حامد الجمل:المفوض العام تهريج سياسى

الخميس، 11 ديسمبر 2008 01:59 م
حامد الجمل:المفوض العام تهريج سياسى رغم موافقة مجلس الوزراء.. الجمل أكد عدم وجود مبرر لإنشاء جهاز المفوض العام
حاورته أميرة ناجى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهت وزارة التنمية الإدارية من إعداد مشروع قانون بإنشاء جهاز قضائى استثنائى جديد تحت مسمى جهاز (المفوض العام)، يختص بإقامة الدعويين الجنائية والتأديبية لمواجهة الفساد الإدارى.. حصل المشروع على موافقة مجلس رئاسة الوزراء، رغم عدم عرضه على هيئة النيابة الإدارية أو مجلس القضاء الأعلى ورغم مساسه الصارخ بالاختصاصات والصلاحيات المسندة إليهما، واعتبر البعض مشروع القانون تمهيدا لإلغاء هيئة النيابة الإدارية، لذا حاولنا خلال هذه الأسطر التعرف على اختصاصات هذا الجهاز وعما إذا كانت هناك ضرورة ملحة لإنشائه من عدمها، وذلك من خلال حوارنا مع المستشار حامد الجمل رئيس مجلس الدولة سابقا، فإلى نص الحوار:

بداية، ما أهمية إنشاء هذا الجهاز، خاصة وأن البعض وصفه بأنه "وليد أجنبى" لا أهمية لوجوده، فمصر بها العديد من الأجهزة التى تقوم باختصاصاته نفسها، ولكنها تحت مسمى آخر غير المفوض العام؟

أهمية أجهزة الرقابة والمحاسبة فى أى دولة ليس لها أى قيمة فى محاربة الفساد المالى والإدارى إلا إذا تمتعت بالاستقلال عن السلطة التنفيذية وتوفر للعاملين فيها ضمانات وحصانات تساعدهم على الاستقلال، وهذا كله بعد توفر الكفاءة والنزاهة لمن يعملون فى هذه الأجهزة مهما كانت تسميتها، والنظام المصرى الحالى يفتقد التوازن بين السلطات وتهمين السلطة التنفيذية على جميع السلطات، بل فى السنتين الماضيتين تم إخضاع جهاز المحاسبات لمؤسسة الرئاسة، وهى سلطة السيادة المتحكمة فى السلطات الأخرى وكذلك يتبعها جهاز الرقابة الإدارية الذى يشرف عليه رئيس الوزراء، ونتيجة لهذا الوضع فلا داعى لإنشاء جهاز جديد باسم "المفوض العام" لأنه جهاز مستورد من شمال أوروبا ويسمى هناك بنظام (الامبوندزمان)، وقد كان هناك وقت إعداد الدستور فى عهد الرئيس السادات، مشروع قانون مقدم من الدكتورة ليلى تكلا لوضع مادة فى الدستور لإنشاء هذا الجهاز على النمط المعروف فى شمال أوروبا، ولكن نجح المشروع الذى تقدم به الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الحالى عن إنشاء جهاز المدعى العام الاشتراكى، والذى تم إلغاؤه الآن، ومن هنا أؤكد أن إضافة أى أجهزة رقابية جديدة مع اختلاف مسمياتها لن يكون لها جدوى فى محاربة الفساد إلا إذا تغير النظام وانتقل إلى مرحلة التوازن بين السلطات وخضعت السلطة التنفيذية لرقابة السلطتين القضائية والتشريعية، وجهاز المفوض العام يؤدى دوره الآن جهاز الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية وجهاز المحاسبات ومباحث الأموال العامة وجميعها تخضع للسلطة التنفيذية ولا تتمتع بحرية مطلقة.

ذكر المستشار محمد يوسف نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية "أن جهاز المفوض العام يعنى أن هناك 3500 درجة قضائية ومركز قانونى بلا عمل" فماذا يقصد بذلك؟
يقصد أنه إذا أنشئ الجهاز الجديد دون أن يتضمنه قانون ينص على ضم أعضاء النيابة الإدارية بدرجاتها لاختصاصاته فيصبحون بلا عمل، وأعتقد أن الجهاز الجديد سيضم إليه من سيقع عليه الاختيار.

توقع البعض أن مشروع القانون تمهيد لإلغاء النيابة الإدارية، كما أن إلغاءها كان متوقعاً لأنها أصبحت بلا جدوى ولا قيمة بعد خصخصة القطاع العام وفصل الرقابة الإدارية عنها.. فما تعليقك على ذلك؟
يتوقف الأمر على الاختصاصات المقترح منحها للمفوض العام، وإذا نظرنا لوظيفته فى الدول الأوروبية سنجده جهازا يتلقى الشكاوى من كل هيئات الدولة والأفراد والشركات ويبتعد عن التعسف والظلم، كما أنه قريب من نظام (المحتسب الإسلامى) الذى كان معمولاً به فى العصر الأموى والعباسى، وبالنسبة لإلغاء النيابة الإدارية فهذا ليس صحيحاً ولا يوجد إلغاء للقطاع العام، فحكومة عاطف عبيد غيرت فقط المسميات وحولت القطاع العام إلى قطاع الأعمال العام.

حصل مشروع قانون جهاز المفوض العام على موافقة رئاسة مجلس الوزراء، رغم عدم عرضه على هيئة النيابة الإدارية أو مجلس القضاء الأعلى ومساسه الصارخ بالاختصاصات والصرحيات المسندة إليهما.. فبما تفسر ذلك؟
ما ذكرتيه علامة على الاستبداد بالرأى، وفصل الهيئات دون تمكينها من المراجعة وإبداء رأيها، ولمن لا يعلم فمن ضمن الضمانات الواردة فى الدستور أن المجلس الأعلى للهيئات القضائية تعرض عليه المشروعات والقوانين كنوع من الضمان التشريعى، ولكن عندما يعرض المشروع على رئاسة مجلس الوزراء فهذا عيب جوهرى خطير.

تضمن مشروع القانون الجرائم التى يحقق فيها المفوض العام بما يحقق توسيع نطاق تجريم الأفعال المرتبطة بالفساد.. فماذا يعنى ذلك؟
هذا مجرد كلام إنشائى فمصر بها قوانين عقوبات كافية، ولكن نتيجة للوضع الخاص للنظام الحالى فالأجهزة القضائية لا تتمتع باستقلالها ولا يوجد حتى الآن قانون لمحاكمة الوزراء ورئيس الوزراء والمحافظين، وأصحاب الحظ معينين فى مجلس الشعب والشورى ويفعلون ما يريدون.

شدد البعض على ضرورة إنشاء جهاز المفوض العام مؤكدين أهمية وجود كيان خاص لمحاربة الفساد تكون له صلاحيات تفوق ما هو ممنوح للأجهزة والجهات الرقابية القائمة والمعنية بمحاربة الفساد، فهل هذا صحيح؟
بلهجة حادة أجاب: لسنا بحاجة لأجهزة جديدة.. فكل ما تم ذكره موجود ولكن تطبيقه يتم وفق الأمزجة والأهواء الشخصية، ومحاربة الفساد مثل محاربة أى جريمة نجد مثلاً جناية القتل موجودة رغم وجود عقوبة الإعدام وكذلك الحال لجريمة الرشوة وغيرها من الجرائم.

هناك من يطالب بعودة نظام قاضى التحقيق لأنه يغنينا عن كل المسميات الجديدة، فماذا يعنى هذا النظام ولماذا تم إلغاؤه؟
قاضى التحقيق لن يغنى عن الإصلاح القضائى والسياسى، ولكن وجوده سيحقق قدراً من العدالة وطبق هذا النظام فى الخمسينيات ولكن مجلس قيادة الثورة ألغاه، فسلطة الاتهام لا يجوز لها أن تتولى سلطة التحقيق وفى العالم المتقدم هناك فصل بين سلطة القضاء وسلطة الاتهام، وفى الأنظمة الجنائية الأوروبية يوجد قاضى ذو حصانة واستقلال عن السلطة التنفيذية وهذا بالطبع غير موجود عندنا والنيابة العامة تتولى كل شىء، والسؤال إذا كان قاضى التحقيق قد تم إلغاؤه فهل المفوض العام سيكون لديه نفوذ لمحاكمة وزير ما؟

نظام المفوض العام جاء استجابة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التى وقعت عليها مصر فى 2003 والمعاهدة الإفريقية لمنع محاربة الفساد وجاء استجابة أيضاً للمشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد والتى ستعتمد فى 2009، فما تصف هذه الاستجابة؟
أصفها بأنها غير مجدية وأشبهها بـ"السيارة التى فرغت عجلاتها من الهواء وبدلاً من نفخها نبحث عن من يجرها وهى أساسا خربانة"، وإذا نظرنا للنظام الحاكم فى مصر سنجده ـ وكما ذكرت فى مقدمة الحوارـ غير متوازن ومن المفترض أن نبحث عن هذا التوازن وأن يطبق القانون وأن يستقل القضاة وتكون الصحافة حرة وغير خاضعة للسلطة التنفيذية من خلال المجلس الأعلى للثقافة، وقبل كل ذلك لابد من وجود شبابية واضحة فى الرأى العام.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة