى يترك أى شئ وكل شئ ليتفرغ لسماع ورؤية ومتابعة حديث سيد المقاومة وإن كان الحديث معادا. هكذا تصور الكثيرون وأنا منهم، تصورنا الأمر فى حال حدوثه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة