قيادات الحزب نسوا فى خضم التباهى أن يوجهوا أى نقد ذاتى على طريقة الأحزاب الجماهيرية، وشهد المؤتمر غزلا بين أعضاء الحرس القديم والجديد وبدت الحواجز بينهما غير واضحة، لدرجة أن أحدا لم يكن يتوقع أن يحدث صدام بين كمال الشاذلى عضو المكتب السياسى وأمين التنظيم السابق، وزكريا عزمى أمين التنظيم المساعد للشئون المالية والاقتصادية، ففى جلسة «المواطنة والديمقراطية» تحدث كمال الشاذلى ووجه نقدا لنظام الانتخاب الفردى، وقال إنه أدى لوصول نواب للبرلمان «بفلوسهم»، فى اعتراف واضح -وإن كان ليس جديدا- بلعبة المال فى السياسة، واعترف أيضا أنه لايفهم بعض أوراق المؤتمر، فى إشارة لعدم رضاه عنها، وغياب التسييس، لدى معديها.كلام الشاذلى يبدو أنه أثار غضب البعض الذين استبدلوا النقد الذاتى بالهجوم على المعارضة، قاطع عزمى الشاذلى قائلا: «احنا عايزين نستفيد من كلامك لكن الوقت لن يمكننا»، فرد الشاذلى: «طالما عايزين تستفيدوا يبقى هكمل»، وواصل مداخلته، وبدا وكأنه يوجه دروسا لأصحاب الفكر الجديد، حيث دعا إلى أن يلعبوا «السياسة صح»، وإذا أضيف ذلك لانتقاده للأوراق نجدنا أمام تصور بأن الأمور ليست على مايرام، فيما يخص العضوية التى يتباهى بها عزمى وعز وأنها وصلت إلى 3 ملايين عضو.
الاحتكاك بين الشاذلى وعزمى بالرغم من أنه لم يكن عنيفا، فإنه بدا مستغربا لأن كلا من كمال وزكريا يصنفان ضمن الحرس القديم، لكن عزمى بدا أنه يجمع بين القديم والجديد، لأنه مايزال فى الصدارة. وربما رأى فى انتقادات الشاذلى محاولة لانتقاده هو شخصيا، أو خروجا على اتفاق عدم توجيه نقد ذاتى، بينما من الممكن أن يكون الأمر كله مدبرا، على أساس أن أحدا فى الحزب الوطنى لا يتحدث من رأسه.
انتقادات الشاذلى التى أثارت زكريا عزمى لم يكن لها نفس التأثير لدى أحمد عز أمين التنظيم، والذى احتل موقع الشاذلى فى الحزب، ووجه له الشكر واصفا إياه بأنه قاد العمل التنظيمى بحكمة واقتدار على مدى عقدين متتاليين، إشادة عز فى كلمته الافتتاحية، جاءت كرسالة إنه لم يعد يخشى خطر سلفه، خاصة أنه بدا عالى الصوت فى انتقاده للمعارضة، وتوجيهاته لأعضاء الحزب بمواجهة هجوم المعارضين، وظهر فى صورة «رأس حربة» ضد المعارضة والإخوان، وكلها تعليمات تصدر من قيادة قوية، وليس من شخص ينتظر الإطاحة أو التقليص كما أشيع قبل المؤتمر.
توزعت الأضواء والعيون على الأمين العام وأمين التنظيم، لكنها تركزت على أمين السياسات جمال مبارك، نجل الرئيس، الذى حظى بالمساحة الأوسع من المديح والإطراء، من قبل قيادات وأعضاء الحزب، وصل الأمر إلى وقوف صلاح الديب عضو مجلس الشورى عن الشرقية، صارخا فى حماس شديد: «والله، أنا أرى فيك قوة جمال عبدالناصر، وذكاء أنور السادات، وحكمة حسنى مبارك»، وبدا جمال غير راض عن طريقة الحديث لكن العضو وصل إلى نهاية مديحه بسلام، واذا كان العضو قدم وصلة المدح بشكل بلدى فقد استمر نفس الأداء لدى القيادات والوزراء، وفى الجلسة التى أدارها جمال مبارك حول «العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر»، وحضرها الوزراء أحمد المغربى وعلى المصيلحى، تلقى جمال وصلات إطراء بلا توقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة