يخيم جو من التململ على معرض الكويت للكتاب فى دورته الثالثة والثلاثين التى افتتحت الأربعاء الماضى، بسبب الرقابة الشديدة على الكتب, مما أدى إلى ارتفاع أصوات تندد بها. وكان وزير الإعلام الكويتى الشيخ صباح الخالد الصباح، افتتح الدورة الثالثة والثلاثين، نيابة عن رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر محمد الصباح.
رغم إشادة وزير الإعلام بالتقدم المستمر لمعرض الكتاب، من حيث زيادة عدد دور النشر المشاركة ونوعية الكتب والعناوين الجديدة، خلال الكلمة التى ألقاها فى الافتتاح، إلا أن شبح الرقابة خيم على أجواء الافتتاح نفسه. وعن الكتب الممنوعة من دخول المعرض أكد وزير الإعلام "أن الكتب التى تتضمن إساءة للذات الإلهية، أو تثير الفتنة الطائفية لن يسمح لها بالدخول، وسنقف تجاه هذه الأمور بوضوح". وأفاد بأن عدد دور النشر المشاركة يتزايد بحيث بلغ هذه السنة 547 دار نشر تعرض 12231 عنواناً.
على صعيد آخر، أوضح كثيرون من الناشرين المشاركين فى المعرض، تعرض الكثير من كتبهم للمنع، ومن بين هذه الدور على سبيل المثل دار النهضة العربية التى منعت لها مجموعة كبيرة من الدواوين لشعراء عرب، منهم فاطمة ناعوت وعبد المنعم رمضان وسيف الرحبى وجوزيف عيساوى وعماد فؤاد وسواهم، وقائمة الكتب الممنوعة لدى هذه الدار تزيد عن نحو 45 كتاباً، بينها الأعداد الخمسة الأولى من مجلة "نقد".
أما دار "ورد" السورية فتعرضت لمنع ما يزيد عن 80 عنواناً من إصداراتها، من بينها "ابنة الحظ" لإيزابيل إليندي، "على نهر بيدرا جلست وبكيت" و"كالنهر الذى يجرى" لباولو كويلو، "المخطوط القرمزى" و"الوله التركى" لأنطونيو جالا. وكذلك منعت أعمال للروائى حيدر حيدر منها "شموس الغضب" و"الومض" و"الوعول"، إضافة إلى كتاب أو أكثر للجزائرى واسينى الأعرج والكاتب العالمى كويتزى الحائز جائزة نوبل.
وتعرضت دار الحوار السورية أيضاً لمنع عدد من الأعمال منها "عدو المسيح" لنيتشه، و"عمر بن الخطاب: السيرة المتوارية" لمالك حتماني، و"إبداع الفنان" لفيرى بيتو، و"القرد العارى" لديزموند موايس.
ومن العناوين الممنوعة لدى دار الأهالى السورية "الدولة والدين" لمحمد سعيد طالب، و"دفاعاً عن الأمة والمستقبل" لأحمد برقاوى، ولدى دار "بدايات" السورية منعت مجموعة من أعمال أدونيس وسواها.
ومنعت كذلك إصدارات عدة من دار ميريت المصرية ومنها: "بيع نفس بشرية" لمحمد المنسى قنديل، "هدوء القتلة" لطارق إمام، "الأشعار الكاملة" لأونجاريتى - ترجمة عادل السيوى، "اثنا عشر غرام سعادة" للكاتب الألمانى فريدون زايموجلو، وغيرها. ومن دار الشروق المصرية ما زال كتابا علاء الأسوانى "عمارة يعقوبيان" و"شيكاغو" بين الأعمال الممنوعة. هذا التنوع فى العناوين أعطى الانطباع لدى الكثير من دور النشر، والمتابعين والمثقفين، بعدم وضوح المعايير التى تمنع الكتب بناء عليها. ولهذا السبب نظم الكثير من الكتاب والمثقفين الكويتيين، للعام الثالث على التوالى، وقفة احتجاجية مساء أمس السبت، اعتراضاً على منع الكتب، وتضامناً من أجل حرية التعبير. لكنها كانت وقفة صامتة أمسك فيها كل كاتب شمعة وكتاباً مما يحب أو يتصور أنه كتاب من حقه أن يقرأه متى يشاء.
الكاتبة الكويتية ميس العثمان واحدة من جماعة "مبدعون" التى نظمت هذا الاعتصام، أوضحت أن الوقفة الاحتجاجية جاءت صامتة هذه السنة، وشعارها هو "اقرأ ما تشاء"، تغييراً لطريقه العام الماضى التى كانت أكثر صخباً، "وليس المقصود إزعاج الجمهور بالصراخ والضجيج، وإنما هى حملة لتشجيع القراءة وتأكيد حق البشر فى اختيار ما يقرأون، وفى باطنها رسالة ضمنية ضد الرقيب والرقابة ومصادرة حرية الفكر". وتزامن مع الحملة استخدام الكتاب فى الصحف الكويتية وشعار الحملة مع حملة موازية ضد الرقابة، ليكون بمثابة عادة سنوية. وتشير العثمان إلى الكثير من المتناقضات فى عمل الرقيب بينها منع أعمال فى عام والسماح بها فى العام اللاحق، ما يشير إلى مزاجية الرقيب، وعدم وضوح المعايير لديه. وتشير إلى أن وجود أعمال نصر أبو زيد هذا العام دليل على أن مقاومة الرقابة وقوى المنع والمصادرة فى إمكانها أن تخلخل عمل الرقيب مع مرور الوقت.
الكاتب والباحث عقيل العيدان، وهو أيضاً من جماعة "مبدعون" يرى أن مضمون الرقابة أسوا لأنه يعكس تراجعاً فى مستوى المعرض والرسالة التى عليه أن يقدمها. ويرى العيدان أن الرقابة على الكتب وتقييد حرية الأفراد فى القراءة فى جوهرها تبدو محاولة لتقويض الطبقة الوسطى فى الكويت، لأن هذه الطبقة، بصفتها الطبقة القارئة هى التى كانت وراء تنظيم أو قيادة كل الحركات التنويرية والاجتماعية التى شهدها المجتمع الكويتى خلال نهضته.
ويرى أن عملية الرقابة فى الشكل الذى تسير عليه الأمور أدت إلى نوع من الرقابة الذاتية التى يمارسها بعض الناشرين على أنفسهم، بحيث يتجنبون إحضار كتب عرفوا أنها تعرضت مسبقاً للمنع. وهذا الوضع بالغ الغرابة إذا عرفنا أن السنوات الثلاث الأولى من عمر هذا المعرض، تميزت بأنها كانت بلا رقابة على الإطلاق ومن أى نوع. ويقول إن هذا التشديد الرقابى أيضاً أدى إلى عزوف بعض دور النشر عن الاشتراك فى المعرض أساساً، على رغم أنها تشارك فى معارض مثل الرياض والبحرين والشارقة.
منع كتب علاء الأسوانى وفاطمة ناعوت وعبد المنعم رمضان والمنسى قنديل وطارق إمام
معرض الكويت للكتاب يمنع الأدب المصرى الجديد
الإثنين، 01 ديسمبر 2008 02:19 م
ديوان فاطمة ناعوت يدخل ضمن ممنوعات معرض الكويت للكتاب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة