المتحولون دينياً .. داخل عيادة الطبيب النفسى

السبت، 13 ديسمبر 2008 12:21 م
المتحولون دينياً .. داخل عيادة الطبيب النفسى الدين لله وفى الأرض متسع للجميع
كتبت ناهد نصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عادة ما يوصم المتحولون دينياً فى مصر بالانتهازية أو بأنهم وقعوا ضحايا مؤامرة ذات أبعاد أكبر بكثير من إسلام أحدهم أو تنصر آخر، غير أن وصمهم بالجنون وعدم الاتزان النفسى تبقى الأبرز فى قائمة الاتهامات. فهل المتحولون دينياً لهم سمات نفسية خاصة بالفعل؟، ولماذا يرتد بعضهم إلى عقيدته الأصلية؟، ومتى ولماذا يلجأون إلى الطبيب النفسى؟، هذا ما نحاول الوقوف عليه فى التقرير التالى ..

أبرز سمات المتحول دينياً فى مصر وفقاً للدكتور نبيل القط الاختصاصى النفسى أنه جرئ وفضولى، وغير متزن عاطفياً، ويرى د.القط أن الشخصية المصرية بطبعها محبة للاستقرار، والنظرة الاجتماعية للشخص المختلف فى مجتمعنا عادة ما تقابل بالرفض الشديد, وبالتالى فإن من يتحدى النمط السائد لا يخلو من جرأة ومخاطرة، غير أن القط يشير من واقع خبرته إلى أن تغيير الدين أحياناً يعبر عن مرض نفسى، فيقول, قابلتنى بعض الحالات لأشخاص يعلنون فجأة أنهم رأوا فى المنام أشخاصاً ورموزاً دينية تدعوهم لتغيير دينهم أو لتبنى موقف أكثر تشدداً فى دينهم الأصلى، وأغلب هذه الحالات لا تستمر فى اتجاه معين لفترة طويلة، وهؤلاء يمكن وصفهم بالمرضى النفسيين, غير أن القط يؤكد على أنه ليس كل المتحولين مرضى ينبغى أن نفرق بين شخص مصاب بخلل عقلى وبين شخص تربى فى أسرة أحد أفرادها ينتمى لدين آخر, أو كان قريباً فى طفولته من جماعة دينية مختلفة عن جماعته فيحدث له اضطراب فى الهوية الدينية، ويبذل جهداً فى الوصول إلى صيغة مناسبة فى علاقته بالدين.

الفيلسوف الأمريكى، ويليام جيمس واحد من أوائل الباحثين فى التركيبة النفسية للمتحولين دينياً, يصنف جيمس البشر فى علاقتهم بالدين فى كتابه الأشهر "أنواع الخبرات الدينية" فى نوعين أحدهما يتمتع "بعقل صحى" وهم مؤمنون بالفطرة، والدين بالنسبة لهم يوحدهم بالجنة، والله هو مصدر الرحمة والاتساق فى الكون, أما النوع الثانى فأرواحهم قلقة، والسبيل الوحيد نحو شفائها هو المرور عبر تجربة روحية عظيمة ومؤثرة أو "تحول دينى" لتصل إلى الاكتمال، وهؤلاء تتاح لهم الفرصة لرؤية الحياة من منظوريها, والمتحول دينياً طبقاً لجيمس يمر بثلاث مراحل: "الأزمة" أو عدم الشعور بالرضا، ثم "الانفراج" والتوصل لحل دينى مقنع، فمرحلة "التغيير" وفيها يبدأ الشخص فى تغيير نمطه السلوكى والفكرى وصولاً إلى الاستقرار.

عدم اتزان نفسى
هل ينطبق تحليل جيمس على المتحولين دينياً فى مصر؟ الدكتور إيهاب الخراط، اختصاصى الطب النفسى يرى أن جيمس كان موضوعياً فى تحليله, إلا أن بعض النقاد لخصوا نظريته فى أنها تعنى الإصابة بالخلل النفسى, هذه الرؤية ترسخت لدى الكثير من الأطباء النفسيين, لأن أخلاقيات المجتمع المحافظ عادة ما تنعكس على أداء الأطباء النفسيين.

يؤكد الخراط أن أغلب المتحولين دينياً فى مصر يصابون بعدم اتزان نفسى بعد مرورهم بالتجربة, عندما يتحول الإنسان من دين إلى آخر, فإنه يتحدى المجتمع ويعانى من رفضه ونفوره, ونتيجة لذلك يواجه ضغوطاً اجتماعية ونفسية رهيبة, غير أن الخراط لا ينفى أن هؤلاء الأشخاص يتسمون بصفات خاصة تتراوح بين الشجاعة والتطرف والبطولة, وقد تصل إلى الجنون "الطبيب النفسى لا يعنيه تحديد الدين الأصح، وعليه أن يركز فقط على مساعدة الشخص على التأقلم مع ظروفه التى يختارها بوعى وحرية بحياد تام.

بعض المتحولين دينياً سرعان ما يعودون مرة أخرى إلى دينهم الأصلى، فهل هناك تفسير نفسى لهذا الارتداد؟، وهل للطبيب النفسى دور فى ذلك؟ يجيب الخراط أن الارتداد يحدث لعدة أسباب بعضها نفسى وبعضها اجتماعى, وردت على حالات لعدد من المتحولين دينياً من الطرفين، وبعضهم عاد إلى ديانته الأصلية والبعض منهم استمر, ودورى كطبيب مساعدة الشخص فى الوصول إلى التوافق بينه وبين نفسه ومجتمعه, وفى بعض الأحيان يكتشف الشخص أن العودة هى الطريق الوحيد نحو هذا التوافق, وهو ما أكد عليه د.يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة قائلاً, إن على الطبيب أن يتقمص حالة المريض لا أن يحاول دفعه لدين معين، لأن الهدف هو علاج المشكلة النفسية التى يأتى بها المريض.

حياد وموضوعية
هل يتعامل الأطباء النفسيين فى بحياد وموضوعية مع المتحولين دينياً، د.الرخاوى لا يملك إجابه قاطعة لكنه يقول, هذا ما أتمناه، فكل طبيب يتصرف وفق تعليمه وتكوينه الشخصى والعلمى, ويؤكد على أنه فى كل الأحوال من الصعب فصل الطبيب النفسى عن واقعه الاجتماعى فصلاً تاماً، وهو ما قد يؤثر سلبياً على العلاقة بين الطبيب وبين الشخص المتحول دينياً، فإلى من يلجأ هؤلاء فى هذه الحالة.

الدكتور أحمد شوقى العقباوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر يرى أن الحل الأمثل هو عدم الإعلان, الذين يعلنون عن تحولهم الدينى فى مجتمعنا لا يقدرون الواقع ويفتحون على أنفسهم أبواب جهنم, ويفسر العقباوى قوله, بأن هناك بعداً اجتماعياً يؤثر سلباً على المتحول دينياً, يواجه مشكلات فى الاندماج بجماعته الاجتماعية الأولى والجديدة على حد سواء.

وتجنباً للصراع ينصح العقباوى بعدم الإعلان, لكن ألا يؤدى الكتمان إلى اضطرابات نفسية من نوع آخر، يجيب العقباوى, على الفرد اختيار أخف الضررين, ويضيف أن التحول الدينى فى مصر يعبر عن مصيبة اجتماعية أكثر منها أزمة نفسية.

وجهة نظر قد تحمل وجاهة، لكنها لا تطرح حلاً نهائياً للمتحولين دينياً فى مصر، ليبقى أمامهم خياران كلاهما مر، إما الإعلان ومواجهة ضغوط المجتمع، أو الكتمان والحرمان من ممارسة اختيارهم العقائدى علناً وبحرية.

مشاهير المتحولين دينياً فى العالم






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة