"شعرت بالضبط كيوم ولادتى مولودى الأول... انتظرته طويلاً، وحين أتى لم أصدق أنه أتى", هكذا عبرت باربرا سيكل الأمريكية من أصول أفريقية عن يوم الانتخابات اليوم، والذى شهد حضورا غير مسبوق جعل الناخب الأمريكى ينتظر لساعات طوال فى يوم ممطر ليدلى بصوته.
قال لى السيد مايك وهو أمريكى من أصل فنزويلى، ويبلغ من العمر الستين، إنه ليس فقط يدلى بصوته اليوم، ولكنه يشارك فى صنع التاريخ, تاريخ احتمال فوز أول أمريكى أسود بلقب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية... أما بالنسبة لمرجريت هارب السوداء ذات السابعة والسبعين، فقد عبرت دموعها عن أنها تشاهد حلما طال انتظاره، وقالت لى "لقد عاصرت أيام أن كانت هناك دورات مياه للبيض وأخرى للسود، وها أنا الآن أعاصر احتمال فوز أوباما الأفريقى بلقب الرئيس...
هذا الاحتمال يقترب الآن من كونه حقيقة, حيث تم الإعلان منذ دقائق عن فوز أوباما بولاية بنسلفانيا, والتى كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة لمنافسه ماكين, وهذا الإعلان الذى حدث لتوه ما هو إلا البداية للاحتفال بالنصر بالنسبة لأوباما, عدد النقاط الآن هو 102 لصالح أوباما و34 لصالح ماكين, وإذا استمر الحال كما هو عليه فسيكون ليس فقط نصرا لأوباما ولكن سيكون نصراً ساحقاً أيضا... اتصل بى أحد الأصدقاء الأمريكان لتوه، وقال لى "لقد أخرجنا زجاجات الشمبانيا من الثلاجة، ولكننا لم نفتحها حتى الآن". الصورة الآن تبدو كشمس توشك على الولوج لإعلان ميلاد جديد لصالح أوباما, وكان لدى إحساس قوى بحدوث ذلك بالتحديد، حين أعلن السيد كارل روف وهو مهندس الحملة الانتخابية لجورج بوش ولمنافس أوباما، أن الأخير سوف يفوز فوزاً ساحقاً، وكان ذلك فى منتصف النهار، وأعطانى إحساساً قوياً بأن نصر أوباما قريب...
حتى زوجتى السابقة اتصلت بى الآن أثناء كتابتى المقال وصرخات الاحتفال تطغى على صوتها وصوت أصدقائها المؤيدين لأوباما, والآن وقد تحقق الحلم للكثيرين, وأعلنت كل محطات ووكالات الأنباء الفوز الرسمى لأوباما بفارق كبير على منافسه 297 لأوباما مقابل 139 لماكين, وتعلو صيحات النصر، ويكتب التاريخ صفحة خاصة فى تاريخ هذا البلد، وكيف أنه فى هذا اليوم يعبر بوابة جديدة ويترك خلفه حقبة طويلة من ألم العبودية وقتل الأمل للكثيرين من غير البيض, من الصعب على أن أصف لكم كم الفرحة التى تعم هذه الأمة على اختلاف طوائفها بانتصار أوباما, تعرض شاشة التليفزيون أمامى الكثير من المشاهد التى امتزج بها الأبيض بالأسود من مختلف الأعمار, وها هو أوباما ابن الأم التى أطعمته من مساعدات الحكومة لأنها لم تستطع الإنفاق عليه, وعلى الرغم من كونها بيضاء، ولكنها ذهبت إلى أماكن السود لتشجعهم على التصويت, وذلك فى زمن لم يكن للسود فى أمريكا أى حق فى الانتخاب.....
وسط كل صرخات الاحتفال ووسط إحساسى بهدوء الإدلاء بصوتى ...لا أملك إلا أن أبلع حسرات على وطن لا يستحق أقل مما أراه الآن وأشارك فيه... هذا الوطن هو الاسم الأغلى .. مصر..
أه يا مصر متى سيأتى اليوم ويحسم مواطنك معارك الأفكار فى صناديق الانتخاب, ويدلى بصوت ليغير حتى يمشى نهار اليوم التالى مرفوع الرأس، لأنه يعلم أنه شارك فى ميلاد المولود الجديد, أه يا مصر .. متى سيأتى اليوم ونسعد بأفراحنا بدلاً من زغرودة فى أفراح الآخرين... متى سنهنئ النفس بشربات أعراسنا بدلاً من أن نتجرع أنخاب الآخرين....
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة