أثار الدكتور محمود محيى الدين جدلا كبيرا بين مسئولى البنوك الخاصة، عندما طالبها خلال أعمال مؤتمر اليورومنى مؤخرا بتقديم ما أسماه بـ«التمويل الرخيص» -بمعنى تقديم القروض بفائدة قليلة- خاصة أنه الطلب الأساسى لمعظم المستثمرين، إلى جانب الإجراءات الأخرى التى اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية العالمية، من تخفيض الجمارك وإتاحة الأراضى بأسعار أقل وغيرها من التيسيرات لجذب الاستثمار سواء الأجنبى أو استعادة الاستثمار المحلى الهارب من الخارج، فى محاولة للحفاظ على استمرار النمو الاقتصادى والحيلولة دون تراجعه إلا بقدر محدود لا يتعدى 1 %.
فهل تستطيع هذه البنوك تلبية دعوة محيى الدين؟ لميس نجم نائب رئيس سيتى بنك رفضت الفكرة قائلة إن البنوك التجارية هدفها الأول الحصول على الربح لأنه إذا لم يحقق تمويل المشروعات أرباحا جيدة لن تستطيع البنوك تقديم هذا التمويل، وقالت لميس نجم إن البنوك المصرية لديها القدرة على تمويل أى مشروعات أو استثمارات جديدة بما تمتلكه من سيولة مرتفعة، بشرط تأكدها من تحقيق ربح معقول خاصة بالنسبة للقروض الكبيرة أو القروض طويلة الأجل، مشيرة إلى أنه ليس صحيحا أن عمل البنوك التجارية يتركز على سوق التجزئة المصرفية، فسيتى بنك على سبيل المثال يمول العديد من الشركات الكبرى مثل «الشرقية للدخان» ويقدم لها جميع خدماته، أما عمر السايح رئيس مجلس إدارة بنك باركليز، فأكد أنه لن تكون هناك مشكلة أمام البنوك المصرية فى تمويل الاستثمارات الجديدة لأن نسبة السيولة لديها عالية، كما أن الدول التى تسعى مصر لجذب الاستثمارات منها هى دول خليجية وهى رغم الأزمة لا تزال لديها نسبة سيولة مرتفعة، وبالتالى نسبة القروض التى ستحتاجها من البنوك المصرية سيكون من الممكن تدبيرها، وأضاف «السايح» أن قبول البنوك فكرة التمويل الرخيص يخضع للسياسة النقدية التى ينتهجها البنك المركزى فى مصر وهى محاربة التضخم وهو ما يؤدى لرفع أسعار الفائدة، أما الفترة القادمة فمن المنتظر أن تشهد تخفيضا فى أسعار الفائدة نتيجة لانخفاض الأسعار، وهو ما يرغب فيه المستثمرون.
وردا على أن البنوك غالبا ما تستجيب لخفض سعر الفائدة على الودائع ولا تخفضها على الإقراض، أكد «السايح» أنها بذلك ستكون الخاسرة فى ظل سوق منافسة، قائلاً: إن البنوك فى كل الأحوال لا تعمل لكى تخسر، فإذا كان التمويل الرخيص الذى تسعى إليه الحكومة سيحافظ على ربحية البنك سنقوم به، أما إذا كان يهدف لتشجيع الاستثمار دون مراعاة ذلك فلن توفره البنوك، إلا فى حالة تقديم «المركزى» الدعم للبنوك لتوفير القروض اللازمة.
فتحى السباعى رئيس مجلس إدارة بنكى العقارى المصرى والتعمير والإسكان، من جانبه قال: بالنسبة لفكرة التمويل الرخيص كخطوة لجذب الاستثمار الأجنبى، الملاحظ أن نسبة التضخم بدأت فى التراجع نتيجة انخفاض أسعار بعض السلع على المستوى المحلى نتيجة لانخفاضها عالميا، وهو ما سيؤدى إلى إقدام البنك المركزى على تخفيض أسعار الفائدة، مما سيكون بدوره مشجعا للاستثمار، وأضاف أن السوق المصرفية المصرية بها العديد من المزايا عن الأسواق الأخرى، خاصة بعد الإصلاحات التى شهدتها خلال الأعوام الماضية، كما أن البنوك فى الخارج لن يمكنها تمويل مشروعات جديدة فى ظل الأزمة المالية، أما فى مصر فالوضع مختلف حيث إن نسبة السيولة عالية والسياسة الائتمانية جيدة والبنوك المصرية العامة والخاصة قادرة على تمويل أى مشروعات جديدة خاصة أنها تدرس موقف الشركات جيدا وضمان تدفقاتها المالية قبل الموافقة على منح أى قروض جديدة.
لمعلوماتك..
◄ 11.7 مليار دولار قيمة الاستثمار الأجنبى فى مصر عام 2007.