من الطبيعى جدا أن يدفع الطلبة بالجامعات المصرية كل ما فى جيوبهم لتصوير الأوراق وشراء الملخصات، والأهم المأكولات والمشروبات الباردة والساخنة وغيرها، وهو ما فتح المجال أمام بعض الأشخاص الذين ينظرون للجامعة والطلبة على أنهما مصدر رزق كبير يمكن استغلاله وتحقيق أرباح طائلة من ورائه، سواء بالطرق المشروعة أو غير المشروعة، وهى الطريقة الشائعة لدى أغلبهم، محاولات ناجحة للتربح وأخرى للاستحواذ على أرض الجامعة بالإيجار، وهناك من يساعدهم على ذلك من داخل الجامعة، وهو ما حاول اليوم السابع رصده بجامعة القاهرة، بما أنها نموذج للطريقة غير المشروعة ويهتم بها حيتان "الكافيتريات".
أصحاب المشروع التجارى "الكافيتريا" يحاولون استغلال المساحة المخصصة لهم، واستغلال الطلبة باعتبارهم "مصدر رزقهم"، والبطل الرئيسى فى الفيلم الذى يتم استغلاله بكل الأشكال المتاحة ويمكن إغراؤهم بسهولة بالمشروبات والأطعمة لتحقيق أقصى ربح ممكن، وطالما أن العملية التجارية دخل فيها الاستغلال فإنها تكون مليئة ببعض الشوائب، وعدم الشفافية والنزاهة، والتى نجحت فى أن يكون المقام الأول فى الجامعة "للكافيتريا" والمقام الثانى " للعلم" .
نصف مليون جنيه قيمة الإيجار السنوى للكافيتريا، ولضخامة المبلغ لا يقدر على تحمله إلا أصحاب رؤوس الأموال أو الشركات الذين لا يدخلون مشروعا إلا لتحقيق أرباح طائلة وليس مجرد أرباح عادية ، وهو ما أكده عمرو أحد العاملين بكافيتريا فى جامعة القاهرة، موضحا أن الكافيتيريا تحقق يوميا مكاسب كبيرة، وقال
"مشروبات الشاى بمفردها قد تصل مبيعاتها يوميا إلى 4 آلاف جنيه بخلاف باقى المشروبات العديدة"، أما السندوتشات فتصل إلى 16 أو 20 ألف جنيه، كما أن الذى يستأجر هذا المكان هى إحدى الشركات لارتفاع سعره. وأكد أحمد أحد المستأجرين لجزء من إحدى الكافيتريات أن مبيعات الشيبسى والبسكويت وخلافه تصل إلى 50 ألف جنيه يوميا.
وبحسبة بسيطة تجد أن " السندوتشات " تحقق مبيعات تبلغ 16 ألفاً يوميا، بما يساوى سنويا " 5 ملايين و760 ألفا "، أما الـ 50 ألف جنيه قيمة مبيعات الشيبسى والبسكويت فإنها تساوى شهريا (مليوناً و 500 ألف جنيه)، وهو ما يعنى "18 مليوناً " جنيه سنويا. وهو ما يثير فى الذهن الاتهامات والأسئلة، فى جيوب من تذهب هذه البالغ ؟ وهل الجامعة على علم بكل هذا التربح ؟ فهى مدانة فى الحالتين ، ففى حال كانت على دراية به فإن تأجير الأرض بهذا الثمن الرخيص يعد إهداراً للمال العام ، بجانب أنها تعد شريكة فى استغلال للطلبة، ومن جانب آخر ما المقابل الذى يعود على الجامعة من هذا السكوت ؟ هل يستفيد منه أفراد بعينهم؟
وفى حال لم تكن الجامعة على دراية بهذا المكسب، فهناك غياب فى الرقابة على الأسعار، حيث يؤكد أحد العاملين أن أسعار السلع تكون باتفاق بين الباعة "علشان محدش يخسر"، كما أن هناك سلعا تكون أغلى من سعرها العادى لأنه فى الجامعة "مفيش حاجة مبتمشيش"، فمثلا دقيقة المحمول 75 قرشا والتى تساوى 20 قرشا بجانب اختلاف بعض الأسعار، بين كافيتيريا وأخرى، رغم أنهم جميعا فى جامعة واحدة، وهذا أحد طرق الاستغلال التى تؤكد غياب الرقابة على الأسعار داخل الجامعة .
