إذا قال صناع فيلم «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة» أن هدفهم كان الضحك للضحك وإخراج الناس من دار العرض وهم مبسوطون وغير نادمين على ثمن التذكرة الذى وصل إلى 30 جنيهاً، فسأرفع القبعة احتراماً وسأهز رأسى مصدقاً ومؤكداً أن «عداهم العيب»، أما إذا تحدثوا عن أن للفيلم رسالة تتمثل فى مناقشة حال التعليم المايل وعدم احترام المدرس، ورد الاعتبار لمدرس اللغة العربية الفصحى، فسيكون الأمر مزايدة غير مقبولة ومحاولة انتهازية لركوب موجة ملف التعليم وضرب التلاميذ الذى بات إحدى الأولويات على أجندة اهتمامات الرأى العام!
«الضحك ثم الضحك ثم الضحك!» هذا ما يتوقعه الجمهور حين يدخل فيلماً جديداً لهنيدى، وهذا ما يحرص عليه زعيم المضحكين الجدد الذى أعلن عن نفسه بقوة ودانت له إمبراطورية الكوميديا مع فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» لكن عرشه اهتز بقوة فى «جاءنا البيان التالى» و«بلية ودماغه العالية» و«يانا يا خالتى» وها هو المؤلف يوسف معاطى الذى أصبح «نجم الشباك» فى سوق الكتابة الفكاهية يهدى هنيدى فيلماً أضحك المتفرجين حتى دمعت أعينهم وأعاد لمحمد هنيدى هيبة الزعامة المفقودة!
موضوع الفيلم نفسه لا يحمل أى جديد، مدرس لغة عربية سليط اللسان، لاذع التعليقات، اعتاد على الحزم فى مدرسته الريفية ينتقل إلى مدرسة خاصة فى العاصمة يفرض فيها التلاميذ من أبناء الأثرياء شروطهم، وتصبح المواجهة محتومة بين المرفهين المدللين، مدمنى التسيب، وبين ذلك المدرس، القصير، الممتلئ، الذى يرتدى نظارة «قعر كوباية» وله شارب يشبه شارب هتلر، ويذهب للمدرسة على دراجة يضع عليها جهاز كاسيت أكل الدهر عليه وشرب!
الكوميديا هنا تعتمد فى معظمها على الموقف بمفارقاته، وهذا هو الجديد والإيجابى، بعيداً عن الإفيهات المفتعلة التى تلعب على الإيماءات الجنسية بفجاجة، لكن الفيلم فى مجمله يكرس للصورة النمطية streotype التى تتعامل مع مدرس اللغة العربية باعتباره «أراجوز»، ينتمى لحفريات التاريخ، ويستشهد بأشعار عصية على الفهم، ولا يعرف الذوق فى مظهره ويتلاعب به الطلبة باعتباره هدفاً لذيذاً للمقالب الساخنة.. كما يكرس الفيلم لأسطورة النجم الأوحد، بداية من الأفيش الذى لا يظهر فيه سوى هنيدى، مروراً بمشاهد الفيلم التى استأثر بها جميعاً، باستثناء مشهدين اثنين لا ثالث لهما، وتوارى فى ظل هنيدى المؤلف وائل إحسان ومدير التصوير إيهاب محمد على، وإن كان يحسب لمونتاج معتز الكاتب براعته فى جعل إيقاع الفيلم يتسم بالرشاقة والنقلات السريعة والبعد عن الترهل.
وفى الأداء التمثيلى، لا يمكنك سوى أن تسعد باستعادة ليلى طاهر بعد غياب طويل عن السينما، فقد حظيت بمساحة كبيرة كأم ريفية لهنيدى وإن لم يكن أداؤها رائعاً، فهو أيضاً ليس سيئاً، أما عزت أبوعوف فقد أدى دور وزير التعليم بتعجل و«من الخارج» ولم يترك لطفى لبيب بصمة قوية فى دور مدير المدرسة وجاء أداء سيرين عبدالنور «مهضوماً» فى مجمله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة