الارتفاع الكبير فى السيولة الموجودة بالبنوك جعل الحاجة ملحة، وأكثر من أى وقت مضى، للتوسع فى دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للأفراد، خاصة أن هذه المشروعات هى النواة الأولى لأى اقتصاد قوى، ومعروف أن التجربة الاقتصادية الصينية الشهيرة قامت فى الأساس على التوسع فى الصناعات الصغيرة التى يقوم بها الأفراد وعدم الاعتماد فقط على المشروعات الكبرى التى تعتمد على نوع معين من العمالة وتخدم فى الغالب الفئات الأكثر غنى، على عكس المشروعات الصغيرة التى تفتح المجال لفئات مختلفة من العمالة وتقوم بإنتاج أشياء بسيطة، لكنها ضرورية لقطاعات كبيرة من الناس.
ورغم وجود هيئات رسمية سابقة أنشئت لتمويل المشروعات الصغيرة مثل الهيئة القومية لتنمية المشروعات الصغيرة، ودخول الصندوق الاجتماعى طرفا أصيلا فى هذا الأمر أيضا، فإن قلة الأموال المخصصة لذلك تجهض أى محاولة للارتقاء أو التوسع فى مثل هذه المشروعات، فى مقابل أن بلدا مثل إيطاليا مثلا يتجاوز حجم التمويل المخصص للمشروعات الصغيرة به 23 مليار دولار، وتقوم هذه المشرعات بعمليات تصدير تقدر بـ50 مليار دولار كل عام، فى حين لا يتجاوز التمويل فى مصر 100مليون جنيه.. فكيف ستقوم هذه الأموال القليلة بتمويل هذا القطاع الضخم والمهم؟
لابد من إنشاء هيئة قوية تتمتع بتمويل يتناسب مع المطلوب منها أو على الأقل تفعيل الهيئات السابقة لتقوم بدورها، لتوفير المزيد من فرص العمل، وخدمة المشرعات الكبرى عن طريق توفير متطلباتها من مواد الإنتاج الصغيرة ومنتجاتها بدلا من القيام باستيرادها بأسعار مرتفعة، وهو ما سيزيد من حجم التبادل التجارى مع الدول الأخرى، ويقلل من الاستيراد.. فهل تنتبه الدولة لأهمية المشروعات الصغيرة وتتعامل بها بجدية أكثر؟ أم تكتفى بالتصريحات عن أهميتها ونية الحكومة فى دعمها وتشجيعها دون تنفيذ أى شىء؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة