الخطاب الدينى يتجاهل المعاملات الإنسانية واختراق القانون.. وخطبة الجمعة ضحية «التجديد»

فقه الحمامات والحيض والنفاس يسيطر على عقول الخطباء

الخميس، 18 ديسمبر 2008 06:32 م
فقه الحمامات والحيض والنفاس يسيطر على عقول الخطباء  د.حمدى زقزوق
كتبت إحسان السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نداؤه المستمر بتجديد الخطاب الدينى مازال يتردد عبر ميكرفونات المؤتمرات وضمن أوراق كتاب «دليل الإمام».. ليظل «التجديد» مجرد دعوة فرضت نفسها على علماء المسلمين بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر من أجل حوار إسلامى مع الغرب.. جاءت كلمات الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف واضحة حين قال «نادينا وننادى بتجديد الخطاب الدينى ليواكب متغيرات العصر حتى لا يكون الداعية فى واد والجمهور فى واد آخر»..

اعتراف زقزوق بأهمية الخطاب الدينى تلاه خطوات بدأت بتولى وزارة الأوقاف ممثلة فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مهمة النهوض بتجديد الخطاب الدينى عبر لجان متخصصة لتطوير برامج الدعاة وتحديث الخطاب الدينى، حيث تزامن الإعلان عن خطوات التجديد فى مصر مع هجوم حاد من السلفيين على الدكتور حمدى زقزوق تخلله اتهامات بتسييس الخطاب الدينى واستئناسه.

فعندما أكد زقزوق دعوة الوزارة إلى تجديد الخطاب الدينى، على أنه سنة الحياة، ومعترف به منذ بداية الإسلام، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها».. استطاع بعدها أن يشخص بنجاح نواحى القصور فى الخطاب الدينى، لكن الصواب جانبه فى وضع علاج لهذه النواحى حيث حصر «التجديد» على خطبة الجمعة وتركيزها فى موضوعات يراها قضايا جديدة كانت غائبة كالحيض والطلاق والزواج والنقاب، وهو ما تحول بدوره لنوع من السيطرة والحصار حول الخطبة حيث تجاهلت فروعا أخرى من آداب المعاملات مثل تنمية المجتمع واحترام الآخر، ليصبح كل ما فعله الوزير مجرد إزاحة النقطة الزائدة فى شعار «التجديد» لتصبح «تحديد».

تجديد الخطاب الدينى يستلزم خطوات ثابتة لتجيب على ثلاثة أسئلة «ما هو الخطاب الدينى؟ ما هى الجهة المخولة لتجديده؟ وما رأى السلطة السياسية فى هذا التجديد؟» وهنا إذا استطاعت المؤسسة الدينية الإجابة عليها نستطيع أن نلخص مفهوم الخطاب الدينى والخطوات التى حققناها فيه.

تجديد الخطاب الدينى يعنى تحريره من بعض الشوائب ما بين رجل الدين ومتلقيه بما فيها تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، رفض الأحاديث التى تحرض على طاعة الحاكم، والتى تتعلق بدونية المرأة وأيضا التى ترسخ لفرض رأى واحد. على أبو الخير الباحث فى شئون الأزهر يرى أن خطبة الجمعة كانت ضحية عجز مؤسسة الأزهر عن تجديد الخطاب الدينى، بل ترجمته فقط على أنه حصر الخطب وتحجيم الأئمة فى موضوعات بعينها دون الأخرى، فهناك كثير من التجاهل لموضوعات لا تقل أهمية مثل الحرية السياسية واحترام القوانين والعمل على تنمية المجتمع، وبالتالى أصبح الأزهر عاجزا عن اتخاذ أية خطوات فعلية لتجديد الخطاب الدينى والموضوعات التى تتناول فى خطبة الجمعة.

قاطعناه «وما المستفيد من بقاء الخطاب الدينى على حاله دون تجديد؟» أبو الخير يرى أنه من الصعب أن يخرج الأزهر من عباءة السلطة السياسية وكل ما يريده رجاله وشيوخ أنصار السنة إبقاء الوضع كما هو عليه، كما أنه ليس من المنطقى أن يجدد الخطاب الدينى بنفس الأشخاص الرافضين له.

كلام أبو الخير يفسر الهجوم الذى يلقاه الدكتور حمدى زقزوق حينما يتحدث عن تجديد الخطاب الدينى من الأزهريين خاصة، والذين يصر بعضهم على التمسك بالخطاب الدينى كما هو باعتبار أن أى تجديد قد يخل ببناء العقيدة، وهو الرأى الذى أكده حديث الدكتور محمد عبد العليم العدوى -أستاذ بجامعة الأزهر وعضو المكتب الفنى برابطة الجامعات الإسلامية- حيث كان رافضا لفكرة تجديد الخطاب الدينى مكتفيا بالعودة للكتاب والسنة وإعادة النظر فى أئمة المساجد المنوطة بالدعوة، بدلا من شعارات المؤتمرات والكلمات الرنانة.

مصدر أزهرى رفض ذكر اسمه يرى أن الخطاب الدينى الحالى عفى عليه الزمن، وغياب الجرأة فى النقد للأوضاع الحالية ورفض بعض الأحاديث أحد أهم الأسباب لفساد الأمة.
ضجيج المؤتمرات حول تجديد الخطاب الدينى مازال يعلو ويهبط بقدر ما تستدعيه الأحداث ولعل آخرها المؤتمر الذى عقد هذا العام وشاركت فيه وزارتا الأوقاف المصرية والتونسية للوقوف على ما وصلت إليه كلتاهما من نتائج، فكان واضحا خلال المؤتمر رضا الطرف التونسى عما حققه فى حين مازال الأمر بالنسبه لمصر فى الشد والجذب فى تجديد الخطاب الدينى أو تركه كما هو، وبذلك ستظل ساحة القتال بين الأفكار تشهد ضحايا جددا، فخطبة الجمعة ليست الضحية الوحيدة بل قائلها ومتلقيها أيضا.

لمعلوماتك..
◄ 2006 أول مؤتمر لتجديد الخطاب الدينى فى مصر





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة