ما بين سلفية ووهابية وأحيانا أخرى عصرية يتنوع فكر خطباء المساجد وتتنوع خطبهم وتتنوع أيضا خطاياهم، فخطب الجمعة فى مصر تأتى طبقا للتركيب الفكرى والنفسى للخطيب والذى يتسم فى معظم الأحيان إما بالتشدد فى الهجوم على الأقباط ووصفهم بكلمات تشعل الفتن الطائفية أو بالسطحية الشديدة فى بعض الكلمات التى اعتبرها البعض بأنها ذله لسان ولكنها فى الحقيقة إحدى خطايا هؤلاء المشايخ.. هذا ما دلت عليه نماذج الخطب.
أغرب خطب الجمعة التى أثارت جدلا كانت خطبة عن التحرش الجنسى، جاءت مؤخرا على لسان الدكتور محمد أبوزيد الفقى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بنات فى كفر الشيخ سابقا، عندما طالب الرجال بعدم لبس أى ملابس «نص كم» منعا لإعجاب النساء ودرءا للفتنة على حد قوله، وذلك خلال خطبة الجمعة التى ألقاها فى مسجد المزلقان الوسطانى بمدينة كفر الشيخ، ودلل الفقى على رأيه بقوله إنه سأل بعض النساء عن لبس الرجل قميصا أزراره مفتوحة أو تى - شيرت نصف كم، فقلن إنهن يستحين من إعجابهن بالرجل، لكنه لا يصل إلى حد الإثارة، وطالب أيضا السلفيين الذين يقصرون جلبابهم ويكشفون جزءا من أقدامهم بارتداء الجوارب لعدم إثارة النساء.. ويبدو أن الطرح الذى ناقشه د.جلال أمين من خلال قصة قصيرة بكتابه عصر الجماهير الغفيرة سيتحقق بعد هذه الخطبة حيث تصور أمين مصر بعد أكثر من مائة عام جميع رجالها «محجبون» مع مطالبات أخرى من رجال الدين يؤكدون فيه أن حجاب الرجل ليس كافيا ويجب تغطية جميع أجزاء الجسد لنفس السبب الذى أكده الفقى وهو درء الفتنة!
بعض الخطب قد تكون غريبة وبعضها الآخر قد يحتوى على معلومات خاطئة ولكن بعضها قاتلة مثل فتوى الشيخ صفوت حجازى إمام وخطيب مسجد عماد راغب بمدينة السادس من أكتوبر سابقا، بوجوب قتل اليهود الذين يأتون إلى مصر أو إلى أى بلد إسلامى آخر والتى صرح بها فى أحد خطب الجمعة التى يلقيها، وهى الخطبة التى أدت إلى منعه من الخطابة نهائيا بعدها.
فى أحد مساجد مصر الجديدة أراد الإمام مناقشة قضية «الناسخ والمنسوخ» والأحاديث المتناقضة وهى القضية التى تحوز على اهتمام المسلمين، فضرب مثالا للأحاديث النبوية التى قد تحتوى على بعض التناقض قائلا «فى حديث عن السيدة عائشة إن الرسول كان بيتبول وهو واقف، بينما فى حديث تانى روى عن أحد الصحابة الأجلاء بما معناه إن الرسول أحيانا كان بيتبول وهو قاعد، وده دليل على إن فى أحاديث متناقضة» وهكذا تحول موضوع الخطبة إلى طريقة التبول الخاصة بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بدلا من مناقشة القضية بجدية وبيان الحكم الشرعى فيها.
غض البصر مبدأ أساسى وأصيل فى الدين الإسلامى وهو ما جعل إمام مسجد بالعباسية يدعو المصلين للالتزام به فى إحدى خطب الجمعة وعدم الانصياع «لكليبات» هيفاء وبوسى سمير التى تهدف إلى تدمير شباب الأمة الاسلامية، لكن الغريب فى الأمر أنه هاجم هذه الكليبات مع وصف تفصيلى دقيق لكل «فساتين» المطربات ومشاهد الكليب وهو الذى دفع العديد من المصلين بعد الصلاة للسؤال «وكيف وصف الإمام هذه المشاهد بهذه الدقة إن لم يكن شاهدها بنفس الدقة؟!».
عندما تغيب الخطيب الأساسى لمسجد الهادى بأرض اللوا منذ ثلاثة أشهر أوفدت وزارة الأوقاف خطيبا آخر بدأ أول خطبة جمعة له بالحديث عن العدل والقصاص بشكل هادئ ومتزن، لكنها دقائق قليلة حتى فقد الشيخ هدوءه واتزانه قائلا بانفعال شديد «يعنى لو حد ضربك بالمطواة غزُه انت كمان بمطواه، ولو جرحك سبع غرز، اجرحه انت كمان بسبع غرز لأن العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم» ضاربا عرض الحائط بالأحكام وبالقوانين التى يجب اتباعها، وعندما حاول أحد المصلين مناقشته فى أنه يجب الرجوع أولا لأولى الأمر حتى لا يتحول الأمر إلى بلطجة رفض الإمام بحجة الآية الكريمة «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب».
من أخطر سقطات خطباء الجمعة هى الهجوم المستمر على الأقباط ووصفهم بالكفار» و«المشركين بالله» حتى أن أحدهم يلقب الإنجيل بـ«الكتاب المكدس» كنوع من السخرية بالإضافة إلى التعرض للرموز القبطية بأوصاف غير لائقة تشعل أحيانا نار الفتن الطائفية فى المناطق الشعبية وصعيد مصر.
من أبرز الأئمة الذين تناولوا الهجوم على الأقباط فى خطبة الجمعة الشيخ أبوإسلام ووحيد بالى وقبلهما الشيخ كشك، تلك الخطب دفعت بعض الأقباط إلى إرسال شكاوى للبابا شنودة الثالث تطالبه التدخل لوقف خطبة الجمعة بسبب هجوم إمام المسجد على الكنيسة والبابا شنودة ووصفهم بالكفرة من أقباط مثلما حدث فى منطقة إمبابة الشهر الماضى.
لمعلوماتك...
◄1981 العام الذى اشتعلت فيه الفتنة الطائفية فى الزاوية الحمراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة