◄فى السعودية فتوى بقتل أصحاب الفضائيات وتحريم قيادة المرأة السيارة
◄فى مصر فتاوى بتحريم المشاركة فى الإضرابات وتأثيم مقاطعة الاستفتاءات
◄إرضاع الكبير وشرب بول الرسول وتحريم كروية الأرض
«إذا أردت أن تتهرب من أحكام الزكاة، كن شافعيا، وإذا أردت أن تخرج عن أحكام الربا كن مالكيا، وإذا أردت أن تخرج عن أحكام الخمر كن حنفيا، وإذا أردت أن تخرج عن أحكام الزواج، كن شيعياً، وبذلك تخرج من الشريعة بالشريعة» هذا ما قاله الشيخ الجزائرى محمد بن الفضيل فى عام 2006 ،معلقا على تناقض فتاوى شيوخ المذاهب الأربعة، وراصدا ما بها من تناقض وتخبط واستسهال وانغلاق، وتنامى هذا الحال، حتى أصبح الصراع لا يقتصر فقط على أتباع المذاهب المختلفة، بل يدخل فى حلقته أهل المذهب الواحد، والبلد الواحد، والمسجد الواحد.
مقولة «الفضيل» لم تحرك ساكنا، ولم توقف سيل الفتاوى «الموقوتة» التى يزرعها البعض فى جسد المجتمع الإسلامى ولا يدركون خطورتها، وتحولها لتصبح «نكاتا» يطلقها الغرب مستهزئا، فمجلة «فورين بوليسى» نشرت نهاية العام الماضى قائمة أطلقت عليها «أغبى 5 فتاوى إسلامية»!
المرأة رجس من عمل الشيطان
«المرأة» كانت صاحبة النصيب الأكبر فى الفتاوى «الغريبة» وآخرها تلك التى أطلقها الشيخ السعودى عبدالمحسن العبيكان بضرب زوجها، أما الشيخ محمد الهبدان فأفتى بأن النقاب المشروع يستدعى قيام المرأة المنتقبة، بإخفاء عين من عينيها ،لأن عينيها الظاهرتين فتنة، وأفتى الشيخ عبد العزيز بن الشيخ مفتى الديار السعودية بجلد سيدات، حضرن مؤتمرا اقتصاديا بجدة عام 2004 بدون غطاء الرأس، ولم يتوقف الشطط فى فتاوى المرأة عند هذا الحد، وانما امتد ليزداد غرابة وتشددا، وفتوى هيئة كبار العلماء السعودية فى التسعينيات من القرن الماضى، بتحريم قيادة المرأة السيارات، وفتوى الشيخ على أبوالحسن بجواز مشاهدة الزوجة للافلام الجنسية اذا أجبرها الزوج على ذلك، وزادها الشيخ غازى الشمرى بفتوى جواز لعق المرأة صديد زوجها ومخاطه إذا طلب هذا، وفتوى أخرى تأمر الرجال بعدم لبس «القمصان نصف الكم» أو البنطلونات الضيقة، لأنها تثير شهوة النساء، ولم يستأثر السعوديون بالفتاوى الغريبة، فالدكتور «الأزهرى» عبدالله سمك ،أفتى فى 2007 بتحريم ركوب المرأة سيارة التاكسى بمفردها أو سيارة العائلة مع السائق، لأن الحالتين «خلوة» غير شرعية. كما اعتبرت بعض الفتاوى أن المرأة فتنة يتعين على المؤمنين تجنبها، ومثال ذلك الفتوى العجيبة التى أصدرتها وزارة الأوقاف الكويتية، بتحريم حفلات «ستار ميكر» ،التى تشارك فيها النساء باعتبارها «منافية لتعاليم الإسلام»، وهو نفس السبب الذى قامت عليه فتوى قديمة للداعية السعودى محمد العثيمين ،حين أفتى بعدم جواز الاحتفال بعيد الحب، لأنه «عيد بدعى لا أساس له فى الشريعة، كما أنه يدعو إلى العشق والغرام» ولأن الغرابة ليس لها سقف، فقد خرج علينا بعدها بسنوات الدكتور رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة السابق بالأزهر، ليفتى عام 2006 بأن التجرد من الملابس اثناء المعاشرة الزوجية يبطل عقد الزواج، إلا أن أحد رجال الأزهر وهو الشيخ عبدالله مجاور أراد أن يصلح ما أفسدته هذه الفتوى فزادها غرابة حين اعتبر النظر الى الجسد «مستحب» باستثناء «الفرج»، وتعدت الفتاوى تحريم تعرية الجسد الإنسانى إلى الأجساد «الخشب» أو «البلاستيك! فأمرت لجنة الفتوى بالإمارات بتحريم استخدام «المانيكان» أو النظر إليه لما به من إظهار للعورة!.
فتاوى «صنع فى مصر».. إرضاع الكبير وشرب البول
أشهرها فتوى إرضاع الكبير، التى أطلقها الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث عام 2007 والتى كانت سببا فى الإطاحة به من منصبه، هى أشهر الفتاوى المصرية التى أثارت جدلا كبيرا، ولم تلبث آثار تلك الفتوى أن تختفى حتى جاءت فتوى للدكتور «على جمعة»، الشهيرة ببول الرسول، ثم تلتها فتوى أخرى لجمعة بأن صنع التماثيل معصية، وعليه فلا يجوز تزيين المنزل بالتماثيل« التى تراجع عنها بعدما اشتد الهجوم عليه، ثم جاءت «سقطة« المفتى حين قال إن «غرقى السواحل الايطالية منتحرون، لأنهم ألقوا بأنفسهم إلى التهلكة» تبعتها سقطة أخرى بإباحة «إنشاء حمامات باللبن (الحليب) تستحم فيها النساء، وفتوى دار الافتاء المصرية تفتى بتحريم رياضة اليوغا لأنها «من طرق التنسك الهندوسية ،وكذلك الفتوى الصادرة من الأزهر فى مايو 1985 تحرم الانضمام لأندية الليونز والروتارى، لأنها من صنع الغرب، جبهة علماء الأزهر هى الأخرى كان لها نصيب من الفتاوى الغريبة ففى سنة 2005 أفتت بأن السنة والشيعة ليسا دينا واحدا وإنما دينان!
فضائيات.. تحرم فضائيات
ومع انتشار الفضائيات والقنوات الدينية أصبح تداول الفتاوى وإطلاقها أسهل وأوسع، فأذاعت إحدى القنوات فتوى «اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بالسعودية» التى تحرم مشاهدة مسلسل «طاش ما طاش» لأنه يستهزئ بالمجاهدين، ومن قبلها فتوى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، والتى أمر فيها بقتل أصحاب القنوات الفضائية المفسدة ،لأنهم يفسدون العقائد ببرامجهم وهذا يعتبر «قتل» ،ولكن هذه الفتاوى لا تبدو أكثر غرابة من فتوى المرجع الشيعى العراقى آية الله على السيستانى، التى حرمت مشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة لأنها «غزو ثقافى لبلاد المسلمين» وفتوى الدكتور فرحات المنجى باستتابة الدكتورة سعاد صالح، لرأيها بخصوص الممثلة يسرا، وفتواه بتحريم عقد القران فى المسلسلات، فتوى القاضى السعودى إبراهيم بن ناصر الخضيرى تحرم مشاهدة قناة «الحرة» الأمريكية، فتوى تحريم برنامج شاعر المليون للشيخ صالح المنجد، والفتوى الأخيرة للشيخ يوسف الشبيلى بتحريم برنامج «حروف وألوف» لما به من «ربا»!.
إلى الأطفال..لا تلعب البوكيمون ومرحبا بك فى «الشلل»
حتى ألعاب الأطفال طالتها «الفتاوى الغريبة» وذلك فى عام 2006 حيث خرجت فتوى تنادى بمنع العاب «البوكيمون»، لأنها تشجع الأطفال على القمار المحرم، وانتشرت فى باكستان عام 2005 بتحريم تطعيمات شلل الأطفال لأنها «مؤامرة غربية لنشر العقم بين المسلمين».
السياسة.. تحليل الاستفتاء وتحريم حزب الله كعادتها لم تكن السياسة بعيدة عن هذا الكم من الفتاوى، ولم تلبث أن ألقت بظلالها على فتاوى دينية أدخلتها فى قائمة الفتاوى الغريبة، مثل فتوى جبهة علماء الأزهر تحريم العمل بمصانع الغاز، وذلك بعد الضجة التى أثيرت مع بدء تصدير الغاز المصرى لإسرائيل، ومن قبلها كانت فتوى الدكتور يوسف البدرى بتحريم المشاركة فى إضراب 4 مايو. أما «قضية التوريت» فكما نالت نصيبها من الجدل السياسى، جاءت عل رأس الفتاوى الدينية الغريبة وصاحبها كان الدكتور سيد طنطاوى ،شيخ الأزهر، حين أفتى بأنه «لا مخالفة للشرع فى توريث الحكم» وهو ما اعتبره كثيرون بأنها تعطى غطاء للتوريث الذى يحاربه الجميع، وسبق أن أفتى بأن من لا يشارك فى الاستفتاء على تعديل الدستور ،آثم قلبه، وفى السعودية أفتى الشيخ عبدالله بن جبرين بتحريم نصرة حزب الله والتبرؤ منه، وأفتى الدكتور نبوى العش بتحريم مجلس الحكم العراقى، وفتوى مجمع البحوث الإسلامية بحرق الفيلم الإيرانى «إعدام الفرعون»، فتوى يمنية تحرم مشاركة النساء فى العمل السياسى، وفتوى مجلس العلماء فى أندونيسيا بتحريم الليبرالية الدينية والعلمانية، لأنها «ردة» عن الإسلام، كما أفتى الشيخ صالح المنجد بأن الإقامة فى بلاد الكفر حرام.
كل جراد مصر ولا تأكل أسماك العراق وإياك والأرانب!
فتوى الشيخ عبد الحميد الأطرش ،رئيس لجنة الفتوى حازت على لقب «الأغرب«، وفيها أفتى بجواز أكل الجراد عقب فشل الحكومة فى مواجهته عام 2006، والفتوى «الطبية« لبعض رجال الدين العراقيين، بتحريم أكل أسماك نهر دجلة لكثرة الجثث التى القيت فيه، كما أفتى الشيخ وجدى غنيم أن من يأكل ويشرب باليد اليسرى يعتبر من أتباع الشيطان، وحرمت لجنة علماء الأزهر أكل لحوم الأرانب لأنها «تحيض» وأخيرا فتوى الشيخ فرحات المنجي، بأن موائد الرحمن الخاصة بالراقصات حرام شرعًا، وفى الجزائر انتشرت ما يمكن أن نسميه الفتاوى الضاحكة، فأمرت الشيخة حسنة الايام محمد، بتحريم «الزلابية والعصيدة» لأنهما من البدع، وهو ما يشبه فتوى الشيخ سيد قطب بتحريم «البيبسى والكوكاكولا» لأن مادة «البيبسين« تستخرج من أمعاء الخنزير، أما الأكثر طرافة، ما أفتى به السعودى صالح الفوزان بتحريم (البوفيه المفتوح) فى المطاعم والفنادق لأن الضيوف يجورون على حق زملائهم.
الفتاوى الطريفة.. لا تجلس على الكرسى.. والرشوة من أجل اللحية حلااااال.
بعض الفتاوى الغريبة لم تخل أيضا من الطرافة، ولعل أبرزها فتوى صادرة عن دار الإفتاء المصرية، تبيح الصلاة بدون ملابس داخلية، شريطة أن يكون مرتديا ما يسترالعورة ،وكذلك فتوى عبدالله آل الشيخ بعدم جواز سجود لاعبى الكرة على أرض الملعب» لأن الملعب «نجس» ،كما أن اللاعبين كاشفون عوراتهم، فتوى عبدالمحسن العبيكان تجيز الاستعانة بالجن لفك السحر وفتوى لجنة الافتاء السعودية بتحريم تحية العلم، لم تقف الغرابة عند هذا الحد وإنما امتدت لتشمل فتاوى مثل فتوى لداعية تسمى أم أنس فى اليمن، تحرم الجلوس على الكرسى لأن هذه «السنة« لم ترد عند السلف الصالح، وفتوى سعودية بأن الاحتراف الكروى بشكله الحالى حرام، لأنه يبيح السفر لديار الفسق والفجور، وفتوى ابن العثيمين بتحريم تعلم الانجليزية لأنها تشبه بالكفار، وفتوى مجمع الفقه الإسلامى فى السودان بتحريم جوائز مسابقات شركات الاتصالات ،لأنها «قمار« والفتوى التركية التى أباحت تركيب «لاصق طبى» يمنع جوع وعطش رمضان، وفتوى الشيخ الجزائرى محمد بن فركوس بجواز تقديم الرشوة من الملتحى، لإصدار جواز سفر وعليه صورته باللحية، وفتوى الكويتى عبد الرحمن السحيم بتحريم الأسماء المستعارة على النت، مثل «تمساح وسحلية» لأنها كذب «بين»، والفتوى الشهيرة لطالبان باعتبار التماثيل «أصناما « يجب تدميرها وتحريم السلفيين مشاركة المسلمين فى الاحتفال بشم النسيم.
الجلد للصحفيين فى مصر والسعودية
الصحفيون بدورهم لم يكونوا بعيدين عن نيران الفتاوى الغريبة، لدرجة أنهم فى الآونة الأخيرة ،كانوا هدفا سهلا لها، فمؤخرا دفعت انتقادات الصحافة بعض رجال الدين، الشيخ السعودى عبدالله الجبرين الذى أفتى بجلد الصحفيين، بغرض حماية علماء الدين من أقلامهم، وهى فتوى تذكرنا بأخرى شبيهة لها للدكتور سيد طنطاوى حين طالب بتطبيق عقوبة الـ 80 جلدة على الصحفيين فى قضايا النشر.
الفتاوى الغريبة لم تقتصر على موضوعات بعينها وإنما أيضا اختصت بها فئة من المشايخ وخاصة السعوديين مثل فتوى تحريم ركوب الدراجة لأنها «حمار إبليس«!، وفتوى تحريم الذهاب إلى الكوافيرات التى أصدرها ابن عثيمين، وفتوى الشيخ عبدالله بن جبرين بتحريم فستان وطرحة الزفاف، وكراهة الزفة، فتوى تحريم لعب الكرة، وفتوى عدم دوران الأرض وكرويتها، كل هذه الفتاوى وغيرها بررها الدكتور محمد رأفت عثمان رئيس اللجنة الفقهية بمجمع البحوث ،بأن أصحابها محبون للظهور والشهرة، أو جهلاء بأحكام الفقه، كما أنهم يسيئون للإسلام والمسلمين، ويعمقون الفرقة بينهم فى الوقت الذى نحتاج فيه إلى كلمة سواء. دكتور محمد مختار المهدى عضو مجمع البحوث، أكد أن هذه النوعية من الفتاوى ليس وراءها طائل سوى إلهاء الناس، وشغلهم عن القضايا الحقيقية، لأن الفتوى لها علم خاص وليست مجرد رأى يقال.المهدى أيضا طالب بأن توحد جهة الفتوى، حتى يتسنى محاسبة مطلقى هذه الفتاوى، واصفا أغلبها بأنها تنطلق من مبدأ متعصب أو وجهة نظر متشددة.
رأى آخر ألقى باللائمة على الإعلام الذى يهدف إلى الانفراد وصنع الـ«الخبطات» دون اعتبار أن مثل هذه الفتاوى تخرج فى كثير من الأحيان من غير المتخصصين، ومريدى الشهرة، وصاحب هذا الرأى هو الدكتور جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى السابق، الذى أكد أن بعض من يفتون يريدون فرض الوهابية على الناس، والحل فى رأيه أن يختار المسلم من يعطيه الفتوى ويتأكد من أهليته للإفتاء.
لمعلوماتك...
◄1895 هو عام إنشاء دار الإفتاء المصرية.
◄أبو حنيفة: «من قال» لا أدرى «فله نصف العلم ومن قالها مرتين فقد حاز العلم كله»