يبدو أن مختار خطاب وزير قطاع الأعمال السابق أراد أن يلطف الأجواء بعد أن تعرض بالتأكيد للكثير من اللوم من جانب قيادات حكومية إثر التصريحات التى أدلى بها فى حواره العدد الماضى، حيث اعتبر خطاب أن الجريدة بنشرها تصريحاته تريد الوقيعة بينه وبين أخيه وصديقه «على حد تعبيره» الدكتور محمود محيى الدين، فقد تناسى خطاب أنه أول من ابتدع هذا النظام وأنه وضع الخطط الاستراتيجية للتخلص من جميع شركات القطاع العام لتتحول الدولة إلى كتل من المستثمرين الأجانب داخل هذه الشركات، وكعادة أى مسئول يترك منصبه الوزارى فقد تحدث خطاب بوجهة نظر المواطن أو المحلل الاقتصادى وليس بوجهة نظر المسئول وهو ما جعله يتحدث بصدق نادر فوجئ به هو وآخرون، فبعد أن خرج مختار خطاب من الوزارة اعترف بأن نظام الخصخصة ما هو إلا توجه سياسى عال وبعض المنافقين زفوا البرنامج متجاهلا أنه أول من شجع ودافع وأيد هذا النظام بقوة،
وإذا كان بالفعل القطاع الخاص لم ينجح فى مشاركة الدولة فى التنمية فأين كان هو، ولماذا لم يصدر أوامره بوجوب المشاركة بين القطاع العام والخاص للخروج بالعديد من المشروعات التنموية الهامة التى تفيد البلد، وإذا كان خطاب يشعر أن وجوده فى الوزارة مفيد فما هو حجم الإفاده التى أتت على الاقتصاد من وراء قراراته التى يرى أنها عملت على زيادة الاستثمار، وهى الزيادة التى لم تحدث حتى الآن، لم يكتف خطاب بهذا بل جاء الآن لينتقد عدم وجود قانون يمنع إسرائيل من شراء شركة قطاع عام فلماذا لم يقترح خطاب وقت أن كان وزيرا مشروع قانون يمنع إسرائيل من شراء أية شركة فى مصر وهو كان وقتها قادرا على طرح هذا القانون ولكن بالطبع المنصب يمنع الشخص من طرح سياسات تحدث صداما بينه وبين الدولة.
فبالطبع لم يكن يجرؤ خطاب أثناء توليه الوزارة أن يقول إن مصر دولة الحاكم الواحد أو أن الخصخصة توجه سياسى عال أو أن يعترف أن التوجه للسوق الحر يهدف إلى تسويق المنتجات الأمريكية فقط، فمن الواضح أن اللوم الذى تعرض له الرجل حول شرعية أن يصرح بمثل هذه التصريحات جعله فى مأزق أمام نفسه أولا وأمام كبار رجال الدولة ثانيا، وهو الأمر الذى استقبلته الجريدة بصدر رحب لأنها أحست بكم الضغوط التى تعرض لها خطاب للتراجع عما صرح به فى ساعة صدق لن تتكرر.