مخالفات
فى الوقت الذى يؤكد فيه الدكتور على عبد الرحمن، رئيس جامعة القاهرة سابقا، أنه لا يجوز لأصحاب الكافيتريات تأجير أجزاء منها لآخرين، وإلا تعرض المستأجر إلى المخالفة وإلغاء الترخيص، تأتى الطريقة الثانية للتربح والاستغلال من خلال التأجيرات من الباطن، وهى المخالفة التى لا تخلو منها أى جامعة ،خاصة وأن مساحة الكافيتريا تسمح بتأجير من 3 إلى 4 أماكن داخلها، فيؤكد أحمد، أحد المستأجرين من الباطن بجامعة القاهرة، أن هذه الكاقتيريا يشترك فيها 5 أفراد يستأجرونها من إدارة الجامعة، ولهم فروع أخرى بالجامعة نفسها وأخرى بجامعة عين شمس، وأنه يستأجر هذا الجزء الذى لايتعدى الثلاثة أمتار، ويتم دفع الايجار بنسبة 30 % من المكسب اليومى أو 250 جنيها يوميا، ما يعادل شهريا 7500 جنيه ، وأجزاء أخرى يصل تأجيرها شهريا إلى 20 ألف جنيه .
90 ألف جنيه سنويا فى جيوب أصحاب الكافيتريات من جزء صغير لا يتعدى 3 أمتار، وهى تسع من 3 إلى 4 أماكن للتأجير أى " 360 ألف جنيه " تأجيرات من الباطن بجانب الأجزاء المخصصة له لاستغلالها، بجانب غياب الرقابة على الأسعار، وهو ما يؤكد أن الجامعة لها يد تساهم فى هذا الفساد الذى يدور على أرضها وعند سؤال الدكتور على عبد الرحمن: هل يجوز لعدد من الأفراد تأجير أكثر من كافيتريا داخل الجامعة ؟ جاءت إجابته " انتى ممكن تسألى حد قانونى فى الموضوع ده "، ومن الواضح أنها قوانين مع إيقاف التنفيذ .
رشاوى ومحسوبية
المزاد العلنى كل 3 سنوات، وسجل تجارى وشهادة ضريبية وشهادة تفيد بأنك كنت تعمل بمشروع الكافيتريات من قبل، هذه هى شروط التأجير على أرض الجامعة، فى حين يؤكد الطالب حسام سيف الدين بهندسة القاهرة أنه فى الجامعة منذ 5 سنوات ولكن الباعة لم يتغيروا وخاصة " محل الكشرى" ، مضيفا وبعض الكافيتريات الأخرى الباعة لم يتغيروا وهو ما يثير سؤالا هل الجامعة تؤجر الكافيتريا بالعاملين فيها للمستأجر الجديد؟ فهناك أفراد يستولون على أرض الجامعة لأكثر من مرة، " مش هتعرفى تعملى حاجة " ، كانت هذه إجابة أحد المسئولين عندما سألته عن إمكانية الإيجار ، وكأن التأجير اقتصر على حيتان بعينهم، وهو ما أكده أحد المستأجرين من الباطن أن المزاد قد يكون من نصيب صاحب المكان أكثر من مرة قائلا "هو له طريقته "، من خلال المعارف والمحسوبية، ويضيف مستأجر آخر من الباطن "أن الجامعة اتعودت على هذا المستأجر كما أنه يهتم بنظافة المكان ويضع صناديق للقمامة وغيره "، فأصحاب الكافيتريا على استعداد لعمل كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للحفاظ على هذا المكان، خاصة وأنه أصبح للكافيتريا اسم مشهور ومعروف للطلبة لايمكن التنازل عنه بسهولة ، فهى عملية استغلال مدبرة من حيتان يدفعون للحصول على الأرض، وفى المقابل تأجيرات من الباطن واستغلال للطلبة وأرباح طائلة من جيوب الطلبة.
ومن جانب آخر، أين تذهب أموال تأجير أرض جامعة القاهرة؟ وهو ما أوضحه الدكتور على عبد الرحمن رئيس الجامعة سابقا، بأن 6 ملايين جنيه هو دخل الجامعة من إيجار الأرض سنويا وأنها تذهب بكاملها بموجب القانون إلى التكافل الاجتماعى للطلبة من دفع مصروفات لغير القادرين وسكن وملابس بأسعار رمزية للطلبة ، فمبلغ 6 ملايين جنيه سنويا هو ما يكسبه أصحاب هذه المتاجر شهريا، فالطلبة يدفعون للدولة أموال تكافلهم، ويدفعون ثمن سكوت الجامعة عن هذه المخالفات وعدم الرقابة على الأسعار.
لمعلوماتك
مليار ونصف هى ميزانية جامعة القاهرة لعام 2008 -
- نصيب كل طالب منها 6 آلاف جنيه
كافتيريات الجامعات.. تأجيرات من الباطن وإهدار للمال العام
الخميس، 18 ديسمبر 2008 11:32 ص
كافتيريات الجامعات وسيلة سريعة للثراء
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة